ليست المسألة تسريبات الجزيرة والجارديان "لاوراق فلسطين" التفاوضية. فكلنا كان يعرف ما هى مواقف المفاوض الفلسطينى أمام إسرائيل على وجه العموم. وما رشح من هذه المواقف كان موضع انتقاد شديد للتنازلات المفرطة في الحقوق الثابتة. وللتأكيد على رفض هذه التنازلات عقدت عدة مؤتمرات وصدرت عشرات البيانات وسارت المظاهرات خلال السنوات الماضية.

لكن التسريبات بينت الصورة الحقيقية لخنوع هذا المفاوض والدرك الهابط الذى وصل إليه، والاستجداء المخزى الذى مارسه للحصول على دويلة يحشر مواطنوها في أقفاص منعزلة، ويتمتع فيها المفاوضون بوظيفة كبيرة وفيلا في أبو ديس أو أريحا. ولتذهب قضية فلسطين، بما فيها القدس وحق العودة، إلى الجحيم.

كان هذا هو القشة التى قصمت ظهر البعير. وهذا البعير كان صابراً لمدة 18 عاماً منذ كارثة أوسلو، ولكن ثورته قد جاء أوانها الآن.

وبعد استشهاد أبو عمار الذى تشبث بالثوابت الوطنية رغم اخطاءه الكثيرة ورغم بطانته الفاسدة، بقيت لنا الفئة التى لم يجد العدو الإسرائيلى مغنمأ من اغتيالها، مثل أبو جهاد وأبو إياد وغيرهم، بل ربما وجد منفعة كبرى من وجودها.

وهكذا قامت حكومة فيشى الفلسطينية بمهمتها الأساسية وهى مقاول باطن لإسرائيل، أقل تكلفة من بلاك ووتر وأكثر استجابة.

وبنظرة سريعة على ما كشفت عنه التسريبات نجد الآتى:

أن قضية فلسطين الأولى وهى قضية اللاجئين قد أزيلت من الجدول إلا لاستعمالها فقط كفزاعة عند اللزوم.
تقول الأوراق ويقول صائب عريقات نفسه، أن العرض الفلسطينى لإسرائيل هو إعطاء اللاجئ حق الخيار، إما أن يعود رمزياً إلى فلسطين، بحيث لا يعود إلا بضعة آلاف في مشروع لم الشمل القديم، بينما يتوالد للفلسطينيين 215,000 طفل كل سنة، وإما أن يختار اللاجئ عنوان منفاه من الارجنتين إلى تشيلى، أو يغير عنوان مخيمه من مخيم عين الحلوة في لبنان إلى مخيم بلاطة في نابلس.
والبديهية الأولى في وجدان كل فلسطينى وفي القانون الدولي أن حق العودة يتحقق فقط في عودة اللاجئ "إلى الأرض أو المنزل أو المكان الذى طرد منه هو أو عائلته عام 1948 ولم يسمح له بالعودة إليه".
أما حق الخيار للاجئ فهو بدعة أخرى. فحق العودة هو حق غير قابل للتصرف لا ينزعه أحد من رقبة أي لاجئ، فإذا ما تم تنفيذه قانوناً وفعلاً، فلكل إنسان حق استعماله في أى وقت شاء. وهو ليس تذكرة سياحية ينقضى أجلها بعد حين. وحق الاختيار لاى شخص في مغادرة وطنه أو العودة إليه (حسب المادة 13 من الإعلان العالمى لحقوق الانسان)
حق مشروع له، ولا شأن لأحد به غيره، فهو ليس مادة للاتفاقيات والمفاوضات.

