السلام عليكم ورحمة الله،،

يسعدني أن اتحدث إليكم وأنتم الذين تحملون راية العدالة والقانون والحق للدفاع عن الحقوق العربية والإسلامية في فلسطين.

لن أطيل عليكم فأنتم لا شك على علم بالكثير مما أقول ولذلك سأقوله في نقاط موجزة لعلها تكون مفيدة لكم في اجتماعكم هذا.

في معظم عصور التاريخ كانت مصر وبلاد الشام تحت حكم واحد وهذا بديهى لان كل غزو لمصر جاء من الشرق، ولذلك فإن فلسطين هى بوابة مصر الشرقية. وقد شرح هذا باسهاب الكاتب محمد حسنين هيكل والراحل جمال حمدان. والاهم أن فلسطين هى أرض الرباط وقف إسلامي. وهذه عقيدة مليار ونصف مسلم.

إسرائيل الآن مذعورة. يقولون في صحفهم ماذا يحدث لو أن هذا الطوفان البشري اتجه شرقاً وشمالاً إلى داخل فلسطين بدلاً من رفح والعريش، لكي يحل اللاجئون مشكلتهم نهائياً بالعودة إلى ديارهم، تلك التى طردهم منها الصهاينة عام 1948 بالمجازر والتدمير، ولا يزالون يفعلون ذلك إلى اليوم.

وهذا سؤال وجيه. ونسأل: من هم سكان قطاع غزة؟ عددهم اليوم حوالى 1,7 مليون، 80% منهم لاجئون. أي مليون وثلث لاجئ في غزة طردوا عام 1948 من 247 قرية في جنوب فلسطين كانت تحت حماية الجيش المصري. ثم وضعوا في معسكر اعتقال كبير إسمه قطاع غزة.

أرضهم من الرملة إلى ام رشرش (أو ايلات) غالبها خالٍ حتى اليوم. مساحتها 14,000 كم2 يسكنها مستوطنون يهود في الكيبوتز لا يتجاوز عددهم 80,000 شخص وهذا العدد أصغر من أي مخيم في قطاع غزة، هذا بالطبع عدا اليهود الذين يعيشون في المدن الفلسطينية: بئر السبع والمجدل واسدود وعراق المنشية التى يعيش فيها حوالى 150,000 يهودي في كل مدينة.

إذن، كيف تستفيد إسرائيل من هذه المساحة التى تساوى 60% من مساحة إسرائيل؟

الاستفادة عسكرية بحتة. فجنوب فلسطين مخصص للاغراض العسكرية ضد مصر والهجوم عليها في الوقت المناسب. يوجد في هذه المنطقة أكثر من نصف مطارات إسرائيل التى يبلغ عددها 55 مطاراً وذلك على مسافة بضعة كيلو مترات من الحدود المصرية بينما يقع أقرب مطار مصري في الاسماعيلية على بعد 250 كم، وبها أكبر مدينة عسكرية تضاعفت مساحتها الآن في وادي بئر السبع (قاعدة تسعليم) وبها محطات تصنت (في أوريم) كانت موجودة في سيناء ونقلت إلى قرب الحدود المصرية وبها أكبر مطار حديث شمال ايلات ترابط فيه طائرات قتالية تصل أسوان والخليج موّلته أمريكا.

ومن المعلوم أن اتفاقية السلام مع إسرائيل في 29 مارس 1979 قد قسّمت سينا إلى ثلاث شرائح رأسية. والشريط المحاذى لفلسطين غير مسموح به تواجد أكثر من جنود مصريين للشرطة فقط. ومع أن السيادة لمصر من وجهة قانونية، إلا أن ممارسة هذه السيادة في الواقع أقل بكثير من مستواها في أى محافظة أخرى في وادي النيل. وهى مقيّدة بأكثر من قيد.

والمثال على ذلك اتفاقية المعابر بين مصر وفلسطين:

اتفاقية المعابر الموقعة مع السلطة الفلسطينية في 15 نوفمبر 2005 تنفذ على الشكل الآتي:

  1. معدات وكاميرات وأجهزة فحص تُراقَب مباشرة وفي نفس اللحظة بواسطة إسرائيل
  2. مراقبين أوربيين يعيشون في إسرائيل يذهبون للمعبر عند الضرورة

وقد عمدت إسرائيل خلال الأعوام الماضية إلى سحب المعدات عندما تريد، فيقفل المعبر. أو ترفض عبور المراقبين الاوربيين إلى رفح لإسباب أمنية كما تقول، فيقفل المعبر. ومن العار أن تتحكم إسرائيل في الحد بين أراضٍ عربية بين مصر وفلسطين.

ما هو دور مصر على الحدود؟ تم توقيع اتفاق مصري إسرائيلي في 2005 باسم اتفاق فيلاديلفي وهو بروتوكول عسكري أَلحق باتفاق كامب دافيد. وينص على أن تتولي قوة من حرس الحدود منع "العمليات الإرهابية" وتأمين الحدود كما كانت تقوم به إسرائيل. تتألف قوة الحدود المصرية هذه من 750 فرداً منتشرين على طول 14 كم وسلاحهم 504 بندقية و94 مسدس و67 رشاش و31 مدرعة شرطة و44 سيارة جيب. وتخضع هذه القوة لمراقبة القوات المتعددة الجنسية تحت قيادة مدنية أمريكية. وبالمناسبة أغلقت نقطة لهذه القيادة قرب العريش في الجورة هذا الاسبوع خوفاً من الطوفان البشري.

