السلام عليكم ورحمة الله

تعلمون أنه في هذا الزمن الردىء، أصبح العرب يستجدون فيه فتاتاً من حقوقهم مقابل التخلي لمغتصبي هذه الحقوق عن جوهرها. وأصبحت الضحية تطلب المغفرة من الجاني، ويطلبون منها أن تنكر أن لها بيتاً ووطناً وتاريخاً وكرامة.

تعلمون ايضا أنه منذ عام 1948، وعلى الرغم من خمس حروب كبيرة، فإن أثار تلك النكبة لا تزال قائمة حتى اليوم. هذه النكبة، تمثلت في طرد غالبية الشعب الفلسطيني من أرضه، واحتلال تلك الأرض، وتدمير قراه وطمس تراثه. أريد أن أعود بكم اليوم إلى هذا الزلزال، بشىء من التفصيل لسبب هام:

هو أن الحجج الاسرائيلية، في مفاوضات اليوم حول الحقوق الفلسطينية، تعتمد على أباطيل ثبت كذبها. والمسألة لم تعد تصحيحاً للتاريخ فحسب، بل ضرورة لدحض المقولات الأسرائيلية التى تنكر بها حقوق الفلسطينيين، ومنها حق العودة. من هذه الأباطيل التى نشرتها اسرائيل، خصوصاً في الغرب، عبر 4 عقود من الزمان: ان إسرائيل كانت في حالة دفاع عن النفس امام سبعة جيوش عربية غزت إسرائيل للقضاء عليها وأن انتصار إسرائيل يعطيها مشروعية احتلال الأرض الفلسطينية، وأن اللاجئين نزحوا بأوامر عربية، وليس بفعل إسرائيل، وأنه بانهزام العرب، لا يحق لهم العودة، وأن جغرافية الأرض قد تغيرت الان، ولم يعد في الأمكان معرفة الأماكن والحدود، ولذلك تستحيل عودة اللاجئين، وأن عدوان العرب الذى أنتهي بهزيمتهم يعني مسئوليتهم عن تلك الكارثة، وأن عليهم توطين اللاجئين في ديارهم، بل وتعويض اليهود العرب، الذين شحنتهم إسرائيل إليها بعد ذلك بسنوات.

كل هذه ادوات تستعملها إسرائيل في سياستها التفاوضية، وقد تنجح في ذلك بغياب الدليل العربي المضاد. لذلك اريد أن اتحدث اليك بلغة الأرقام والحقائق، لا بلغة الشعارات والمشاعر.

سجل القرى المهجورة

نبدأ أولاً بتسجيل علمي دقيق للنكبة وحجمها: استناداً إلى الدراسات الأسرائيلية والفلسطينية، خصوصاً بني موريس والفريق الفلسطيني الذي قادة وليد الخالدي أدرجت في سجل كامل كل مدينة أو قرية أو قبيلة، نزح أهلها أو طردوا منها خلال حرب 1948 – 1949. وأضفت إليها عشائر قضاء بئر السبع وعدد قليل من القري التي أسقطت، وبذلك فلم يحدث أن تمكنت أقلية أجنبية عن البلاد فطرد غالبية السكان من ديارهم والاستحواذ على تلك الديار لقد سجلنا هنا ل532 محلة سكنية، سواء كانت مدينة أو قرية أو قبيلة طردت أهلها. وهذا الجدول يبين ملخصاً لسجل النـزوح حسب القضاء، ويشمل عدد المحلات، وعدد اللاجئين، ومساحة الأرض المحتلة. ومنه نجد أن عام اللاجئين عام 1948 هو 805,000 لأجيء يمثلون 85% من أهالي الأرض التي أصبحت إسرائيل

ما هو عدد اللاجئين اليوم؟ إذا أخذنا معدل النمو الطبيعي السنوي فيكون عددهم هذا العام 4,900,000 لاجيء (1998) منهم 3.6 م مسجلين لدي الوكالة و1.2 م غير مسجلين

ما هو عدد الفلسطينيين كافة، وأين هم اليوم؟ الجدول يوضح ذلك. عدد كافة الفلسطينيين عام 2000 8,250,000 حوالي 3,6000,000 نسمة. ( 46% من المجموع ) يعيشون على أرض فلسطين. ومنهم 3,270,000 (42%) في دول الطوق ( مصر والأردن وسوريا ولبنان ). وهذا يعني أن 88% من الفلسطينيين لا يزالون في فلسطين وحولها، بعد 47 عاماً من التشريد. وهذه نسبة هامة تثبت التشبث بالأرض والتحفز بالعودة اليها. ويوجد الباقي، حوالي المليون ( 13%)، في الخليج وأمريكا وأوربا. هؤلاء ذوي خبرات فنية عالية، وهم عماد بناء الدولة الجديدة، وعليهم عبء تنظيم تعبئة الشعب الفلسطيني لاسترجاع حقوقه.

