مقدمة:-

مضى خمسون عاما على حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حقهم المبدئي في العودة إلى ديارهم. لقد تحملوا نصف قرن من الحرب والتشرد والنفي والمعاناة، ومع هذا لم يتخلوا عن تصميمهم على العودة إلى ديارهم. في نفس الوقت تدافع مئات الآلاف من المهاجرين اليهود من جميع الأجناس والثقافات إلى إسرائيل لكي يعيشوا في نفس الديار التي طرد منها الفلسطينيون.

إن الهجرة غير المحدودة لليهود بناء على قانون العودة الإسرائيلي ورفض حق الفلسطينيين بالعودة يعتبران وصفة أكيدة للحرب وعدم الاستقرار، وعليه فلن يكون هناك سلام في الشرف الأوسط دون عودة اللاجئين.

إن الفلسطينيين لن يختفوا، وقد فشلت جميع مشاريع التوطين التي تعتمد على سياسات "الترانسفير" الإسرائيلية فشلا ذريعا لأنها تتعارض مع أكثر حقوق الإنسان مبدأية وهو حق الانسان في العيش في وطنه، ولأن 88% من اللاجئين الفلسطينيين لا يزالوا يعيشون في حدود فلسطين الانتدابية وفي شريط حولها لا يتجاوز عرضه 100 ميل. لن يقبل الفلسطينيون أن يتوطنوا في مكان آخر غير وطنهم ولن تقبل الحكومات العربية توطينهم في أي مكان آخر، كما دعمت الأسرة الدولية حقهم في العودة إلى ديارهم.

لقد آن الأوان لتحرير تفكيرنا من المعتقدات والقناعات المسبقة ولنسأل لماذا لا يمكن للاجئين أن يعودوا إلى ديارهم. هل السبب هو أن البلاد مليئة بالمهاجرين؟ سنثبت هنا أن هذا خطأ، حيث سيكون لعودة اللاجئين تأثير ضئيل جدا على الأكثرية اليهودية. هل السبب هو أن عودة اللاجئين دفعة واحدة ستقوض دعائم الاستقرار في إسرائيل؟ سنقترح هنا عودتهم على مراحل. هل ستكون هناك حرب؟ نعم. إذا استمر المهاجرون الروس في الهجرة إلى اسرائيل فان شح المياه الناتج عن ذلك سيقود للحرب، وسنقوم هنا بتفحص هذا الاحتمال.

إن المهمة الأساسية أمامنا اليوم، بعد أن فشلت كل المحاولات الأخرى، هي أن نكسر المحرمات ونجتاز حاجز الأفكار المعلبة وأن نلقى نظرة طازجة على إمكانات وكيفية إعادة اللاجئين على مراحل دون خوف من الانتقاد التقليدى. إن هذه هي الطريقة الوحيدة للتوصل إلى حل عادل ودائم.

1: حق اللاجئين بالعودة: حق مبدئي

لا يزال حق العودة الخيار الوحيد الذي تم تقبله عالميا، والذي تم تأكيده عبر الخمسين عاما الماضية بإجماع عالمي فريد.

لم يشهد العالم كارثة مثل تلك التي تمت عبر اقتلاع شعب كامل من وطنه وسلبه أرضه وممتلكاته. لم يشهد التاريخ الحديث قبل عام 1948 قيام أقلية غريبة بتدمير بنية الأكثرية الأصلية عبر احتلال أرضهم وطردهم من منازلهم. ليس لهذه الجريمة مثيل بأية مقاييس.

لقد شعرت الأسرة الدولية التي اقترحت تقسيم فلسطين بمسؤولية عميقة تجاه هذه المأساة، وفي هذا السياق قال وسيط الأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت: "إن حرمان ضحايا الصراع الأبرياء هؤلاء من حقهم في العودة إلى منازلهم والسماح للمهاجرين اليهود بالقدوم إلى فلسطين يعتبران اعتداء على المبادئ الأساسية للعدالة. وفي الواقع فانهما على الأقل يهددان باستبدال اللاجئين العرب الذين زرعوا في تلك الأرض عبر القرون." (الأمم المتحدة - وثيقة رقم أ/1948,648).

هناك إعتباران لحق العودة يجعلانه ملزما ومؤكدا: الأول هو عزم وتصميم الفلسطينيين: إن حق العودة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين حق مقدس، فرغم أنهم تفرقوا وتوزعوا في كافة أنحاء الأرض إلا أن مجتمعهم المتجانس يقوم على العائلة والقرية، فهم يتزوجون عبر البلاد على أساس العائلة أو الحي. ومن الطريف والمدهش أن حفيد أي من لاجئي عام 1948 لا يعرف نفسه إلا على أنه من قريته الأصلية التي تركها جده. وعلى المستوى الوطني تمكنت الجمعيات والمنظمات والنقابات العمالية والتجارية والنسائية والطلابية والفنية وغيرها من تمثيل الشعب الفلسطيني في العديد من البلدان.

الثاني هو أن حق العودة يقوم على أسس قانونية متينة: ففي البداية لا يعتبر أي من وعد بلفور عام 1917 أو قرار التقسيم عام 1947 أو اتفاقيات الهدنة عام 1949 ملزما للفلسطينيين حيث أنهم لم يكونوا جزءا منها، وعليه فإن أيا منها لا يستطيع أن يعطي الفلسطينيين حقوقا جديدة أو يحرمهم من أي من حقوقهم الأساسية

واعترافا بحقوق الفلسطينيين تبنت الأمم المتحدة يوم 11 كانون الأول عام 1948 قرار رقم 194 الذي تنص فقرته الحادية عشرة على أن "الجمعية العمومية (للأمم المتحدة) تؤكد على أن اللاجئين الذين يرغبون بالعودة إلى منازلهم للعيش بسلام مع جيرانهم يجب تمكينهم من فعل ذلك في أقرب موعد ممكن، وعلى أنه يجب دفع تعويضات عن الممتلكات لأولئك الذين قد يختارون عدم العودة وكذلك عن الخسائر والدمار الذي لحق بالممتلكات بحيث يعود أصله حسب مبادئ القانون الدولي على يد الحكومات والسلطات التي تتحمل المسؤولية." لقد تم التأكيد العملي على هذا القرار كل عام منذ إصداره، وتم الإجماع عليه عالميا، باستثناء إسرائيل وحديثا الولايات المتحدة الأمريكية.

من المهم هنا أن نبدي بعض الملاحظات حول هذا القرار. لقد ترك خيار العودة للاجئين أنفسهم، وعليه فإذا قرروا العودة يجب السماح لهم بذلك، لا إعاقتهم أو منعهم، فإعاقتهم أو منعهم يعتبران اعتداء يستحق الإدانة أو رد الفعل المناسب من مجلس الأمن. كذلك كان من المفترض أن يعود اللاجئون في أقرب فرصة ممكنة، والتي من المفترض أن تكون قد تمت حال وقف الاعمال العسكرية، أي خلال الفترة ما بين شباط 1949 عندما وقعت اتفاقية الهدنة مع مصر وتموز 1949 عندما وقعت مع سوريا. إن تأخر عودة اللاجئين منذ ذلك التاريخ يعتبر استمرارا في انتهاك حق العودة تتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عنه وعن النتائج المترتبة عليه.

كذلك فإن أولئك الذين يختارون العودة يستحقون أيضا تعويضات عن الممتلكات التي خسروها أو تم تدميرها مثل البساتين أو المنازل أو الورش أو المحلات التجارية أو الممتلكات الخاصة فضلاً عن إعادة الأراضي والمنازل والممتلكات لأصحابها الأصليين، أي أن هؤلاء يستحقون الحق في العودة إضافة إلى التعويض وعليه فإن الإشارة المختصرة إلى حق العودة على أنه "العودة أو التعويض" مضللة. علاوة على هذا فإن التعويض يشمل الآن التعويض عن استعمال الممتلكات مدة خمسين عاما والتعويض عن المعاناة التي تكبدها اللاجئون خلال هذه الفترة وما يزالون، وفقا للأسس التي تم تبنيها في حالة ضحايا النازية، والتي تقوم جماعات الضغط اليهودية بتطبيقها لإرغام أوروبا على إعادة ممتلكات اليهود وحقوقهم.

إلى ذلك تمتد المسؤولية في التعويض إلى كل "الحكومات والسلطات التي تسببت فيما يلزم التعويض"، ويشمل هذا حكومة إسرائيل عام 1948 والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والوكالة اليهودية وعصابات الهاجاناة والإرغون والشتيرن والصندوق القومي اليهودي وغيرهم في إسرائيل وخارجها.