ومن المعلوم أن قطاع غزة واقع تحت الاحتلال الإسرائيلي حسب القانون الدولى. وأن خروج المحتل من الزنزانة وبقاءه على بابها ومراقبته لها جواً وبحراً والدخول إليها متي شاء لا يعتبر اعفاءاً لإسرائيل من المسئولية الكاملة عن سلامة أهل القطاع ولا طعامهم وصحتهم وتعليمهم حسب اتفاقية جنيف الرابعة. كما أن المواد التى تمنع إسرائيل دخولها هى بضاعة مدفوع ثمنها وبأسعار عالية. ومنعها يعني قبض الثمن مع الاستيلاء على البضاعة. كما أن جميع الجهات القانونية تؤكد أن إسرائيل تقترف جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة.

وتعريف "جريمة الإبادة" حسب المادة 7 فقرة 2 من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية يشمل "تعمّد فرض أحوال معيشية من بينها الحرمان من الطعام والدواء". وهذا النص يأتي أيضاً في المادة 2 الفقرة ج من ميثاق الابادة البشرية لعام 1948. ولذلك فإن الواجب القانوني والأخلاقي على جميع الدول ومن بينها مصر التى وقعت على ميثاق روما لعام 1998 اتخاذ الاجراءات اللازمة ضد ذلك بما فيها المقاطعة ودعم صمود الأهالى بكل الوسائل.

والآن تريد إسرائيل من مصر أن تقوم بدورها بالنيابة عنها وإلا تعاقب القاهرة لو سقطت صواريخ القسام في الأرض المحتلة عام 1948.

ما هو المطلوب إذاً؟

اولاً: الإصرار على ضرورة فك الحصار الكامل عن قطاع غزة بدون أي شروط وبكل الوسائل. فهذا أمر يستدعيه الواجب القومي والأمن الوطني، وتطالب به الجماهير في مصر وفي كل البلاد العربية والإسلامية. أما المشاركة مع إسرائيل في تنظيم الحصار وإدارته فهو غير مقبول إطلاقاً. ولا يجوز أبداً أن تتحكم إسرائيل في الحدود بين أرض عربية في مصر وفلسطين سواء مباشرة أو عن طريق غطاء عربي أو دولي من أي نوع.

ثانياً: الحذر من التكفير عن جرائم إسرائيل على حساب الدول العربية. فهناك مخطط نوقش في مؤتمر هرتزليا الثامن الاسبوع الماضى لاقتطاع شريط رفح العريش، وتوطين اللاجئين فيه مقابل اعطاء مصر قطعة صحراوية في العوجة لا ماء فيها ولا بشر ولا طير. إن توطين اللاجئين في غير ديارهم هو مشاركة في عملية التنظيف العرقي التي بدأت عام 1948 ومستمرة حتى اليوم وهى بالقطع جريمة حرب.

لذلك أن من واجب الدول والشعوب العربية والإسلامية دعم المطالبة الفلسطينية بحق العودة قولاً وفعلاً ومساندتهم في كل المحافل الدولية. ونحذر من الانخداع بمبادرات أو تسويات تدعو إلى "عودة" رمزية وتوطين فعلي.

وللعلم فإن المخطط لاقتطاع سيناء هو نفسه المخطط لاقتسام إسرائيل لإجزاء من الضفة وهو نفسه المخطط لاقتسام الجولان وجنوب لبنان. وهو نفسه الذي تم بالفعل تحت مسُمّى تبادل الأراضي في وادي عربة وفي الباقورة على حدود نهر الأردن في معاهدة السلام الأردنية. وفي كل الاحوال فإن تبادل الأراضي هذا هو خدعة كبيرة للضحك على الشعوب لأن إسرائيل لا تملك الأرض التى تعطيها أو تأخذها. حتى لو كانت تحت السيادة الإسرائيلية مثل النقب في جنوب فلسطين لأن السيادة لا تعني الملكية. فهذه الأراضي ملك الفلسطينيين. وحرمة الملكية الخاصة لا ينتقص منها انتقال السيادة أو نشوء الاحتلال أو أى تسويات سياسية.

ثالثاً: فلسطين أرض عربية إسلامية والصهيونية حركة عنصرية استيطانية احتلالية تزيل البشر من ديارهم وتنزع تاريخهم وعقائدهم وتزرع الدمار في ديارهم، كما زرعت منذ تسعين عاماً متوالية منذ إعلان بلفور عام 1917. وهي أطول حرب في التاريخ ضد شعب اعزل. ولذلك فيجب اعتماد خيار المقاومة بكل أنواعها فهي الخيار الوحيد لمقاومة هذا الوباء على الأمة والأرض والبشر. ويجب الوقوف إلى جانب كل المقاومين لمساعدتهم على القيام بواجبهم.

وما ضاع حق وراءه مطالب.

وفقكم الله في جهودكم الطيبة.

والسلام عليكم