  1. أن قضية فلسطين الأولى وهى قضية اللاجئين قد أزيلت من الجدول إلا لاستعمالها فقط كفزاعة عند اللزوم. تقول الأوراق ويقول صائب عريقات نفسه، أن العرض الفلسطينى لإسرائيل هو إعطاء اللاجئ حق الخيار، إما أن يعود رمزياً إلى فلسطين، بحيث لا يعود إلا بضعة آلاف في مشروع لم الشمل القديم، بينما يتوالد للفلسطينيين 215,000 طفل كل سنة، وإما أن يختار اللاجئ عنوان منفاه من الارجنتين إلى تشيلى، أو يغير عنوان مخيمه من مخيم عين الحلوة في لبنان إلى مخيم بلاطة في نابلس. والبديهية الأولى في وجدان كل فلسطينى وفي القانون الدولي أن حق العودة يتحقق فقط في عودة اللاجئ "إلى الأرض أو المنزل أو المكان الذى طرد منه هو أو عائلته عام 1948 ولم يسمح له بالعودة إليه". أما حق الخيار للاجئ فهو بدعة أخرى. فحق العودة هو حق غير قابل للتصرف لا ينزعه أحد من رقبة أي لاجئ، فإذا ما تم تنفيذه قانوناً وفعلاً، فلكل إنسان حق استعماله في أى وقت شاء. وهو ليس تذكرة سياحية ينقضى أجلها بعد حين. وحق الاختيار لاى شخص في مغادرة وطنه أو العودة إليه (حسب المادة 13 من الإعلان العالمى لحقوق الانسان) حق مشروع له، ولا شأن لأحد به غيره، فهو ليس مادة للاتفاقيات والمفاوضات.
  2. أما التنازل عن أراضي القدس وعن القدس القديمة فهو جريمة شنيعة لا غفران لها، وإن كانت قد زينت بادخال هيئات دولية وعربية في إدارة الحرم الشريف. وإذا كان القانون الدولي رفضها، فكيف يقبلها من يقول أنه يمثل تراب هذا الوطن؟
  3. أما تبادل الأراضي فهو خطيئة وطنية وقانونية وجغرافية. فإسرائيل لا تملك الأرض التى تبادلها غربي خط الهدنة التى احتلتها عام 1948 ولا تملكها شرقي خط الهدنة التى احتلتها عام 1967، وإن كانت تفرض عليها الاحتلال والسيادة. وتبادل الأراضي مخالفة واضحة للميثاق الوطنى الفلسطينى الذى يقضى بأن أرض فلسطين وحدة لا تتجزأ. ومن المفارقة أن صك الانتداب نفسه يقضى بأن فلسطين وحدة لا تتجزأ. فهل المفاوض الفلسطينى أقل وطنية من بريطانيا التى قذفت باليهود إلى فلسطين؟ وماذا لو قبل الطرف الإسرائيلي العرض الفلسطينى؟ هل تلجأ السلطة إلى الاستفتاء على انسلاخ الوطن وهو غير قانوني؟ ولو رفضه الشعب، وهذا أكيد إذا لم يكن الاستفتاء مزوراً، ماذا يكون موقفنا الدولي عندما يعلن أن اتفاقاً تم التوصل إليه رفضه الفلسطينيون وقبله الإسرائيليون؟
  4. منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطنى الفلسطينى الذى يختار قادة المنظمة هو أكبر وأهم إنجاز للشعب الفلسطينى منذ انشاء المنظمة. فنحن لم نكسب عسكرياً، رغم تضحية آلاف الشهداء بأرواحهم، وكسبنا فقط اعتراف العالم بنا. لكن الجالسين على كراسى المنظمة والمجلس منذ ربع قرن لم يعودوا يمثلون 11 مليون فلسطينى، ونصفهم ولد بعد كارثة أوسلو، وثلاثة أرباعهم في الشتات. ولم يبق تحت قبضة السلطة إلا 18% من الفلسطينيين يحكمهم نظام بوليسى يحصى عليهم أنفاسهم إذا فكروا في المقاومة ويقطع رزقهم إذا اعترضوا على سياسة السلطة.

وقد تضخمت السلطة في حكومة فيشى الفلسطينية، فابتلعت المنظمة ولم يبق لها منها إلا ختم مضبطة الشرعية لاستعمالها عند اللزوم. وباستثناء المؤسسات الفلسطينية التى سبقت السلطة مثل التعليم والصحة والبلديات، فإن ما جاء بعدها مثل القوات الأمنية والمفاوضين السياسيين والناطقين الإعلاميين ما هم إلا امتداد، مدفوع الأجر بالمال والنفوذ، للاحتلال والولايات المتحدة.

من هنا لابد من العودة إلى الجذور.

في عام 1949، اثناء زلزال النكبة، كان الهدف الأول للاجئين، الذين يمثلون اليوم ثلاثة أرباع الشعب الفلسطينى، هو العودة إلى الوطن. وفي قطاع غزة، البقعة الوحيدة من فلسطين التى لم تقع تحت احتلال إسرائيل أو ضم الأردن، عقد أول مؤتمر للاجئين عام 1950، وهدفه الأول العودة إلى الوطن من خلال برنامج وطنى يشمل المقاومة والتمثيل الشعبى للاجئين والتربية الوطنية، وانبثقت عنه "اللجنة التنفيذية لمؤتمر اللاجئين"، التى بقيت تمثلهم حتى قيام المنظمة بعد 14 سنة من هذا التاريخ، وهى التى كانت وراء انشاء أول مجلس تشريعى في غزة في اوائل الستينات، وهى التى أرسلت أول وفد للاجئين إلى الأمم المتحدة عام 1961.

وفي السنوات الأولى بعد النكبة، لم تكن المعونات الأجنبية سبباً في التخلى عن الثوابت بالرشوة المباشرة وغير المباشرة وإلقاء المحاضرات عن الواقعية السياسية كما هو اليوم، فقد أحرق اللاجئون أنفسهم غذائهم في مخازن وكالة الغوث، عندما عرضت عليهم المساعدات الأجنبية مقابل التخلى عن الوطن.