إذن هذا هو حجم الجريمة التي وقعت على الفلسطينيين: لاجئون: 4,900,000 لاجيء، يمثلون 70% من الشعب الفلسطيني خارج إسرائيل. أرض مسلوبة: 18,640,000 دنم، تمثل 92% من مساحة إسرائيل

مجموع الاسباب العسكرية 442 قرية 89%
مجموع الحرب النفسية 50 10%
منطقة جاوامر من رئيس العائلة أو المختار 5 1%
غير معروف 34  
المجموع الكلي 531  

إذن، فعملية الطرد التي أصبح بموجبها الأهالي لاجئين، هي عملية عسكرية منظمة، وليست عملية فردية، أو عارضة نتيجة للحرب. وهي بذلك مسئولية إسرائيل المباشرة، وتقع تحت طائلة جرائم الحرب. وهذا أساس ثابت لحق العودة. وتستميت إسرائيل في إنكار مثل هذه الحقائق والتحاليل.

حق العودة مقدس:

الآن عرفنا حجم الجريمة، هؤلاء هم مرتكبوها، وهؤلاء هم الضحايا، هذه هي الحقائق التي تصف هذا الهولوكوست، وهذه هي الحجج والاكاذيب التي سقطت. والآن يقولون أن الاطراف المتنازعة أختارت طريق الحوار السلمي، لا النـزاع المسلح، لتحل القضايا المتنازع عليها. فليكن. أول هذه القضايا بلا جدال هو حق العودة، لانه يتعلق بجوهر النـزاع: الناس والأرض. وهذا دائم غير زائل. لن تكون لهذا النـزاع نهاية، مهما كانت سطوة القوى العادية، دون تطبيق حق العودة.

إن حق العودة مقدس، وقانوني، وممكن أيضاً.

هو مقدس، لأنه في وجدان كل فلسطيني، عاش على أمله خلال 47 عاماً، وتشرد في أنحاء الأرض وهو متمسك به، ومن أجله بدأ حركة الفدائيين منذ الخمسينات، وانشأ منظمة التحرير، وانشأ المجلس الوطني، وسطرد الميثاق الوطني، وكون عشرات النقابات والهيئات للمعلمين والمهندسين والأطباء والمحامين والفنانين، عبر أقطار مختلفة من العالم.

حق العودة قانوني:

بداية، فإنه لا وعد بلفور، ولا التوصية بتقسيم فلسطين عام 1947، ولا إتفاقيات الهدنة 1949 ملزمة للفلسطينيين بشيء. فهم ليسوا طرفا في أي منها. ولا يسبغ إي منها حقوقاً جديدة عليها، أو يحرمهم من حقوقهم الشرعية.

حق العودة أولاً مكفول بمواد ( الميثاق العالمي لحقوق الأنسان )، ومنها المادة 13 التي تقضي بحق كل مواطن في العيش في بلاده، أو تركها، أو العودة إليها، حق العودة كذلك مرتبط بحق الملكية والانتفاع بها، والعيش على الأرض المملوكة. وحق الملكية لا يزول بالأحتلال. فلا يجوز انتـزاع ملكية شخص من قبل سلطة احتلال. والاحتلال أصلاً غير مشروع في القانون الدولي. ولو أصبح الاحتلال شرعياً بأي وسيلة، منها قبول المهزوم به، فان ذلك لا يلغي حق الملكية الفردية. وحق الملكية لا يزول ببسط سيادة دولة جديدة على البلد. وعلى سبيل المثال، فان تنازل تركيا عن السيادة على فلسطين 1920، لم يسقط حق الفلسطينيين في أراضيهم. كما أن انتهاء الانتداب البريطاني، لا يعني ايضاً سقوط حقهم في الملكية الفردية.

وحق العودة أيضاً مكفول بحق تقرير المصير. وهو حق اعترفت به الأمم المتحدة عام 1946 " كمبدأ"،" وكحق " أي أنه ليس قراراً سياسياً، أو اتفاقاً بالتراضي. وقد اعترفت الأمم المتحدة بتطبيقة صراحة على الشعب الفلسطيني منذ عام 1969 فصاعداً. بل إن الجمعية العامة ذهبت إلى حد الإقرار بأن للفلسطينيين الحق في الكفاح المسلح لتنفيذه، لانه مشروع، ومستند على مبدأ الدفاع عن النفس.

لذلك فان حق العودة مكفول للفلسطينيين حسب القانون الدولي: - أفراداً، عن طريق ميثاق حقوق الإنسان. - جماعة، عن طريق حق تقرير المصير.

وحق العودة لا يسقط بالتقادم مهما طال الزمن إذ يبقي " معلقاً " in suspension. إلى أن يتحقق. لكن الخطر الوحيد على سقوط هذا الحق هو التنازل عنه على يد الافراد الفلسطينيين أنفسهم، إذ لا يمكن لأي جهة تمثل الشعب الفلسطيني أو بعضه، حق التنازل عن ذلك، حتي لو وقعت تلك الجهة على اتفاق أو معاهدة.

القرار المشهور 194 ليس قراراً واحداً بل ثلاثة

  1. الحق في العودة – سنعود إليه
  2. آلية التنفيذ. ccp
  3. الغوث حتى يتم ذلك.

