المصدر: alarabinuk.com/

رسالة سلمان أبو ستة الفلسطيني لبلفور البريطاني
رسالة سلمان أبو ستة الفلسطيني لبلفور البريطاني 
11 November 2022
 
وجهت عدة هيئات أكاديمية وبحثية مرموقة في اسكتلندا دعوة إلى الدكتور سلمان أبو ستة لإلقاء محاضرة في المناسبة السنوية لصدور وعد بلفور.
الدكتور أبو ستة هو من أبرز الباحثين في ملكية الأراضي الفلسطينية وقد أصدر كتبًا وخرائط مفصلة حول أراضي فلسطين قبل النكبة وبعدها، وهو مؤسس ورئيس “مركز العودة” في لندن.
 
استضافة أبو ستة بجامعة ادنبرة
سلمان أبو ستة
سلمان أبو ستة بجامعة إدنبرة بالمملكة المتحدة (Pixabay)
 
استضافت جامعة ادنبرة العريقة الدكتور أبو ستة في إحدى قاعاتها في المبنى الأصلي للجامعة في قلب العاصمة الاسكتلندية، وقد حضر اللقاء حشد كبير من الطلاب والباحثين وهيئة التدريس في الجامعة، وكذلك من المهتمين بالشأن الفلسطيني من مختلف الأطياف والجنسيات.
ترأس اللقاء وافتتحه البروفيسور هيو جودارد: الرئيس السابق لمركز الوليد بن طلال للدراسات الإسلامية في جامعة إدنبرة الذي عرّف بالدكتور أبو ستة، كما استعرض جوانب من حياة ارثر بلفور الذي ولد سنة ١٨٤٨ قريبا من العاصمة الاسكتلندية لأسرة ثرية، ثم انتقل الى لندن للعمل في السياسة؛ وكان لافتا أنه اختير رئيسا شرفيا لجامعة إدنبرة لمدة قياسية امتدت أربعين سنة حتى وفاته عام ١٩٣٠.
تلى ذلك كلمتان من مُنَظّمَيْ الاجتماع من جامعة اسكتلندا، الباحثان شايرا فاداساريا وتوفيق حداد؛ وقد استعرضا البحوث الأكاديمية التي تجرى حول فلسطين في جامعة ادنبرة والجامعات والمؤسسات الأخرى في اسكتلندا وفلسطين.
 
رسالة إلى بلفور
سلمان أبو ستة
رسالة سلمان أبو ستة إلى اللورد بلفور (Pixabay)
 
اختار الدكتور سلمان أن تكون محاضرته على هيئة رسالة وجهها إلى اللورد بلفور، حيث استعرض غزو بريطانيا لجنوب فلسطين سنة ١٩١٧ عندما فشل جيشها مرتين في الدخول الى غزة متكبدًا خسائر فادحة، ليعيد الكرة من خلال الهجوم على بير السبع، التي تقع في ضواحيها القرية التي عاشت فيها عائلة الدكتور سلمان منذ مئات السنين.
سرد الدكتور سلمان ذكرياته عن النكبة حيث كان عمره عندها اثني عشر عاما، وذكر لجوء عائلته الى غزة ضمن ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني الذي أرغم على هجر أرضه من خلال حملة إرهابية تضمنت استعمال السلاح وارتكاب أكثر عن مائتي مجزرة وتدمير أكثر من ستمائة قرية.
ذكر الدكتور سلمان أن كل ذلك كان يجري تحت سمع وبصر سلطات الانتداب التي كان هدفها المعلن هو إقامة ‘ وطن قومي لليهود في فلسطين؛ ولم يلق الفلسطينيون عندها من البريطانيين سوى القتل والاذى والتنكيل والسجن؛ فيما كان الصهاينة يلقون معاملة مميزة، بل ويعينون في وظائف رئيسة في حكومة الاحتلال.
 