ولذلك فإنه ليس عجيباً، بعد سنوات طويلة من الحركة الوطنية التى انتهت نهاية مفجعة بأوسلو، أن حركة حق العودة قد أنبعثت من جديد بعد كارثة أوسلو مباشرة، وهى اليوم قوة كبيرة فعالة في معظم العواصم الأجنبية والبلاد العربية ذات التوجه الوطني. واعضاء حركة حق العودة الناشطين يصل عددهم إلى مليون ناشط، وهم في واقع الأمر سبعة مليون لاجئ إذا إنطلق عقالهم.

وهذا العدد من اللاجئين يشمل المهجرين في فلسطين 1948 الذين هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطينى، وقادتهم اليوم يقبعون في السجون الإسرائيلية. وهم جزء أصيل من حركة حق العودة، رغم أن المنظمة، وياللأسف، تجاهلتهم واستبعدتهم.

وكان يجب أن ننتبه إلى الإشارات الأولى لإهمال قضية اللاجئين اثناء المفاوضات على اللاجئين تم تهميش دائرة اللاجئين بغيابها الكامل عن هذه المفاوضات مما دعا رئيسها آنذاك إلى الاستقالة.

واثناء المؤتمرات الدولية التى كانت ترعاها كندا في النصف الثاني من التسعينات (وقد حضرت بعضها) كان المدافع عن حق العودة هو الافراد والجمعيات الوطنية وعلى الطرف المخالف كان يقف الطرف الإسرائيلي ومعه بعض الافراد المعينين من السلطة، وبعضهم لا يزال يشغل وظائفها اليوم.

وكان يجب أن يوأد هذا الموقف في بدايته من قبل ما تبقى من المجلس الوطنى القديم. ولكن العبء وقع على لجان حق العودة الشعبية التى قامت بدور رائع في كل أماكن تواجد الشعب الفلسطينى.

إن العودة إلى الجذور أصبح ضرورة ملحة، بعد استهلاك 18 عاماً في خدعة أوسلو، وبعد استهلاك ما يقرب من ربع قرن في جهاد وطنى لم يثمر مؤسسات وطنية لها مصداقية لدى الشعب، وبعد مرور 14 عاماً من مؤتمر اللاجئين الأول في غزة إلى إعلان قيام المنظمة عام 1964.

لابد من ثورة يؤججها حملة مفاتيح بيوتهم، فهم أصحاب الحق وأصحاب البيت وهم الذين تحملوا العذاب والتضحيات وهم الذين فقدوا العزيز والغالي من ابنائهم الشهداء. ولذلك فنحن اللاجئين ندعو إلى الآتى:

  1. إقالة كل طاقم أوسلو من أعمالهم فوراً، ورفع الشرعية عنهم وعن كل أعمالهم السابقة.
  2. عقد مؤتمر جديد للاجئين حملة المفاتيح يضم ممثليهم في كافة انحاء العالم، ويدافع عن وطنهم فلسطين بكل الوسائل. وينبثق عنه "مجلس اللاجئين".
  3. دعوة المجلس الوطنى الحالي الذى انقضت شرعيته بحكم الواقع وبحكم عجزه عن القيام بأى دور منذ عقدين من الزمان إلى الاجتماع مرة واحدة لحل نفسه والدعوة إلى انتخاب مجلس وطنى جديد يمثل كافة الشعب الفلسطينى في كل مكان (بما في ذلك فلسطين 1948 بترتيب خاص). والالتزام بالميثاق الوطنى الفلسطينى الأصلي. لم نعد نقبل الاعذار التى عطلت اتفاق الفصائل في مارس 2005 على عقد اللجنة التحضيرية للانتخابات أو ادعاء صعوبة اجراء الانتخابات أو عدم معرفة أماكن تواجد الفلسطينيين. هذه أعذار واهية غرضها الاستمرار في طريق التصفية، والحفاظ على المناصب.
  4. عند انتخاب مجلس وطنى جديد، تنشأ عنه محكمة وطنية تحاسب كل من كان له دور منذ اتفاقية أوسلو إلى اليوم في مخالفة الثوابت الوطنية أو التعاون مع العدو أو الفساد المالي والسياسي أو إهدار المال العام 

هذا قد أعلنت لجان حق العودة في العالم اليوم بيانات تدعو إلى برنامج سياسي يشمل النقاط المذكورة أعلاه.

وندعو كل اللاجئين المهتمين بهذا الموضوع، إرسال رسالة إلى مؤتمر حق العودة. info@rorcongress.com

وما ضاع حق وراءه مطالب.

سلمان أبو سته

المنسق العام لمؤتمر حق العودة