أما النص الصريح الذي أصدرته الأمم المتحدة عن حق العودة، فهو القرار رقم 194/3، الفقرة 11، الصادر في 11/12/1948، وأكدته كل عام، حتى اليوم، بموافقة الأغلبية الساحقة لدول العالم، ومعارضة إسرائيل دائماً، وأمريكا أخيراً. ونصه كما يلي:

" تقرر ( الجمعية العامة ) أن اللاجئين الراغبين في العودة إلى أوطانهم، والعيش بسلام مع جيرانهم، يجب أن يسُمح لهم بذلك، في أول فرصة عملية ممكنة، وأنه يجب دفع تعويض لممتلكات الذين لا يرغبون في العودة، ودفع تعويض للخسارة والضرر الذى أصاب الممتلكات لاصلاحها وإرجاعها إلى أصلها من قبل الحكومات والسلطات المسئولة، بناء على قواعد القانون الدولي والعدالة ".

فلنتأمل نص هذا القرار قليلاً.

- الخيار في حق العودة يعود إلى اللاجئين أنفسهم، وليس لغيرهم. وإذا قرروا العودة، فإن منعهم بالقوة يعتبر ضمناً عملاً عدوانياً.

- تتم العودة في " أول فرصة عملية ممكنة ". وقد حانت تلك الفرصة عند توقف القتال وتوقيع اتفاقيات الهدنة مع مصر أولاً في فبراير 1949، ومع سوريا آخر يوليه 1949. ويعني ذلك أن منع إسرائيل اللاجئين من العودة إلى ديارهم من 1949 إلى 1996، هو خرق مستمر لهذا القرار، يترتب عليه انها مسئولة عن الخسائر الناجمة عن حرمانهم من حق العودة، واستغلال أراضيهم وممتلكاتهم طوال 47 عاماً، ومسئولة كذلك عن المعاناة النفسية التى قاسوها، على نفس المباديء التى عوضت بها المانيا اليهود لافعال النازية حسب اتفاقية لكسمبورج في 10 سبتمبر 1952.

- ويدفع التعويض عن كل ممتلكات اللاجئين الذين لا يرغبون في العودة، أما الذين يرغبة\ون في العودة، فيدفع التعويض لهم عن الخسارة أو الضرر الذى لحق بممتلكاتهم،إلى أن يعود صالحاً كما كان وعن استغلالها عدة 50عاماً وعن المعاناة النفسية في نفس المدة. وعليه، فان التعبير الشائع العودة أو التعويض " خاطيء وصحته " العودة والتعويض ". وتركز المذكرة التفسيرية للقرار على التعويض عن " النهب والسلب للمتلكات الخاصة، وتدمير الممتلكات والقرى دون حاجة عسكرية.

- المسئول عن التعويض هو " الحكومات والسلطات المسئولة ". وهذا يشمل حكومة إسرائيل، المؤقته عام 1948، وخليفتها الحالية، ومنظمات الهاجاناه والأرغون والشتيرن، والصندوق القومي اليهودي وغيرها.

- ترك القرار مسألة جرائم الحرب، لأنها لها مجموعة تشريعات كاملة خاصة بها، ولها سوابق عديدة. واليوم تتم محاكمات جرائم حرب البوسنة على هذا الأساس.

حق العودة ممكن

تعلم جميع دول العالم المساندة لفلسطين، أن حق العودة قانوني، ولذلك تصوّت عليه بالموافقة كل عام. لكنها عاجزة عن فرض تنفيذه. حكومة إسرائيل ترفض تماماً حق العودة، أو حتى مجرد التعويض، لأنها تعلم أن الاعتراف بأي جريمة وأي نزوح هو اعتراف بكامل النكبة. أما الدراسات الإسرائيلية والأمريكية، فإنها لا تستطيع إنكار هذا الحق، ولكنها تلقى عليه ظلالاً من الشك. وأهم ما تحتج به أن حق العودة " غير ممكن وغير عملي "، وأن " القرى الفلسطينية قد اختفت والحدود قد تلاشت ".

والواقع خلاف ذلك تماماً. فلا يوجد بلد في البلاد العربية أو الاسلامية أكثر توثيقاً من فلسطين، نظراً لاهميتها التاريخية والدينية. وفي زمن الانتداب البريطاني (1920 – 1948)، أصدرت مصلحة المساحة خرائط مفصلّة لفلسطين بمقياس من 20,000: 1 إلى 600: 1. وفي زمن الاحتلال الإسرائيلي، عُملت خرائط تفصيلية مرحلية لكل تغيير أو إضافة حدثت في تلك الفترة. وتملك بريطانيا وامريكا معلومات مشابهة، وبعضها متوفر للباحثين.

ولقد أصبح رسم الخرائط، واستنباط المعلومات، وتمييز القديم والجديد منها، فناً واسع الامكانيات، بفضل الحاسوب والأقمار الصناعية. ولا يشكل مشكلة فنية كبيرة.

ولا تعيش القرى المسلوبة والمدمرة في قلوب أهلها فقط، بل إنه قد تم تصويرها في مسح جوى شامل، قامت به بريطانيا عام 1945و 1946. وهذه نماذج من تلك الصور النادرة.