إن حق العودة لا يشتق فعاليته من قرارات الأمم المتحدة فحسب، حيث يؤكد البند 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق أي فرد في ترك بلاده والعودة إليها. إن حق الإنسان بالعودة إلى بلاده حق مبدئي لدرجة أنه ذكر في الفصل الثاني والاربعون من "الماجنا كارتا" في عام 1215 بعد الميلاد. كذلك فقد حرم مؤتمر جنيف المدني لعام 1949 "التهجير القسري للأشخاص أو المجموعات.. بغض النظر عن الدوافع". تجدر الإشارة هنا إلى أن الأمم المتحدة ستعقد اجتماعات في صيف عام 1999 لتفحص الانتهاكات الإسرائيلية لهذا الإعلان.

يضمن مبدأ تقرير المصير، فيما يضمن، حق كل إنسان بالامتلاك والعيش في بلاده. لقد تبنت الأمم المتحدة قرارا بهذا الخصوص عام 1947، ومنذ عام 1969 تم تطبيق هذا المبدأ بشكل صريح في حالة الشعب الفلسطيني بما يشمل "شرعية نضال الشعب الفلسطيني من أجل تقرير المصير والتحرر" (قرارات الجمعية العمومية أرقام 2535 الفقرة 24، 2628 الفقرة 25، 2672 الفقرة 25و 2792 الفقرة 26). كذلك ينص القرار رقم 3262 الذي تبنته الأمم المتحدة في 22 تشرين الثاني سنة 1974 على أن أحد "الأعمال الأساسية" التي قام بها المجتمع الدولي كان "تأكيد حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة إلى منازلهم وممتلكاتهم التي تم تشريدهم واقتلاعهم منها والمناداة بعودتهم" (الفقرة 2)

ينص أحد أهم مبادئ القانون الدولي على أن الاحتلال لا يمنح السيادة على الأرض بسبب عدم جوازه ولا شرعيته كما أن لا الاحتلال ولا السيادة يلغيان الحق في الملكية الفردية، فعندما تنازل العثمانيون عن سيادتهم للحلفاء عام 1920 استمر الفلسطينيون بتملك أراضيهم واستمرت الحكومة الانتدابية باحترام الحقوق في الملكية الخاصة.

بناء على ما تقدم، تبقى أراضي وممتلكات اللاجئين، التي تديرها حالياً " إدارة اسرائيل للأراضي "، حقا لهم بغض النظر عمن يمتلك حق السيادة عليها أو عن مرور الزمن، وعليه يتمتع الفلسطينيون بكامل الحق بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم.

2: هل تطبيق حق العودة أمر ممكن؟ وكيف يمكن تنفيذه على مراحل؟

خلافا للخرافات التي تم ترويجها لمنع عودة اللاجئين، فإنه سيكون لعودتهم أثر ضئيل جدا على السكان اليهود الحاليين، وفي الواقع سيؤدي إلى تحسين الناتج الزراعي الآخذ بالتراجع نتيجة للإفلاس السياسي والأيديولوجي للكيبوتس.

لا تزال مسألة إمكان عودة اللاجئين من ناحية عملية تطرح بواسطة مؤلفين ومفكرين عادة ما يكونون من المتعاطفين مع إسرائيل. وتتركز ادعاءات هؤلاء بأن عودة اللاجئين "غير ممكنة وغير عملية"، وأن "القرى والمدن الفلسطينية اختفت من الوجود وسيكون من الصعب إعادة تخطيط حدودها في أماكنها السابقة".

إن الإدعاء بأن إعادة تحديد أماكن سابقة سيكون صعبا هو ادعاء خاطئ ومناف للحقيقة، إذ ليس هناك توثيق جغرافي أفضل من التوثيق الجغرافي لفلسطين وأراضيها وقراها. ففي عام 1871 قام صندوق استكشاف فلسطين (الإنجليزي) بمسح كامل وشامل مكون من 26 خريطة شملت 15000 اسم، وفي الفترة بين 1920-1947 أخرجت " مساحة فلسطين " خرائط لكل فلسطين. وبعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948 استخدمت إسرائيل نفس هذه الخرائط مع استبدال الأسماء العربية بأسماء عبرية ثم أضافت إلى الخرائط البريطانية التغييرات المادية التي شهدتها الفترة الحرجة بين عامي 1949-1959، عندما كانت القرى العربية تدمر وتقتلع وتحرث أرضها وتزرع. لم تسجل هذه التغييرات بواسطة إسرائيل فحسب، بل سجلتها بريطانيا والولايات المتحدة، كما أن دائرة أراضي إسرائيل التي كانت تؤجر الأراضي الفلسطينية لليهود تحتفظ بسجلات كاملة لكل قطعة أرض. واليوم يستطيع نظام رسم الخرائط بواسطة الأقمار الصناعية المقارنة بين الخرائط القديمة والحديثة دون أي عناء ودون تكبد تكاليف باهظة.

وهنا يطرح السؤال إلى أين سيعود الفلسطينيون وكيف سيكون مصير أولئك المهاجرين اليهود متعددوا الجنسيات الذين تم إحضارهم إلى إسرائيل؟ إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في تفحص تركيبة إسرائيل السكانية.

يظهر التحليل السكاني لإسرائيل اليوم أن تركيز اليهود هو في الغالب داخل وحول الأراضي اليهودية التي كان يمتلكها اليهود قبل عام 1948 وأن الأراضي التي ملكها الفلسطينيون لا تزال فارغة في الغالب. يمكن تقسيم المناطق الطبيعية الإحدى وأربعين التي تتكون منها إسرائيل إلى ثلاث مناطق رئيسية نصنفها أ، ب،ج (انظر الجدول والخريطة المرفقتين). تمثل المنطقة أ 8 مناطق طبيعية مساحتها الإجمالية 1683 كيلومتر مربع (8% من مساحة إسرائيل) ويقطنها حوالي 68% من اليهود (2,924,000 حسب إحصائيات عام 1994). إن هذه المنطقة هي تقريبا نفس المنطقة التي قطنها اليهود قبل عام 1948 في فلسطين الانتدابية.

أما المنطقة ب فتمثل 5 مناطق طبيعية تبلغ مساحتها الإجمالية 1318 كيلومتر مربع (7% من مساحة إسرائيل) ويقطنها 10% من يهود إسرائيل و20% من فلسطينييها. إن مساحة هذه المنطقة المختلطة هي تقريبا نفس مساحة الأراضي التي يمتلكها الفلسطينيون الذين بقوا في إسرائيل. تبين الأرقام أعلاه أن 78% من يهود إسرائيل يعيشون في منطقة لا تتجاوز مساحتها 15% من مساحة إسرائيل الإجمالية.

أما المنطقة المتبقية، وهي المنطقة ج، فمساحتها الإجمالية 17325 كيلومتر مربع وهي بالأساس أراض للاجئين الفلسطينيين. وعدا عن بعض المراكز السكانية (معظمها مدن فلسطينية أصلا) التي يقطنها يهود مدينيون لا يسيطر على هذه الأراضي الفلسطينية الشاسعة ويستغلها إلا 154000 يهودي قروي من سكان الكيبوتس وما شابهها.

مما تقدم يتضح أن عودة اللاجئين الفلسطينيين، ورغم الادعاءات الإسرائيلية، لن تتسبب في نزع أعداد كبيرة من المهاجرين اليهود من أماكن سكناهم الحالية رغم أنهم لم يكونوا مخولين بالاستيلاء على الأملاك الفلسطينية أصلا. مع هذا فقد تسهم العودة في الإزاحة الإرادية لجزء من هؤلاء ال 154000 يهودي قروي الذين يعيشون في هذه المنطقة.

لدراسة أثر عودة اللاجئين على مراحل سنقوم بتفحص سيناريوهين مهمين: الأول يتعلق بعودة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذا أمر ملح جدا نظرا لظروف المعيشة والعمل البالغة السوء وللعديد من المعوقات التي يعيشون تحتها، أما الثاني فهو عودة اللاجئين الفلسطينيين في غزة، حيث يحشر أكثر من مليون شخص داخل مساحة لا تزيد عن 360 كيلومتر مربع دون عمالة أو مستقبل. إن هؤلاء اللاجئين عادة ما يوصفون بالبارود السياسي للشرق الأوسط، ورغم أن مجمل قضية اللاجئين يجب أن تحل، إلا أن هذين الوضعين القابلين للانفجار يجب معالجتهما دون أي تأخير.