القضية الفلسطينية
سلمان أبو ستة
سلمان أبو ستة يطرح القضية الفلسطينية (Pixabay)
 
أشار الدكتور سلمان إلى أن حملة ترويع الفلسطينيين كانت مخططة مسبقا وكان الهدف منها الاستيلاء على أرض فلسطين مع طرد أهلها منها.
ذكر الدكتور سلمان أنه خلال زيارة الى غزة قبل عام تأثر جدا بتصميم أهلها على الصمود رغم الحصار والمعاناة اليومية ومن ذلك أزيز الطائرات المسيرة الذي لا ينقطع.
ذكر الدكتور سلمان أن نسبة التكدس السكاني في غزة هي الاعلى عالميا بينما تنقص بنسبة واحد من الالف في التجمعات السكانية ” الإسرائيلية” القريبة؛ ما يعني أنه يمكن جدا استيعاب الفلسطينيين في بلادهم ضمن برنامج لإعادة اللاجئين، وهو الأمر الذي تؤكده قرارات سنوية من هيئة الأمم المتحدة التي لا تلقى اي اهتمام من جانب ” إسرائيل” ومن يدعمها ويمولها في الغرب.
كانت محاضرة الدكتور ابو ستة نموذجا فريدا من ذكريات عاشها بنفسه وكان فيها شاهد عيان على الأحداث الجسام التي مرت بوطنه وشعبه، كما كانت أيضا مذكرة اتهام لأحد رموز الظلم البريطاني الغاشم ( والمستمر ) بحق فلسطين وشعبها..
تمكن الدكتور سلمان من شد انتباه الجمهور بأسلوبه السهل الممتنع، من خلال سرد وقائع عاشها بنفسه وقدم عليها أدلة دامغة بطريقة مؤثرة ومقنعة، دون دغدغة العواطف أو اللجوء إلى الأسلوب الخطابي المباشر.
كان ذلك هو ما ينتظره الجمهور المتميز الذي حضر اللقاء، وقد تم تحقيق توقعاته بأفضل ما كان يطمح إليه
 
حفاوة الجمهور بخطاب سلمان أبو ستة
سلمان أبو ستة
 
كانت حفاوة الجمهور بالدكتور سلمان استثنائية بكل المقاييس، حيث حصل مرات عديدة على تصفيق حاد مع وقوف الحاضرين ؛ وهو أمر لا يكاد يكون معروفا في محاضرات علمية أو تاريخية في مؤسسة جامعية عريقة مثل جامعة ادنبرة.
ساد شعور أن هذا اللقاء سوف يُفعّل مساندة الحق الفلسطيني في اسكتلندا الذي هدأ كثيرا في السنوات الأخيرة؛ علما بأن أبرز نشاط هنا كان الاسبوع الفلسطيني الثقافي الأول في إدنبرة في أكتوبر من العام الماضي.
تلت المحاضرة فترة أجاب فيها الدكتور سلمان على أسئلة من الحضور، ومن النقاط التي يجدر الإشارة إليها هو تأكيده أن السنوات الأربع والسبعون الماضية ينبغي الاحتفاء بها باعتبارها سنوات صمود وتشبث بالحق الفلسطيني وليست سنوات لجوء وحسب، وكذلك تأكيده على أن أهم ما يجب على مساندي الحق الفلسطيني عمله هو إظهار هذا الحق بكل وسيلة خاصة مع استشراء العنصرية الصهيونية وترسيخها لممارسات الابارتهايد مع استلام المتطرفين الصهاينة زمام الحكم.
تم أيضا توجيه سؤال مباشر حول ما يمكن لجامعة إدنبرة عمله تجاه بلفور:
رئيسها الفخري السابق الذي أصدر وعدا ممن لا يملك لمن لا يستحق، وهل سوف يتم مطالبة الجامعة بالاعتراف بخطأ بلفور التاريخي ثم الاعتذار للشعب الفلسطيني ؟.
هذا الأمر قد لا يتم بسهولة، ولكن مجرد طرحه، بل إن مجرد السماح للدكتور سلمان بإلقاء محاضرته رغم اعتراض جهات يهودية على ذلك؛ يشكل نقطة لافتة في تاريخ طريقة تعامل اسكتلندا مع فلسطين، وهو أمر واعد بالفعل، وينبغي البناء عليه في سبيل عودة الفلسطينيين الى وطنهم، مع التاكيد على أهمية اعتراف بريطانيا بخطئها التاريخي تجاه الفلسطينين، وما يترتب على ذلك من عودتهم إلى أراضيهم وتعويضهم ومحو اثار الهجمة الضارية على أرضهم وثقافتهم، بما يمثّل إرساءً للعدل وحقوق الإنسان حسب كل القرارات والأعراف الدولية.