الصورة 1: الرملة، واحدة من 13 مدينة احتلها الإسرائيليين. وقصتها، مع شقيقتها اللد، قصة دامية، إذ صدر أمر عسكري، وقعة اسحاق رابين، بطرد 60,000 من سكانها، في قيظ شهر يوليو، فتساقط الكثير من الأطفال والشيوخ في الطريق.

الصورة 2: برير، واحدة من 420 قرية احتلتها إسرائيل، ودمر معظمها. حدثت في برير واحدة من 25 مذبحة اقترفها الإسرائيليين.

الصورة 3: المعين، واحدة من أراضي 98 قبيلة. يدعي اليهود أن أراضي بئر السبع قاحلة وغير مأهولة، وأنهم حولوا الصحراء إلى جنة. والواقع يكذب ذلك. فالواضح من الصورة أن كل دنم مزروع، وأن وراء كل زراعة مزارع يفلح الأرض ويعيش عليها.

كثافة السكان وتوزيعهم في إسرائيل:

يقول دعاة الإسرائيليين: إلى أين يرجع الفلسطينيون؟ وماذا نفعل بكل هؤلاء المهاجرين اليهود إلينا؟ هل تسعنا البلاد جميعاً؟ تتضح الاجابة على هذا السؤال بفحص ديموغرافية إسرائيل.

إسرائيل مقسمة إلى 36 “ إقليم طبيعي “. يعيش 70% من اليهود في 7 أقاليم فقط من 36، أو 80% منهم في 10 أقاليم مساحتها 2,248 كم2، أي 12% من مساحة إسرائيل. وهذه المساحة (2,248 كم2) تزيد بمقدار 841كم2 فقط عن مساحة الأراضي المملوكة لليهود ايام الأنتداب البريطاني. أي أن نمط اليهود في معيشة الجيتو، والالتصاق والتجمع، لم تتغير، رغم توفر مساحة كبيرة من الأراضي المحتلة. وهناك دلالة أخري لهذه الملاحظة: أن معظمهم اشتغل في المهن التقليدية وهي المال والتجارة والصناعة الدقيقة. والقليل منهم غيّر نمط حياته ليعمل في الزراعة في مجتمع ريفي.

وعلى العكس، يعيش الفلسطينيون في إسرائيل في 26 إقليماً من 36. في 13 منها يمثلون 30% من اليهود في نفس الاقليم، وفي 17 إقليماً يقتربون من هذه النسبة. وقد ساعد على هذا الانتشار طبيعتهم الزراعية، والحكم العسكري الذى كان مطبقاً عليهم (1948 – 1967)، ومنعهم من الأنتقال إلى المناطق المكتظة باليهود.

وما دام 80% من اليهود يعيشون في 12% من مساحة إسرائيل، فأين يعيش ال 20% الآخرون؟ معظمهم ايضا يعيشون في مدن ريفية غير متلاصقة. يعيش حوالي 586,000 يهودي في حوالي 10 مدن ريفية، ويبقي 298,600 يهودي يعيشون في الريف، وهؤلاء هم الذين ينتفعون بالأرض الفلسطينية.

أي أن 298,000 يهودي فقط يفلحون 17,445,000 دنم هي وطن 4,646,000 لاجيء فلسطيني وأرضهم وإرثهم التاريخي.

الخريطة تبيّن توزيع السكان بوضوح. يعيش 80% من اليهود في المناطق السوداء، وهي السهل الساحلي حول تل أبيب، وطريق تل أبيب – القدس، ومنطقة حيفا. وحتى في هذه المناطق، تعيش أقلية فلسطينية تمثل 11% من اليهود في نفس المناطق، ومناطق سكانها مبينة بخطوط بيضاء.

أما المناطق المنقطة، فهي شبه خاليه من اليهود، ويعيش فيها معظم الفلسطينيين (في المناطق المهشرة بخطوط سوداء) مع باقي اليهود. إن كثافة السكان الكلية في المناطق المنقطة منخفضة جداً، وتصل إلى حوالي 100 شخص/كم2 فقط.

خذ مثلا الاقاليم الست الجنوبية، يعيش فيها 35,000 يهودي فقط في الريف يسيطرون على 13,260 كم2. من الواضح إذن أن معظم مساحة إسرائيل، ذات كثافة سكانية يهودية منخفضة، تكاد تكون معدومة في الجنوب.

هل تسع فلسطين أهلها العائدين والمهاجرين اليهود؟

لو أمك عودة كل اللاجئين إلى ديارهم ( في اتجاه الاسهم )، لأمكن استيعابهم على الشكل التالي: في المناطق المنقطة يعيش كل من:
- كل الفلسطينيين الاسرائيليين.
- 20% من اليهود الاسرائيليين.
- كل اللاجئين العائدين إلى أوطانهم.

وسيكون عدد هؤلاء جميعاً 6,569,000 نسمة، سيعيشون في مساحة 18,350 كم2. بكثافة 358 شخص /كم2، وهي كثافة معقولة جداً. وهي اقل من الكثافة السكانية الكلية في 22 إقليماً من أصل 36. وحتى لو استثنينا مساحة 5000كم2، وهي المنطقة القاحلة جنوب بئر السبع، تكون الكثافة السكانية للوضع الجديد 490 شخص/كم2.