يبين الجزء (1) من الجدول رقم (1) تصنيفات المناطق في ذلك الجزء من فلسطين الذي أصبح إسرائيل عام 1948، أما الجزء الثاني فيبين التوزيع السكاني في نفس المنطقة بعد نصف قرن. تجدر الملاحظة هنا أن تركيز اليهود اليوم مشابه جدا للتوزيع السكاني عام 1948، فالجدول يبين أن هناك 154000 يهودي قروي فقط يعيشون في المنطقة التي طرد منها اللاجئون (المنطقة ج). إن معدل الكثافة السكانية في المنطقة ج في إسرائيل هو 82 شخص/كيلومتر مربع، أي ما يعادل 4% فقط من الكثافة السكانية في مركز وأواسط البلاد ومع أن اليهود يشكلون 90% من مجموع السكان في أواسط البلاد، إلا أنهم لا يشكلون أكثر من ثلثي السكان في منطقتي بو ج وهذه الأغلبية بنسبة الثلثين في تلك المناطق كان سببها الرئيسي طرد الفلسطينيين من أراضيهم واستبدالهم بيهود.

إذا عاد اللاجئون في لبنان إلى منازلهم في الجليل وغيره من المناطق (الجزء 3 من الجدول رقم1) فلن يشعر الإسرائيليون (سواء اليهود أو الفلسطينيين) بأي أثر يذكر، حيث ستزداد الكثافة السكانية الجديدة بنسبة 1% فقط في المنطقة أ، 6% في المنطقة بو 17% في المنطقة ج التي سيعود إليها معظم اللاجئين. يتبين مما تقدم أن القلق المضخم عن بقاء اليهود غالبية غير مبرر، حيث أنهم يمثلون أكثر من 50% من مجموع السكان حتى في المناطق التي سيكونون فيها الأقل عددا. إن اليهود الذين قد يشعروا بآثار عودة هؤلاء اللاجئين هم اليهود القرويين (الكيبوتسات والموشافات - المستوطنات

الزراعية والصناعية) والذين لا يزيد عددهم عن 76,000 بينما سيستمر اليهود المدينيون (71% من اليهود) في الحياة والازدهار في المدن حيث يعيش 90% منهم في تسع مدن فقط، منها ثلاث فلسطينية (عكا، طبريا وشفاعمرو).

بينما يمكن للاجئين في لبنان أن يعودوا إلى مناطق هي في الغالب عربية دون ترك أي تأثير يذكر على اليهود، يمكن للاجئين في قطاع غزة أن يعودوا إلى أراض شبه خالية حيث أن اليهود القرويين الذين يستغلون أراضيهم الآن موزعون بمعدل 6 أشخاص/كيلومتر مربع أو ما يقارب واحد بالألف من الكثافة السكانية في قطاع غزة. إن عدد اليهود القرويين في النصف الجنوبي من إسرائيل لا يزيد عن 79000 مواطن، وبالإضافة إلى هذا العدد هناك 553000 يهودي مديني متمدن يعيش ثلثيهم في ثلاث مدن فلسطينية (بئر السبع، أسدود والمجدل أو عسقلان)و 24% في ثلاث مدن جديدة ويعملون في الصناعة والتعليم والخدمات. إن عودة اللاجئين في غزة إلى ديارهم ستكون ذات فائدة لأولئك اليهود، وبالعكس، وعليه تعتبر عنصرا إيجابيا. وكما يتضح من الجزء 4 من الجدول رقم 1، ستتسبب عودة اللاجئين من قطاع غزة في زيادة الكثافة السكانية الكلية في إسرائيل بنسبة 6% فقط في المنطقة أ، 5% في المنطقة بو 32% في المنطقة ج التي سيعود إليها معظم اللاجئين. وكما في حالة اللاجئين العائدين من لبنان، سيبقي اليهود بغالبية أكثر من 50% حتى في المنطقة ج حيث هم الأقل عددا.

رغم ادعاء اسرائيل المضخم بتحويل الصحراء إلى أرض خضراء، إلا أن عدد السكان الحالي في الجنوب أقل بكثير من قدرة استيعاب المنطقة. والمناطق المزروعة حاليا، والتي غالبا ما تكون مروية، ليست إلا جزءا من المساحة التي زرعها الفلسطينيون قبل عام 1948. إن الإسرائيليين في المنطقة الجنوبية مركزون في ست مدن، ونصفهم في بئر السبع فقط، تاركين 32000 يهودي قروي ليسيطروا على 14,320 كيلومتر مربع.

من المهم أن نلاحظ هنا أن عدد اللاجئين الذين سيعودون من غزة ولبنان أقل من عدد المهاجرين الروس الذين سمح لهم بدخول إسرائيل بحرية مطلقة خلال هذا العقد. وبينما نلاحظ بوضوح أن دخول الروس إلى البلاد يسبب توترا داخل إسرائيل ويشكل أحد المعوقات أمام السلام في المنطقة وربما سيكون سببا في حرب جديدة (انظر البند 4)، ستعمل عودة اللاجئين من غزة على إيجاد سلام واستقرار في منطقة الشرق الأوسط. إن هذا الامر لا يغيب عن الأصدقاء والخصوم على حد سواء.

إذا تم تطبيق حق العودة وعاد الفلسطينيون إلى ديارهم، فلن يكون هناك أي انتهاك يذكر لمجال حياة اليهود (Lebensraum) لأن الفلسطينيين، ومعظمهم مزارعون، سيعودون إلى حقولهم التي حرثوها عبر القرون وستعوض جهودهم عن الانخفاض الذي حصل في الناتج الزراعي الإسرائيلي من 11% من الناتج القومي الإجمالي عام 1950 إلى ما لا يزيد عن 3.5 % عام 1993، والذي سيستمر بالانخفاض إذا استمرت المناطق الريفية، وخصوصا في جنوب البلاد، بالمعاناة من هجر الإسرائيليين للأرض مفضلين العيش في المدن. لقد تمكن مزارعو غزة، رغم حرمانهم من الدعم الاقتصادي وإمدادات المياه، من إنتاج محاصيل زراعية أفضل وأكثر من الإسرائيليين، وعادة ما يلجأ الإسرائيليون إلى تدمير منتجاتهم الزراعية المعدة للتصدير على نقاط الحدود سواء نتيجة للمعوقات أو لسوء النية.

عندما يعم السلام ستعود الرابطة التاريخية بين مصر والأردن والسعودية، والتي قطعها الاحتلال الإسرائيلي للنقب. ومع التعاون الاقتصادي المتوقع يمكن للرأس الجنوبي للنقب (نقطة التقاء أربعة دول على خليج العقبة) أن يتطور إلى منطقة تجارية وترفيهية هامة.

علاوة على هذا، وعلى المستوى الإنساني، ستؤدي عودة اللاجئين في لبنان إلى ديارهم في الجليل إلى تجديد روابطهم مع أهلهم في الضفة الغربية وإلى إعادة شمل العائلات التي قطعتها الظروف السابقة وإلى تجديد التواصل التاريخي بين الأردن ولبنان عبر الضفة الغربية والجليل. ليس هناك أدنى شك في أن السلام سيعود عندها إلى جنوب لبنان وشمال إسرائيل المتوتر حالياً، ومثل هذا التطور الايجابى لا يمكن تجاهله بسهولة.

رغم أن الفلسطينيين يتمتعون بكامل الحق في استعادة أراضيهم ومنازلهم من اليهود، إلا أن إعادتهم إلى وطنهم بهذا النحو لا يعود بالضرر على أحد وسيجعل هذا عودة اللاجئين عملية ومنطقية. إضافة إلى ذلك ستتم إعادة التواصل بين المشرق والمغرب العربيين، والذي لا شك أن قطعه كان أحد الأسباب الهامة في استمرار الحروب.

إن طرد الفلسطينيين لا يمكن قبوله كأمر مفروض ولا يمكن تجاهله تحت أية درجة من الواقعية. الآن يكتظ قطاع غزة باللاجئين (2500 شخص/كيلومتر مربع أو 4200 شخص/ كيلومتر مربع إذا استخدم صافي المساحة) بينما يرى اللاجئون عبر الأسلاك الشائكة أراضيهم إلى الشرق حيث يعيش ستة أشخاص في كل كيلومتر مربع واحد. أن هذا التباين الصارخ في التوزيع السكاني هو السبب الجذري لهذا الصراع.