وإذا تم التعاون الاقتصادي، كما يقولون، فان المنطقة الجنوبية ستعود إلى سابق حالها، أي تكون امتداداً طبيعياً بين سيناء وشرق الأردن، وتعود الصلة التاريخية، التى قطعها احتلال اسرائيل، بين مصر والأردن، تلك الصلة التى تمثّلت، على مدي عشرات القرون، في درب الحج المصري والحج الشامي، المتجه إلى مكة من القاهرة ودمشق. وربما كان في خطط التعاون المقترحة بين مصر والأردن وإسرائيل، في منطقة طابا وايلات (أم رشرش) والعقبة، حافزُ على جبر ذلك الفصم التاريخي.

ولن تشكل عودة اللاجئين إلى ديارهم أي نزوح إسرائيلي كبير، ولو أن تصحيح آثار الجريمة التاريخية حق وواجب انساني يجب تنفيذه. والسبب أن الاسرائيليين، فشلوا في أن يجعلوا من الزراعة جزءا هاماً من حياتهم، على عكس الفلسطينيين. فعدد المزارعين اليهود لا يتجاوز 298,000 نسمة فقط ( ثلاثة ارباعهم في اعمال إدارية ) في مساحة تساوي 85% من مساحة إسرائيل. وهم في تناقص مستمر، إذ تستمر الهجرة العكسية من الاطراف إلى الوسط باضطراد، وأصبحت الزراعة تشكل 3.5 % من الناتج القومي في إسرائيل عام 1994، بدلاً من 11% من هذا الناتج عام 1950.

والزراعة تجرى في دم الفلسطيني، ولذلك استطاع المزارع في غزة، تحت ظروف الاحتلال والحصار الاقتصادي والاستيلاء على مصادره المائية، أن ينتج محصولاً أفضل من الاسرائيلي، مما دعا إسرائيل إلى فرض قيود شديدة على تصدير المنتجات الزراعية إلى إسرائيل، بل وإتلافها أحياناً.

إن عودة اللاجئين من غزة والأردن إلى الجنوب (قضائي غزة وبئر السبع)، وعودتهم من لبنان وسوريا إلى الجليل، تشكل انتقالاً سكانياً سهلاً ومعقولاً. وبذلك يرتبط جناحي المشرق العربي (مصر والشام)، الذي قطعه احتلال اسرائيل للأرض الوسيطة.

وكثافة المنطقة السكانية الجديدة التى أشرنا إليها (358 شخص/كم2) هي حوالي ثلُث كثافة الضفة، اذا أخذنا في الاعتبار المناطق الخاضعة لسلطة الحكم الذاتي، وواحد على 12 من كثافة قطاع غزة البائس، اذا أخذنا الاعتبار نفسه.

والوضع المأساوى لارتفاع كثافة قطاع غزة، وانخفاض كثافة السكان في معظم انحاء إسرائيل، يبدوا جليّاً في صورة الأقمار الصناعية لجزء من قطاع غزة وإسرائيل. يبدو إلى اليسار جزء من قطاع غزة، بكثافة 4300 شخص/كم2، بينما يتواجد المستوطنون إلى اليمين بكثافة 10 مستوطنين/كم2. وبينما يزرع الفلسطيني حقلاً متوسط مساحته 20 دنم، تبلغ مساحة حقل المستوطن 4000 دنم.

ولا يُعقل أن يرى الفلسطيني ذلك على مرمى بصره ويقبله. إن التناقض في هذه الديموغرافية الصارخة هو أكبر باعث علي عدم الاستقرار. ولا يمكن أن يسود السلام الحقيقي بتجاهل جوهر النـزاع، حتي لو بدا ذلك ظاهرياً، واستمر تحت الضغوط القاهرة.

وضع الأراضي الفلسطينية في إسرائيل

هذا موضوع طويل نلخصه في الاتي: الأراضي الفلسطينية المسلوبة مسجل معظمها تحت أسم هيئة التطوير، وهي هيئة مستقلة. وتدير هذه الأملاك ( إدارة أراضي أرض إسرائيل ) وتؤجرها لليهود فقط، للكيبوتس والموشاف، بعقود مدتها 49 عاماً ينتهي معظمها 1998. وخلقت لها إطاراً قانونياً لخدمة اهدافها.

هذا النظام العنصري الواضح، الذي ينهب الأرض الفلسطينية عياناً، ويسبغ على ذلك ثوباً قانونياً مزيفاً، يسهل التعامل معه كثيراً عند إسترجاع الحقوق الفلسطينية، للأسباب الآتية:

أولاً، لا يستطيع أي يهودي يستوطن أرضاً عربية، أن يبرز للاجىء العائد كوشان (عقد تسجيل) الأرض باسمه الشخصي، فهو مستأجر فقط. وبذلك يمكن تفادي نزاع شخصي بين ملايين اليهود وملايين الفلسطينيين.