الجدول رقم 1: التوزيع السكاني في إسرائيل في الماضي والحاضر ومع عودة اللاجئين

1 - فلسطين عام 1948 عندما احتلتها إسرائيل

الوصف المساحة التصنيف
الأراضي التي يتحكم بها اليهود عام 1948 1662 أ
باقي الأراضي الفلسطينية 1465 ب
الأراضي التي طرد منها الفلسطينيون 17168 ج
المجموع 20325 -

2 - إسرائيل عام 1994

الوصف المساحة مجموع اليهود (× 1000) منهم: اليهود القرويون (× 1000) الكثافة السكانية الحالية نسبة اليهود (%)
غالبية يهودية شبة مطلقة 1663 2924 115 1934 90
مختلطة 1318 420 100 482 66
التركيز الفلسطيني 17324 956 154 82 67
المجموع 20325 4300 369 261 81

3 - إسرائيل مستقبلا - مع عودة اللاجئين من لبنان

الوصف الفلسطينيون العائدون (× 1000) الكثافة السكانية الجديدة (شخص/كيلومتر مربع) نسبة اليهود %
منطقة أ 41 1959 89
منطقة ب 40 512 62
منطقة ج 248 96 57
المجموع 329 278 76

4 - إسرائيل مستقبلا - مع عودة اللاجئين من غزة

الوصف الفلسطينيون العائدون (× 1000) الكثافة السكانية الجديدة (شخص/كيلومتر مربع) نسبة اليهود %
منطقة أ 197 2052 85
منطقة ب 30 505 63
منطقة ج 452 108 51
المجموع 679 295 76

3: مشاريع إعادة التوطين: فشل ذريع

شهدت الخمسون سنة الماضية طرح ما يزيد عن ستة وثلاثين مشروعاً، كلها بواسطة متعاطفين مع إسرائيل، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أي مكان من هذا العالم إلا في ديارهم. لقد فشلت جميع هذه المشاريع حتى الآن، ومن غير المتوقع أن ينجح أحدها.

لقد جرى طرح وترويج العديد من المشاريع المؤيدة لإسرائيل والمسلحة بخرافات تخدم هدف التخلص من "مشكلة اللاجئين" إلى الأبد. تعتمد هذه المشاريع على الطروحات التالية: أن الفلسطينيين ليسوا شعبا بل هم مجتمع من العرب، أنه ليس هناك دولة اسمها فلسطين، أن "الفلسطينيين" هاجروا إلى ذلك المكان منذ زمن ليس ببعيد، أن من يسمون أنفسهم الفلسطينيين ليس لهم أصول ومعظمهم من الرعاة الذين لا تربطهم بالأرض روابط عميقة (مثل اليهود)، أنهم متخلفون ولم يحاربوا جيدا ولذا فهم لا يستحقون تلك البلاد على أية حال. بناء على ما تقدم فإن نقلهم أو طردهم إلى أماكن أخرى لا يشكل خسارة إنسانية أو مادية. أما اليهود فهم شعب يتم إعادة تشكيله ويجب إحضارهم من كل بقاع الأرض ليشكلوا هوية جديدة أو مجددة، وهم "متحضرون" ويستطيعون تطوير الأرض بفاعلية أكثر. لقد كانت إحدى النتائج الطبيعية لهذه الاعتقادات الزائفة أن تقطيع أوصال الشعب الفلسطيني وإنهاءه أصبح أمراً مقبولاً بشكل تام، وأن استبدال الفلسطينيين بمهاجرين روس لخلق شعب جديد هو عمل إعجازي من صنع الله ونصر رائع للحضارة. إن هذه المعادلة التي يكسب فيها طرف على حساب الطرف الآخر هي السبب الجذري لكل الشر في هذا الصراع.

كما تبين بوضوح عند السماح بنشر بعض الوثائق الاسرائيلية المحظورة، تنبع فكرة إعادة التوطين من سياسة "الترانسفير" أو الإحلال الصهيونية. فبعد عام 1948 اقترحت المشاريع الغربية مثل مشروع ثيكنس لعام 1949 إعادة توطين اللاجئين في سوريا والعراق (لم تقترح لبنان آنذاك) وربما بمساعدة الاونروا كأداة لهذا التوطين. وبعد عام 1967 اقترح مؤلفون مؤيدون لإسرائيل كما هائلا من مشاريع إعادة التوطين، ففي عام 1993 اقترح المؤلف بيريتز، والذي عادة ما يكتب حول هذا الموضوع، حلولا تسمح بعودة عدد محدود من اللاجئين إلى دولة هزيلة وليس إلى ديارهم. كما اقترح هذا المؤلف تعويضا محدودا عن الأملاك المفقودة، يقابله الادعاءات المبالغة وغير ذات العلاقة بالتعويضات لليهود الذين تركوا البلاد العربية ليستوطنوا في فلسطين. مثل هذه الطروحات روج لها أيضا المؤلف هيلير عام 1983 عندما اقترح إعادة توطين اللاجئين في أماكن غير ديارهم مع عودة محدودة لبعضهم (750000 من أصل 2700000 مؤهلين للعودة عام 1980) إلى دولة هزيلة أيضا وليس إلى ديارهم.

يصف شلومو غازيت، أحد جنرالات الجيش الإسرائيلي المتقاعدين، الاقتراح الإسرائيلي شبه الرسمي المتعلق ب"الترانسفير". في هذا السياق يصر غازيت على الصفة "النهائية" للحل و"نكران" حق العودة وتفكيك الاونروا وإلغاء الوضع الخاص للاجئين الفلسطينيين، وكمكافأة على هذا يريد غازيت من إسرائيل أن تصدر "اعترافا أخلاقيا نفسيا" بمعاناة الفلسطينيين خلال الخمسين عاما الماضية. ولتجنب الاعتراف بمسؤولية إسرائيل يقترح غازيت أن يأتي هذا الاعتراف كجزء من قرار للأمم المتحدة يلغي حق العودة الذي أكددته الفقرة 11 من قرار الأمم المتحدة رقم 194.

وحديثا كان هناك انبعاث جديد لمقترحات تدعوا إلى نقل "ترانسفير"و إعادة توطين اللاجئين. لقد كانت هذه المقترحات تعمم تحت اسم الحلقات الدراسية الفكرية وتغلف بأغطية مؤسسات غربية موالية لإسرائيل لإخفاء هدفها الحقيقي وهو الاستمرار في طرد الفلسطينيين واستبدالهم بمهاجرين يهود جدد.

تقترح دونا آرتز في تقرير لقي رواجا كبيرا تشتيتا دائما للفلسطينيين بتوطينهم أينما تواجدوا (مع تعديلات تجميلية) أو أينما شاءوا إلا في ديارهم. لقد اقترحت آرتز "حلا نهائيا" للفلسطينيين ولكن تقريرها احتوى على أخطاء في سرد الحقائق ومن ثم بنى عليها. ففي حديثها عن خطة "الترانسفير" الدائم في الجدول رقم 4,1 صفحة 88، تقتبس آرتز تقديرات لدائرة الاحصاء الأمريكية لعدد اللاجئين عام 2005 التي لا تذكر الفلسطينيين في أوروباو الأمريكيتين ثم تأخذ نصف عدد اللاجئين في "دول الشرق الأوسط الأخرى" لتضيف إليه "دول غير شرق أوسطية". كذلك فإن جداولها حول المجموع الإجمالي للفلسطينيين تقلل المجموع بحوالي مليون شخص (تقدير عام 1995: بين 7025000 على الأقل - 7590000 على الأكثر). علاوة على هذا فإن جوهر خطة آرتز هو إعادة توطين اللاجئين بشكل رئيسي أينما تواجدوا مع "ترانسفير" جديد ل 1800000 لاجئ نصفهم إلى أوروبا والأمريكيتين والنصف الآخر إلى الضفة الغربية، ومعظم هذا النصف هم من "النازحين" الذين كان من الطبيعي أن يعودوا لو لم تستمر إسرائيل في احتلال الضفة الغربية رغم إرادة المجتمع الدولي. بعد ذلك تدعو آرتز إلى تحميل نصف اللاجئين في قطاع غزة مشقة "ترانسفير" آخر إلى مكان آخر مع السماح لعدد ضئيل جدا بالعودة إلى منازلهم في إسرائيل إذا التزموا بقواعد صارمة بدأت إسرائيل بتطبيقها عام 1950. أما الجديد في هذا الاقتراح القديم فهو أنه سيكون بإمكان الفلسطينيين أن يحافظوا على روابطهم كشعب بحمل نوع من أوراق الهوية الفلسطينية شريطة أن يتخلوا عن مطالبتهم بأرضهم التي سيكون بمقدور إسرائيل عندئذ الاحتفاظ بها بشكل قانوني. وكنوع من الكرم تقترح آرتز أن تقوم إسرائيل بالسماح بعودة 75000 فلسطيني بعد تمحيص دقيق جدا وخلال فترة محدودة، وإذا ما ترجمت هذه الأرقام للغة أرقام عام 1948 فان ذلك يعني عودة ما لا يزيد عن 8000 من اللاجئين الأصليين وهذا جزء صغير من العدد الذي اقترحه ترومان عام 1948 كثمن لانضمام إسرائيل للأمم المتحدة وهو 300000 لاجئ (انضمت إسرائيل إلى الأمم المتحدة بعد أن وعد شاريت بالسماح بعودة 100000 لاجئ ولكنه بالطبع لم يوف بتعهده).