ثانياً، ملكية الفلسطيني لأرضه تبقي ثابتة، كما أسلفنا. ولا يغيّر منها احتلال أرضه أو بسط سيادة أجنبية عليها. ويكفي تغيير القانون الأساسي، بتغيير أسم المالك من الصندوق اليهودي أو الدولة إلى أسم المالك الفلسطيني.

ثالثاً، إن (إدارة الأراضي) التي تؤجرها تملك كافة الوثائق عن الأرض الفلسطينية، والإ لما تمكنت من تأجيرها والتعامل معها. ولذلك فإن عملية استرجاع الملكية ليست معقدة.

رابعاً، إن معظم عقود الإيجار ينتهي بعد 49 سنة، أي عام 1998. وهذه فرصة مناسبة لعودة اللاجئين، يجب أنتهازها والاستعاد لها.

الموقف الإسرائيلي:

تحاول إسرائيل محاولات يائسة لاقفال ملف عودة اللاجئين بأي شكل. فمنذ تكونت هيئة التوفيق الدولية عام 1949 لتحقيق التسوية بتطبيق حق العودة دون شروط، عملت إسرائيل المستحيل، حتي بائت كل المفاوضات بالفشل، وذلك بالمماطلة وإثارة مواضيع أخري، مثل ضرورة الاعتراف بإسرائيل، وتعويض اليهود العرب. ولقد خطط بن جوريون العدوان الثلاثي عام 1956، ليقول أن ذلك غير الأوضاع السابقة دون رجعة. لكن مكاتب هيئة التوفيق الدولية لاتزال موجودة في الأمم المتحدة، ويمكن تنشيطها في أي وقت ولديها الصلاحية المناسبة ولديه الملفات اللازمة.

يقول الرأي الإسرائيلي كذلك أنه صحيح أن حق العودة مكفول حسب (ميثاق حقوق الأنسان) ولكنه ينطبق على مواطني الدولة، أي على الإسرائيليين فقط. وهذا من خطل القول. فلا يعقل أن تطرد شعباً من أرضه، وتغيّر أسم البلاد وتعريف الجنسية، لكي تنكر عليه حقوق العودة. ومثل ذلك مثل من يقتحم بيتاً ويطرد أهله، وينـزع أسم العائلة ويلصق أسمه على الباب لكي يمنع عودتهم. وهو في هذه الحالة، اقترف جريمتين: جريمة الطرد وجريمة منع العودة. كما أن حق العودة ليس حقاً سياسياً ولا علاقة له بالسيادة أو الاستقلال أو الاعتراف بحق تقرير المصير أو الجنسية العائد.

ويقول الرأي الإسرائيلي أن إسرائيل لن تكون بعد ذلك دولة يهودية، بل تكون ديموقراطية لجميع سكانها. إن على إسرائيل أن تختار: أن تكون ديموقراطية بحق، وتطبق ذلك على الجميع، أو أن تكون يهودية عنصرية، وهذا إتجاه لن يكتب له البقاء في القرن الواحد والعشرين.

يجب على إسرائيل أن تعلم أنه لا يوجد التزام قانوني أو أدبي على الفلسطينيين أن يبقوا في معاناة الشتات طوال هذه السنين لكى يؤمنوا لها دولة يهودية عنصرية بل على العكس، يوجد على إسرائيل التزام قانوني واضح وأدبي صريح، بأن تكفر عن جرائمها وأن تعيد الحقوق إلى أصحابها، وبأن تصبح دولة ديموقراطية لكل سكانها وكل من له حق العودة اليها.

ومن الواضح أن هناك تعارض واضح بين حق العودة للفلسطيني إلى أرضه، وحق العودة لليهودي في أي مكان للذهاب إلى إسرائيل والاستيطان في أرض الفلسطيني. الفرق أن الحق الأول حق أيده القانون الدولي وابرزه واقع وجود اللاجئين وصمودهم إلى اليوم. أما الحق الثاني فلم يؤيده أحد إلا إسرائيل، وهو ترف يستمتع به من يشاء من اليهود دون حاجة، وهو بحد ذاته اعتداء على حقوق الانسان الاساسية عامة، والفلسطينية خاصة.

إذن لا مناص لإسرائيل من أن تتحول إلى دولة ديمقراطية، وإن كانت أغلبيتها يهودية، وعليها أن تزيل عن نفسها وصمة الدولة العنصرية. فلا شك أنه لا يوجد مكان في العالم الحديث لدولة عنصرية قبلية. واذا ارادت إسرائيل أن تكون جزءاً من " النظام العالمي الجديد "، الذى تتعاون فيه اقتصادياً وثقافياً مع العرب، بعد توقيع معاهدات السلام معهم، فلابد أن تكون دولة ديموقراطية بمعني الكلمة.

حتى لو لم تشاء إسرائيل ذلك، ستجد نفسها مضطرة إلى ذلك قريباً. ذلك أن نسبة الفلسطينيين الآن في إسرائيل تساوي 21% من السكان. ومن المعروف تاريخياً، أنه لا يمكن قهر أقلية في بلد ما اذا زاد تعداد تلك الأقلية عن 15%. والأهم من ذلك، أن 45% من الفلسطينيين في إسرائيل في سن الشباب، وعندما يبلغ هؤلاء سن الرشد، يستطيعون انتخاب 16 عضوا في الكنيست، ولا يمكن عندئذ تجاهل حقوقهم وهويتهم.