وحديثا قدم مفكران إسرائيلي وفلسطيني اقتراحا مشتركا تبنته جامعة هارفارد يدعوان بموجبه إلى مقايضة بين الاعتراف الورقى بالذنب الإسرائيلي واقتناع الفلسطينيين بأن تطبيق حق العودة بات "مستحيلا". إن هذا الفكر المنعزل لا يجد له صدى بين اللاجئين.

علاوة على هذا يسلم الاقتراح بان الروس والأثيوبيين والبولنديين والمغاربة يتمتعون بحق العودة إلى إسرائيل دون شرط إذا كانوا يهودا، وأن الفلسطينيين وغيرهم يجب أن يدفعوا لهم تعويضات إذا تركوا منازلهم في الدول العربية ليستوطنوا في فلسطين. أما الرسالة التي وجهوها للخمسة ملايين لاجئ الذين تشكل أراضيهم 92% من مساحة إسرائيل الحالية فهي "نحن آسفون لكل ما حدث عام 1948 وهذا يكفي"، ولا يعتصر منهم وزن حقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة، وفوق كل شيء تصميم الفلسطينيين الراسخ على العودة، أكثر من اعتذار أجوف لا يأتي من القلب.

إلى ذلك يدعو هذا الاقتراح إلى ربط عدد اللاجئين الذين سيسمح لهم بالعودة (إلى الضفة الغربية وقطاع غزه الذين تركت حدودهما غير معرفة) بقدرة المنطقة المتبقية على الاستيعاب وبقبول إسرائيل لهم. إن الأشخاص الذين يعرفون الصعوبة الحالية في الحصول على بطاقة هوية فلسطينية يعرفون أن "العودة" حسب هذه الشروط ليست إلا مغالطة كبيرة. وبحسب دراسة قام بها ك. مكارثي من شركة راند الامريكية المعروفة فإن القدرة الاستيعابية للضفة الغربية، ناهيك عن قطاع غزة، أقل بكثير من أن تسمح بدخول عدد ملموس من اللاجئين، أضف إلى ذلك انه في الواقع لن يسمح لهؤلاء اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وإنما سيتم تغيير عنوان مخيمهم إلى فلسطين. وبما أن الأوضاع الحالية أسوأ من السابقة فإن هذه "التسوية" التي تعتمد على القدرة الاستيعابية والموافقة الإسرائيلية تصبح غير ذي فائدة أبدا.

رغم ذلك، يبقى الأمر الأكثر وقاحة في الموقف الإسرائيلي ربط التعويض للفلسطينيين بالتعويض لليهود. إن التقرير يتجاهل ذكر حقيقة أن الفلسطينيين يستحقون كلا من العودة والتعويض، وتقدر الدراسات الجديّة مجموع مطالب الفلسطينيين الشرعية في التعويض بحوالي 511 مليار دولار أمريكي عدا المنازل والأراضي. إن هذه الأخيرة ليست للبيع والفلسطينيون مصممون على استرجاع جميع أملاكهم. لا نفهم لماذا تجاهل التقرير هذه الحقائق بينما يرى اليهود أملاكهم السابقة في أوروبا تعود إليهم دون الحاجة إلى أي قرار من الأمم المتحدة بفضل أساليب الضغط التي تمارسها المنظمة العالمية لاستعادة أملاك اليهود.

إن ربط مطالب الفلسطينيين بتعويض اليهود الذين تركوا البلدان العربية أمر غير ذي صلة لثلاثة أسباب: الأول أن هذه الهجرة اليهودية إلى إسرائيل وقعت بعد طرد الفلسطينيين وكنتيجة لها، وعليه فقد استفاد هؤلاء اليهود من الأملاك الفلسطينية ويفترض أن يدفعوا هم تعويضا لقاء ذلك، لا أن يتلقوا تعويضا. الثاني أن مطالب اليهود بالتعويض يجب أن توجه إلى البلدان التي تركوها إراديا - يجب عليهم أن يتقدموا إلى تلك البلدان بطلبات لاسترجاع ممتلكاتهم وجنسياتهم السابقة وهذا الأمر لا يعني الفلسطينيين إطلاقا. أما الثالث فهو أنه ليس هناك أي قرار للأمم المتحدة أو أي إجماع دولي بدعم هذه المطالب اليهودية كما هو الحال بالنسبة للفلسطينيين، وحقيقة الأمر أن المطالب اليهودية مبالغ فيها ولا تهدف إلا لوضع العقبات أمام المطالب الفلسطينية الشرعية.

إن التقرير الذي تبنته جامعة هارفارد لا يذكر أبدا أن الهجرة اليهودية تشكل تهديدا للاستقرار في المنطقة - بل وحتى سببا للحرب - أو أنها تزيد من الضغوط على مصادرها المحدودة وخصوصا المياه. إن هذا التقرير لا يتساءل أبدا عن الطبيعة العنصرية لقانون العودة اليهودي، ولا يقر بالمفارقة بين رفض حق الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وبين الحرية غير المحدودة بدخول مهاجرين جدد إلى نفس تلك الديار.

من البديهي أن تفشل جميع مشاريع إعادة التوطين فشلا ذريعا لأنها تتنكر لواحد من أكثر حقوق الشعوب بداهة وهو حق العودة إلى الوطن. رغم الحروب الكبيرة والمعاناة والكثير من خيبة الأمل، أظهرت الخمسين سنة الماضية أن الفلسطينيين يصرون على عودتهم إلى ديارهم. لقد آن الأوان لمواجهة الحقيقة وإلقاء نظرة جديدة على حلول جديدة وطبيعية ودائمة بدلا من العزف على أوتار أفكار بالية.

4: المزيد من الروس ولا عودة للاجئين يعني الحرب

إن تدفق المزيد من المهاجرين الروس والتنكر لعودة اللاجئين سيقودان إلى عدم استقرار في المنطقة وفي النهاية إلى الحرب. فيما يلي السبب.

إلى متى تستطيع إسرائيل أن تستمر في مصادرة المياه العربية؟ ما هو عدد السكان الذي يستطيع أن يعيش بمصادر المياه الحالية؟

أولا يجب أن نلاحظ أن إسرائيل استهلكت حوالي 80% من مصادر المياه التي بحوزتها لأغراض الزراعة، فقد قدمت بإرادتها ال 80% الأولى من مصادر المياه التي بحوزتها للكيبوتسات (المستوطنات الزراعية) بأسعار مدعومة تتراوح بين 5.85 – 12.5سنت/متر مكعب (بالمقارنة مع السعر المحدد للاستعمال المحلي وقدره 50سنت/متر مكعب والذي يرتفع في المناطق الصحراوية، حيث هناك حاجة لتحلية المياه، إلى 1.6 دولار/متر مكعب أو ما يعادل 16 ضعف تكلفة المياه للمزارع الإسرائيلي).

كيف يمكن أن ندلل على هذا التبذير؟ إن عددا ضئيلا هم “الطبقة المختارة” من المزارعين في الكيبوتسات (المستوطنات الزراعية) على حافة الإفلاس يتصرفون ب85% من الأراضي الفلسطينية. إن سوء استغلال هذه الكيبوتسات للمصادر المائية يتعدى الحدود الآمنة للطبقات الحاملة للمياه بكثير، فقد لوحظ تدمير خطر للآبار الارتوازية في كل من منطقة السهل الساحلي وقرب طبريا. كذلك يتم ضخ مياه عذبة من نهر اليرموك إلى بحيرة طبريا، مما يجعل مياه الجزء الأسفل من نهر الأردن، والتي من الممكن للأردنيين استغلالها، غير قابلة للاستعمال لأغراض الري. إلى ذلك فإن ملوحة مياه قطاع غزه مسؤولة عن تردي الناتج الزراعي، كما تسبب تلوث المياه في انتشار الكثير من المشاكل الصحية. لقد كان هذا الاستغلال غير المسؤول لمصادر المياه، إضافة إلى النهم الشديد للمزيد منها، أحد أهم أسباب حربي عام 1967و 1982، وربما يتسبب بحروب أخرى في المستقبل.

ازداد استهلاك المياه في إسرائيل من 350 مليون متر مكعب لكل عام في عام 1950 إلى 1000 مليون متر مكعب لكل عام في عام 1956 بسبب تحويل مياه قناة طبريا وتجفيف بحيرة الحوله وتحويل مياه نهر العوجا. وبعد الوصول إلى الحد المسموح به لاستغلال المياه في منطقتها عام 1958 بدأت إسرائيل باستغلال مياه الآبار الارتوازية في الضفة الغربية قبل حرب عام 1967، ففي عام 1965 استكملت إسرائيل بناء أنبوب رئيسي للمياه ودمرت مشاريع الري السورية، مما أدي إلى زيادة استهلاكها للمياه إلى 1320 مليون متر مكعب/عام، منها 820 مليون متر مكعب من المياه العربية. وباستيلاء إسرائيل على منابع المياه العربية عام 1967 واحتلال جنوب لبنان عام 1982 ازداد استهلاك المياه فيها إلى 2020 مليون متر مكعب/عام في عام 1990، منها 1471 مليون متر مكعب من المياه العربية. وفي السنوات العشرين القادمة تخطط إسرائيل لزيادة استهلاكها من المياه إلى 3000 مليون متر مكعب/ عام. لا يكفي أن نشير هنا إلى أن استغلال إسرائيل الحالي للمياه العربية مدان من قبل المجتمع الدولي (انظر تقرير الأمم المتحدة UNA/AC 183 (02)، W 21)، بل يجب أن نؤكد أن الاستمرار في انتهاج نفس السياسة سيكون وصفة للمزيد من الحروب.

أما إذا اتبع أسلوب منطقي فمن الممكن تجنب حروب جديدة. إذا عاد اللاجئون واستأنفوا مهنتهم السابقة في الزراعة فمن الممكن التوصل إلى اتفاقية إقليمية عربية للمياه. سنتفحص في الجدول رقم 2 ثلاث حالات من استخدام المياه: في الحالة الأولى (وهي الحالية ) تستهلك إسرائيل 1300 مليون متر مكعب للزراعة‎‎‎‎، 133 مليون متر مكعب للأغراض الصناعية و594 مليون متر مكعب للأغراض البلدية. في هذه الحالة نلاحظ أن استهلاك المياه في إسرائيل للأغراض البلدية مرتفع جدا (104متر مكعب/شخص/عام أو 285 لتر/شخص/يوم). في المقابل، يقدر معدل استهلاك المياه للأغراض البلدية في الأردن ب 60 متر مكعب/شخص/عام، وفي الضفة الغربية ب 37.5 متر مكعب/شخص/عام. نعتقد أنه لن يكون من الصعب خفض هذا الاستهلاك غير المرشد إلى معدل الاستهلاك في الأردن.

سنقوم الآن بتفحص حالتين مستقبليتين مع إبقاء استهلاك المياه للأغراض الزراعية على نفس مستواه الحالي، وقدره 1300مليون متر مكعب/سنة. في الحالة الثانية بفرض أن تتم عودة جميع اللاجئين وتتوقف هجرة المزيد من الروس مع بقاء من هاجروا حتى الآن وفي هذه الحالة نفترض أيضا تخفيض معدل استهلاك المياه البلدية في إسرائيل إلى نفس معدل الاستهلاك في الأردن وقدره 60 متر مكعب/شخص/عام لجميع السكان. أما في الحالة الثالثة نفرض أنه لا تتم إعادة اللاجئين بينما يهاجر إلى إسرائيل 1.5 مليون روسيو يبقى معدل استهلاك المياه للأغراض البلدية كما هو عليه الآن وقدره 104 متر مكعب/شخص/عام. في كلا الحالتين هناك حاجة إلى نفس كمية المياه تقريبا وهي حوالي2700 مليون متر مكعب/عام وهي أكبر كمية مياه يمكن سحبها لإسرائيلو فلسطين من مياه فلسطين التاريخية ومياه المنطقة المجاورة رأسا.

يمكن للحالة الثانية أن تكون ممكنة اقتصادياً عبر اتفاقية بين الدول العربية يتم بموجبها توزيع مصادر المياه إذا سمح للاجئين بالعودة. أما الحالة الثالثة فهي غير ممكنة بدون حرب جديدة تتمكن إسرائيل من خلالها اكتساب أراض ومياه عربية جديدة وبنفس الوقت إبقاء اللاجئين بعيدا عن ديارهم. بناء على ما تقدم نجد أن النتائج المترتبة على خيار استيعاب المزيد من الروس أو خيار السماح للاجئين بالعودة واضحة، الحرب في الأول والسلم في الثاني، وليست هناك مصادر مياه كافية للخيارين معاً.

بالطبع ستتغير هذه المعطيات حسب الظروف الاقتصادية والاستقرار السياسي أو انعدامه، وستؤثر هذه العوامل، مع عوامل أخرى، على عدد الروس الذين يبدون استعدادا للعيش في إسرائيل (في الوقت الحالي تقدر الهجرة الخارجية بين الروس بحوالي 20%)، ولكن النتيجة العامة، الخيار بين الحرب والسلام، تبقى صحيحة. ولكن إذا استمرت إسرائيل بفرض سيطرتها على أراضي ومياه الغير والتخطيط لمزيد من التوسع حسب المبدأ العدائي "أن الماء لا يمكن أن يكون نتيجة للسلام وإنما هو شرط للسلام" (وهو موقف الليكود المعلن عنه) فمن المتوقع أن تشهد المنطقة خمسين عاما أخرى من الدمار وسفك الدماء.

الجدول رقم 2: احتياجات المياه الجديدة مع وبدون خطط العودة

رقم الحالة الحالة العام الإسرائيليون اليهود الروس الإسرائيليون الفلسطينيون مجموع الإسرائيليين الفلسطينيون العائدون استهلاك المياه للأغراض البلدية (مليون م3 في السنة) استهلاك المياه للأغراض الصناعية (مليون م3 في السنة) استهلاك المياه للأغراض الزراعية (مليون م3 في السنة) مجموع استهلاك المياه (مليون م3 في السنة)
1 الواقع الحالي 1995 4058 562 1096 5716 0 594 133 1300 2028
2 عودة جميع اللاجئين (مع بقاء المهاجرين الروس الحاليين) 2020 5888 739 2032 8659 9726 1103 343 1300 2746
3 عدم عودة اللاجئين (مع بقاء 1,5 مليون مهاجر روسي) 2020 5888 1500 2032 9420 0 980 272 1400 2654
- الزيادة الإجمالية 25 %150 %110 %250 - %300 - - - -

ملاحظات:

  1. عدد السكان بالآلاف.
  2. يجب تخفيض استهلاك المياه للأغراض البلدية في إسرائيل من 104 م3/شخص/عام (حسب إحصائيات عام 1986) إلى 60 كما في الأردن.
  3. يستهلك سكان الضفة الغربية 37.5 بسبب الاحتلال – يجب أن يرتفع هذا الرقم إلى 60 في حال عودة اللاجئين أو إلى 104 خلافا ذلك.
  4. نما الاستهلاك الإسرائيلي للأغراض الصناعية بنسبة 2.92% من 1958-1986. استخدمت نفس النسبة في حالة إسرائيل + 25% للاستعمال الفلسطيني.
  5. تبذر إسرائيل في استهلاك المياه للأغراض الزراعية (860 م3/دونم/عام من 1961-1955 وثم 500 م3/دونم/عام من 1986-1990). يساوي الاستهلاك السنوي 900 (بشكل مضمون) + 300 (اعتمادا على المطر)، لذا يجب ترشيد استهلاك المياه للزراعة.

5: استعادة الأملاك والتعويض

يحق للفلسطينيين استعادة أملاكهم، بمعنى استعادة منازلهم وأراضيهم، كما يحق لهم التعويض عن الدمار والخسائر المادية وغير المادية. إن المجتمع الدولي يدعم هذا المبدأ. لقد نجح اليهود اليوم في استعادة أمـلاكهم وفي الحصول على تعويضات مقابـل أملاكهم الحقيقية و(المدعاة) في العديد من الدول الأوروبيـة عبر استخدام أساليب الضغط فقط ودون قرارات الأمم المتحدة. أما الفلسطينيون فيجب أن يستعيدوا حقوقهم ليس عبر الضغط وإنما من خلال "القانون الدولي والعدالة".