الدعاة الاسرائيليين يشيرون أحياناً إلى " لم الشمل " كبديل عن حق العودة وهذا يعني بضعة مئات من اللاجئين. كما أنهم يريدون تفسير حق العودة احياناً بعودة " النازحين " (غير اللاجئين) إلى الضفة وغزة، أي إلى غير أراضيهم. ومن المؤسف أن هذا الموقف يلقي استجابة من بعض الحكومات العربية (التى لا تملك أصلاً حق التصرف بحقوق اللاجئين) كما أنه ينشر الاحباط بين اللاجئين. هذا الاحباط تغذيه الدعاية الصهيونية وبعض الحكومات، كأنما تقول للاجئين لا أمل في العودة، وأن بعض التعويض أحسن من لا شيء.

وتغذية لهذا الموقف، يكثر الحديث عن التعويضات، كبديل عن العودة، وهو خطأ وخطر كبيران. وقد أوضحنا أن للاجئين الحق في العودة والتعويض، وليس في العودة أو التعويض. وتشجع إسرائيل هذا الحديث، باغراء الدول المضيفة للاجئين أن خزينتها ستتسلم مبالغ كبيرة من التعويضات لبناء مدن وقرى ومصانع للاجئين. ولن تدفع إسرائيل من خزانتها شيئاً، لانها تعتبر أن المعونات الدولية التى تصل الآن للسلطة الفلسطينية هي جزء من هذه التعويضات. تريد إسرائيل أن يدفع المجتمع الدولي مبالغ تافهة للفلسطينيين للخلاص من مشكلة اللاجئين. وتبقي لها أرض فلسطين (92%) ملكاً شرعياً خالصاً مجانيا لهم.

وهكذا تخطط إسرائيل لان تتجاهل حق العودة تماما، وتسعي إلى توقيع تسوية نهائية عن التعويضات، لا عودة عنها، يدفع تكاليفها المجتمع الدولي والدول العربية:ما تسعي إسرائيل إلى ربط حق العودة للاجئين والتعويض، مع ما تدعيه من حقوق اليهود الذين نزحوا عن البلاد العربية. وتطالب إسرائيل بتعويض هؤلاء بأرقام فلكية تجاوز بكثير قيمة فلسطين الاقتصادية كلها. وبذلك يتوجب على كل لاجيء أن يدفع لإسرائيل تعويضاً ويبقي مشرداً بعيداً عن وطنه.

وليس هذا الادعاء أساس قانوني سليم. أولاً: ان حق العودة للاجئين هو حق طبيعي غير قابل للتصرف، صدرت به قرارات دولية، وأوجبت تطبيقه دون أن يكون له علاقة بأي قضية أخري. ثانياً: إن هذا الحق في العودة والتعويض هو حق قائم للفلسطينيين لدي إسرائيل مباشرة، وليس لدى أي دولة عربية، حتى تجوز فيه المقاصة. ثالثاً: ان خروج اليهود من بلادهم العربية قد تم في تاريخ لاحق لهجرة اللاجئين، ونظمته الهيئات الصهيونية، وقد تم الخروج باختيارهم لإسرائيل وطناً وتخليهم عن وطنهم الأصلي، وليس بقوة السلاح كما فعلت إسرائيل بالفلسطينيين. رابعاً: إن معظم هؤلاء كان يحمل جنسية أجنبية، ومن كان يحمل جنسية عربية، فإن عليه أن يطلب من تلك الحكومة العربية استعادة جنسيته والعودة إلى وطنه الأصلي. وإذا كان هناك بد، فال بأس من عمل استفتاء بين اللاجئين الفلسطينيين واليهود العرب في إسرائيل عن المكان المفضل لكل منهم أن يعود إليه.

الخلاصة

قد يقول البعض إن هذا كلام جيد ولكنه متفائل. من الذى يستطيع إجبار إسرائيل على قبول حق العودة؟

أقول دون تردد: الفلسطينيون. لقد عاشوا في الشتات وخاضوا الحروب وسقط منهم الضحايا وتقاذفهم العدو الصديق لمدة 48 سنة. ولازالوا صامدين. لازالوا مرفوعي الرأس. فهل يركعون الآن؟ !

يجب أن يخوضوا معركة البقاء من أجل العودة بعزم جديد. لديهم مليون فلسطيني يملكون كنـزاً من الخبرات، تكفي لتطوير اليمن والسودان وليبيا مجتمعة، وقد سبق أن طورت هذه الطاقة الأردن ولبنان والخليج. لقد فقدت الكويت وحدها بنـزوح الفلسطينيين عام 1990، 2.5 مليون سنه خبرة، ولكن لم تكسبها فلسطين.

لديهم في لبنان قوة قادرة على الحركة وهي ايضا قوة غاضبة يتجاوز تعدادها نصف مليون، ولديهم في سوريا أكثر من ثلث مليون، وفي الأردن أكثر من 2 مليون، قادرون على التعبير الصريح الواضح عن حقهم في العودة، وأنتم هنا في أرض الوطن بعيدون عن دياركم ولكنكم ترونها بالعين والقلب كل يوم.