لقد كان استيلاء إسرائيل على فلسطين اكبر ذنب مدبر ومنظم في التاريخ. وقبل أن نعطي هذا الأمر قيمة مادية يجب أن نضع أمامكم كلمة تحذير. إن خسارة شعب لوطنه ومعاناته الناتجة عن ذلك يفوقان أي قياس مالي، ولكن، وبهدف التقييم الاقتصادي، قام خبير الأراضي الفلسطيني هداوي، يساعده الاقتصادي قبرصي، بإعداد دراسة شاملة عام 1988. في هذه الدراسة قدر هداوي القيمة الإجمالية للأملاك الفلسطينية المنقولة وغير المنقولة بحوالي 050/743 مليون جنيه إسترليني، أو ما يعادل 2994.50 مليون دولار أمريكي حسب قيمة عام 1948. إن هذا الرقم قريب من تقديرات الاقتصادي الشهير يوسف صايغ ويساوي نصف تقديرات اللجنة العربية العليا، ولكنه أكبر بكثير من تقديرات لجنة التوفيق الدولية ذات المصير المشؤوم. وإذا أضفنا الخسائر في رأس المال الإنساني يرتفع الرقم إلى 1,188 مليون جنيه إسترليني. وبلغة الدولارات، وباستخدام سعر 4.03 دولار لكل جنيه إسترليني عام 1948 ومعدلات التضخم على الدولار من 1948 - 1998، يصبح المبلغ 562 بليون دولار.

ولكن هذا المبلغ ما هو إلا جزء من إجمالي التعويض المستحق للدفع بموجب القانون الدولي، فالهدف الأساسي من التعويض هو "إعادة الشيء إلى أصله" كما تم التعبير عنه بوضوح في قرار الأمم المتحدة رقم 194، أو بمعنى أعم "إزالة آثار العمل غير الشرعي قدر الإمكان وإعادة الوضع الذي كان من المحتمل أن يكون لو أن ذلك العمل لم يرتكب". لقد كان هذا نفس المبدأ (Wiedergutmachung) الذي دفعت بموجبه الحكومة الألمانية الفدرالية مبلغ 85 مليار فرنك ألماني كتعويض على جرائم النازية.

ينبع استحقاق التعويض من مواد القانون الدولي المتعلقة بجرائم الحرب ومن قرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي يعتمد على "القانون الدولي والعدل". لقد استثنيت جرائم الحرب من القرار رقم 194(انظر الوثيقة رقم (أ / أج 25 /و 81 – المراجعة 2 / الملحق 2، صفحة 6)) لأن هذه الجرائم محدودة بشكل جيد بواسطة القانون الدولي بدءا بمحاكمات الحرب العالمية الثانية وانتهاء بتأسيس محكمة الجزاء الدولية بموجب تشريع روما عام 1998.

ومن الممكن تلخيص مكونات التعويض، باستثناء جرائم الحرب، بالفئات الرئيسية التالية. 1- الممتلكات الشخصية المادية مثل الأرض وغيرها والمصالح التجارية. 2- الممتلكات العامة المادية مثل المصادر الطبيعية والخدمات. 3- الممتلكات الشخصية غير المادية مثل الأمن الشخصي والعائلي. 4- الممتلكات العامة غير المادية مثل الهوية الوطنية والثقافة والأماكن المقدسة.

لقد تركزت معظم الأدبيات المنشورة حول الفئة الأولى (الممتلكات الشخصية المادية). يبين الجدول رقم 3 على الصفحة التالية تقديرا معتمدا على دراسة هداوي وقبرصي لقيمة الممتلكات الفلسطينية وللمكونات المتعددة للتعويض المستحق للدفع. تجدر الملاحظة هنا أننا إذا أردنا استخدام هذه التقديرات لحساب قيمة التعويض المستحق فإن القيم المالية المقدرة في الجدول رقم 3 يجب أن تخفض بمقدار قيمة الأراضي والمنازل التي تعاد إلى أصحابها عند ممارسة حق العودة، فالوطن ليس للبيع.

الجدول رقم 3: تقدير قيمة الممتلكات الفلسطينية والتعويض المستحق للدفع حسب دراسة هداوي وقبرصي.

الرقم الفئة الوصف القيمة (مليون جنيه إسترليني عام 1948)
1 الممتلكات الشخصية المادية الأراضي الزراعية - تعتمد التقديرات على عدة أساليب منها الضرائب عام 1946. تتراوح القيمة بين 329-436 مليون جنيه إسترليني. أخذت القيمة الأدنى مع رفعها حتى عام 1948 وإضافة 25 مليون جنيه إسترليني كتقدير لأراضي بئر السبع. 398,600 (على الأقل)
    الممتلكات المدنية – عدلها هداوي من تقديرات غير واقعية للأمم المتحدة. 130,259
    رأس المال الزراعي – يشمل الماشية، تم تعديل القيمة 66,800
    الثروات الخاصة – 50% من القيمة المقدرة، على اعتبار أن اللاجئين أخذوا معهم ال 50% الأخرى 54,000 (على الأقل)
    رأس المال التجاري. 45,900
    رأس المال الصناعي 11,400
    مطاعم وفنادق 10,500
    مركبات وآليات 0,950
    المجموع للفئة (1) 731,100
2 الممتلكات العامة المادية النقل (الطرق والموانئ والمطارات وسكك الحديد) – بافتراض 50% من المجموع رغم أن العرب شكلوا أكثر من ثلثي مجموع السكان ودفعوا لبناء هذه المرافق منذ مدة أطول. 12,100 (على الأقل)
    المحاجر والمناجم غير متوفرة
    الموانئ وأماكن الصيد غير متوفرة
    المياه والبترول غير متوفرة
    الأماكن الدينية والأوقاف غير متوفرة
    الخدمات العامة والبنية التحتية غير متوفرة
    المجموع للفئة (2) (باستثناء القيم غير المتوفرة) 12,100
    المجموع للفئتين (1 + 2) (باستثناء القيم غير المتوفرة) 743,200
3 الممتلكات الشخصية غير المادية الأمن الشخصي غير متوفرة
    التشتت العائلي غير متوفرة
    القتل، الجرح، السجن والإبعاد غير متوفرة
    التعذيب وسوء المعاملة غير متوفرة
    المعاناة في المهجر غير متوفرة
    المجموع للفئة (3) (تقدير عام أقل من الواقع) 5,750 (على الأقل)
4 الممتلكات العامة غير المادية ضياع الوثائق والسجلات غير متوفرة
    ضياع الوطنية والهوية غير متوفرة
    الإرهاب، القهر والتمييز غير متوفرة
    المذابح غير متوفرة
    تشريد السكان غير متوفرة
    الحرمان من العيش في الوطن غير متوفرة
    ملاحظة: لم يتم إدراج جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وضد السلام، يجب اتباع تعليمات الأمم المتحدة بهذا الخصوص.  
    المجموع للفئات من (1 - 4) (باستثناء القيم غير المتوفرة) 748,950
5 رأس المال الإنساني خسارة رأس المال الإنساني – بمعنى خسارة الربح، البطالة، العبء المالي على الأقارب والدول المجاورة. مقدر كنسبة من الناتج القومي الإجمالي لعام 1944 معدلة لعام 1948. 439,100
6 المجموع الكلي المجموع الكلي (1948) (مليون جنيه إسترليني)
المجموع الكلي (1948) (مليون دولار أمريكي)
عدد اللاجئين عام 1998
القيمة لكل فرد لاجئ (دولار أمريكي)
118,050
562,048
4,942,121
114,000
مائة وأربعة عشر ألفاً

6: الضغط السياسي من أجل عودة اللاجئين

الفلسطينيون ليسوا وحيدين في مطالبتهم بعودة اللاجئين، فكل الدول العربية ترفض توطين اللاجئين في أماكن غير ديارهم وتشير إلى المخاطر عليهم وعلى غيرهم إذا لم تتم إعادتهم. من جهة أخرى فقد طالبت اتفاقية دايتون بعودة اللاجئين البوسنيين إلى ديارهم وقامت الدول الغربية بتنفيذ هذا المطلب، ولن يسمح التأثير المتزايد لمجموعات حقوق الإنسان بتشريد جديد لأي شعب، إذ ليس هناك مكان في القرن الحادي والعشرين للإبادة الجغرافية للشعوب، وكوسوفا مثل على ذلك.