ولديهم في منظمة ال UNRWA 20,400 موظف فلسطيني قاموا خلال 48 عاماً مليئة بالاحداث، بالرعاية الكاملة لشعب بأكمله. ولدى المنظمة أهم سجل قانوني وتاريخي لاي شعب، به اسماء كل هؤلاء اللاجئين ومواطنهم الأصلية. ويجب ان تبقي هذه المنظمة ولا تحل أو تحول أو تجيّر.

لديهم شعب فتىّ، إذ أن 55% منه عمرهم أقل من 35 سنة وهم الذين أشعلوا نار الانتفاضة، رغم أن الذين ولدوا على أرض فلسطين قبل عام 1948، وهم الان 16.6 %. وهذا يدل على أن الجيل الجديد حمل الشعلة.

لديهم شعب عطاء، لو أمكن الاستفادة منه، إذ يبلغ من هم في السن الانتاجية 37.5%، منهم الطاقة العاملة الفعلية 18%، أكثر من نصفها عاطل اليوم في الضفة وغزة.

لديهم طاقات في الميدان الإعلامي العالمي الذى اصبح الان صغيراً ومتصلاً، لاستنهاض ضمير الشعوب وتنويرها، وليس هذا الميدان، ويجب إلا يكون، حكراً على الصهيونية.

لديهم طاقات في الميدان القانوني وجمعيات حقوق الإنسان، وقد تكاثرت الأن وأصبح لها وجود وتأثير في كل مكان.

لديهم طاقات في الميدان الثقافي، ومنهم المبرزون في دوائر الفكر والأدب.

لديهم طاقات في الميدان الاقتصادي، يستطيعون أن يمنحوا تعاونهم، أو يمنعوه، بما يناسب مصلحة الوطن.

لديهم طاقات في ميادين تمثيل الشعوب خلال برلماناتها وجمعياتها الشعبية، ويستطيعون إيصال صوتهم إلى كل هؤلاء للتأثير على أجهزة اتخاذ القرار.

ولذلك فإنى أدعو دون تردد، وأؤيد الدعوات القائمة إلى تعبئة الشعب الفلسطيني مرة أخرى عن طريق تجمعات تطالب بحق العودة في كل منطقة من مناطق الشتات، مؤكدين بذلك حقاً اساسياً لا يمكن التنازل عنه، عن طريق عقد مؤتمر أو مؤتمرات لتنوير الأفكار والاستفادة من طاقات الشعب وتأكيد الثوابت وعدم التفريط بها. وهذا ليس سياسة فهي متروكة لأهلها ولا بأس أن يجتهد السياسيون والاحزاب في تخطيط شكل المجتمع الذى سنعيش فيه.

هذه الثوابت التى يجب إلا نفرط بها هي:

1- حق العودة وهو حق مقدس وقانوني وممكن ولا يسقط بالتقادم ولا علاقة له بالسيادة أو اي اتفاق سياسي.

2- حق تقرير المصير، وهو حق يؤدي إلى اقامة دولة فلسطينية مستقلة.

3- عدم جواز احتلال الأرض بالقوة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل أرض فلسطينية بما فيها القدس الشريف، عاصمة الدولة الفلسطينية.

4- الالتزام بالقرارات الدولية الصادرة منذ عام 1948 لصلالح الشعب الفلسطيني.

وإني من هذا المنبر أدعوا إلى انشاء هيئة أرض فلسطين " وهي هيئة مستقلة غير سياسية تتولي توثيق الحقوق المادية للاجئين في أرضهم وتسعي إلى استرجاعها والمطالبة بها في المحافل المحلية والدولية، في وسائل الأعلام، وأمام البرلمانات المختلفة وأمام المحاكم الدولية.

اما ترويج الفكرة القائلة بأن العرب الآن في حالة ضعف، وإشاعة الاحباط بين الفلسطينيين، فهو دس من عدو يريد الاجهاز على العرب بتوجيه الضربة القاضية لهم.

يكفي أن نستعرض الاعوام الثمانية والاربعين السابقة لنعرف الثمن الذى يكلفه هذا الاعتقاد ولنتذكر أنه مهما تعاقب صناع القرار، فانهم زائلون، وتبقي الشعوب حيّة.

لا تجلسوا في أنتظار الفرج، كفاكم نصف قرن من الانتظار
لا تتطلعوا إلى معجزة إلهية وانتم جالسون
لا تتطلعوا إلى دول العالم لإنقاذكم
لا تتطلعوا إلى قوة عظمي تعطف عليكم
انظروا إلى أنفسكم أولاً قبل الآخرين
انظروا إلى أفئدتكم لتعقد العزم على استرجاع الحق.
انظروا إلى عقولكم لكي تضع لكم الخطة والتنظيم
انظروا إلى أيديكم واجعلوها تعمل لهذا الهدف المقدس
سنعود إلى الوطن فقط عندما نستحق العودة إليه