تفترض مشاريع إعادة التوطين أن من الممكن تطبيقها دون عنف، وهذا افتراض خطر جدا. يجب التذكر أنه في الفترة التي أعقبت الطرد الجماعي للفلسطينيين عام 1948 لم تفلت أي من الدول العربية المجاورة لفلسطين من انقلابات أو اغتيالات لزعمائها أو تغييرات لحكوماتها. لقد كانت قضية اللاجئين ولا تزال أحد أهم العوامل في تشكيل المعالم السياسية للشرق الأوسط.

ستستمر الغالبية العظمى من الخمسة ملايين لاجئ بمقاومة مشاريع إعادة التوطين وبالمطالبة بالعودة إلى ديارهم. إذا افترضنا أن أقلية قدرها 1% من مجموع اللاجئين ستقاوم هذه المشاريع مستخدمة العنف فقد تتكون مليشيا قوامها 50,000 مقاتل، أو 10,000 مقاتل في كل من المناطق الخمس الرئيسية التي يتواجد بها اللاجئون. لا نعتقد أن أيا من الدول العربية ستقبل عدم الاستقرار هذا، خصوصا إذا أخذت بالاعتبار أن شعوبها تؤيد حق اللاجئين في العودة. ودون الخوض في التفاصيل، لا يخفي على أحد أن جميع الدول العربية المجاورة، سواء تلك التي تربطها مع إسرائيل معاهدة سلام أم لا، لها مشاكلها الداخلية واهتماماتها الخاصة ولذا فهي غير مستعدة لزيادة الأمور تعقيدا. إن السلام تصنعه الشعوب، لا الحكومات.

بدأت عودة اللاجئين البوسنيين إلى ديارهم بموجب اتفاقية دايتون لأن القوى الغربية طبقت الاتفاقية. أن مثل هذا الأمر لا يجب أن يتم تجاهله في حالة اللاجئين الفلسطينيين، خصوصا إذا لاحظنا أن الصراع في البوسنة كان بين مواطنين متساوين بينما في إسرائيل تم طرد الشعب الأصلي الذي كان يشكل أغلبية لصالح أقلية أجنبية مهاجرة.

لقد خلق انتشار جماعات حقوق الإنسان برلمانات موازية ذات تأثير متزايد لا يمكن لأي حكومة، حتى الدكتاتورية، أن تتجاهله، وهناك العديد من الأمثلة التي تثبت هذا. إن هذا التأثير سيستمر بالازدياد في القرن الحادي والعشرين، وجميع جماعات حقوق الإنسان تؤيد حقوق الفلسطينيين كما يتضح من حقيقة وجود أكثر من 200 موقع على الإنترنت للدفاع عن هذه الحقوق. إلى ذلك فمن غير المتوقع أن يشهد العالم السياسي المستقبلي تكرار صفقات مخادعة كتلك التي تمت خلال العهد الاستعماري، والتي تم فيها تقرير مصائر شعوب كثيرة غيابيا، مثل وعد بلفور واتفاقية سايكس-بيكو.

إن الانقسامات داخل إسرائيل ما بعد الصهيونية، والتي تأخذ الآن وزنا أكبر، تخلق طيفا واسعا من الثقافات والأصول والعقائد والسياسات؛ فهناك المتعصبين مقابل العلمانيين، واليهود الشرقيين (السفارديم) مقابل اليهود الغربيين (الأشكناز) والروس مقابل باقي السكان، والصقور مقابل الحمائم، والصهيونيين مقابل العبريين. كل هذه الانقسامات تخلق أبعادا هائلة في مجال من الصعب وصفه بالمتجانس. إن إسرائيل كهذه لن تتهدد بعودة اللاجئين، وفي الواقع سيتمكن الفلسطينيون من التأقلم ضمن هذا الطيف بشكل تام، تماما كما تمكن من ذلك 20% من مواطني إسرائيل الفلسطينيين. علاوة على هذا فإن استمرار اليهود بالمحافظة على أكثرية عددية أمر غير ممكن على المدى البعيد، إذ ستتوقف الهجرة اليهودية إلى إسرائيل يوما ما بينما سيستمر عدد السكان الحاليين بالتزايد وسيستمرون بالعيش سوية.

إن مصطلح الحفاظ على النقاء العرقي اليهودي مع التنكر لحق اللاجئين في العودة غير أخلاقي أو قانوني أو عملي. كذلك لن تتقبل القوى السياسية التي ستحكم المنطقة والعالم في العقد القادم الطرد والنفي المستمرين للاجئين كما لم تتحمل القوى السياسية السابقة العبودية والتمييز العنصري كما كان في جنوب أفريقيا. لقد قام العالم المتحضر بتعويض ضحايا النازية اليهود، وقد آن له أن يفعل الشيء ذاته مع الفلسطينيين.

7: مواضيع مقترحة لمجموعة العمل التابعة للاتحاد الأوروبي والمتعلقة باللاجئين:

يفترض أن يعالج موضوع حق العودة وكل ما يتعلق به بواقعية وموضوعية ونظرة بعيدة المدى، دون أخذ ميزان القوى الحالي أو الأوضاع الحالية كاعتبارات رئيسية. كذلك يجب أن لا يعامل هذا الموضوع كأمر محرم، ويجب القيام بمحاولة جادة وإيجابية لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. وفي هذا الإطار يمكن للمواضيع التالية أن تخضع لمزيد من الدراسة والنقاش:

  1. التوزيع السكاني لليهود والفلسطينيين في إسرائيل.
  2. العلاقات العرقية في إسرائيل: الفلسطينيين مقابل اليهود، الروس (دولة داخل دولة) مقابل باقي السكان، اليهود الشرقيين (السفارديم) مقابل اليهود الغربيين (الأشكناز)، المتدينين المتزمتين مقابل العلمانيين. إذا استطاعت مثل هذه المجموعات المتنوعة أن تتعايش مع بعضها فمن الممكن للفلسطينيين العائدين أن يجدوا مكانا ضمن هذا الطيف الواسع.
  3. المياه والزراعة في إسرائيل: مصادر مهدورة بسبب أيديولوجية مفلسة.
  4. الكيبوتس: ايديولوجية قديمة وفاشلة: كم من الأراضي والمياه والمصادر المالية يمكن أن يحرر؟
  5. حلول جزئية (اقتراحات وأشكال):
    • عودة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى الجليل "العربي".
    • عودة اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة إلى المنطقة الجنوبية "الفارغة".
    • عودة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن إلى دولة "مستقلة" في الضفة الغربية.
  6. ما هي القدرات الاستيعابية للمناطق الآتية:
    • الجليل
    • . الضفة الغربية.
    • المنطقة الجنوبية.
    • المعوقات: يجب وضع حدود لهجرة الروس إلى إسرائيل.
  7. الديموقراطية مقابل العرقية اليهودية لدولة إسرائيل:
    • الاستمرارية في القرن الحادي والعشرين (عصر حقوق الإنسان)
    • . مستقبل الصهيونية التقليدية.
    • قوى الطرد والجذب الداخلية في إسرائيل.
    • نفوذ الفلسطينيين في إسرائيل (حيث يوجد فلسطيني واحد لكل أربعة إسرائيليين).
    • أثر إمكانية تكوين اتحاد فدرالي يشمل إسرائيل والأردن وفلسطين.
  8. استكشاف ردود الفعل الشعبية (استطلاعات الرأي ووسائل الإعلام):
    • بين اللاجئين الفلسطينيين فيما يتعلق بالعودة أو إعادة التوطين
    • . بين الأردنيين فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية.
    • بين الإسرائيليين حسب مجموعاتهم العرقية فيما يتعلق بالعودة الجزئية للاجئين (مثال: البدء باستكشاف ردود الفعل تجاه الاقامة الدائمة للعمال الفلسطينيين في إسرائيل).
  9. النتائج المترتبة على الإقامة الدائمة للفلسطينيين في الدول العربية:
    • رفض دول مجلس التعاون الخليجي وطرد الكويت للفلسطينيين.
    • اعتراض لبنان على إعادة توطين الفلسطينيين في أراضيها.
    • موافقة الحكومة الأردنية وتوتر شعبي.
    • موافقة سياسية سورية ومعارضة أيديولوجية.
    • نشاطات سياسية للاجئين في هذه الدول.
  10. المصالحة التاريخية بين الفلسطينيين والإسرائيليين:
    • أبحاث تاريخية في حقيقة الصراع.
    • إقرار إسرائيل بالمسؤولية.
    • إقرار إسرائيل بالمعاناة الفلسطينية بشكل مباشر والتخلي عن "الفقدان الاسرائيلي الكلي للذاكرة" فيما يتعلق بنكبة الفلسطينيين.
    • قبول الفلسطينيين والإسرائيليين العيش جنبا إلى جنب.