كم يسعدني أن أرى هذه الوجوه الطيبة من أهلنا في فلسطين معظمهم من الجليل، وكان من الممكن أن يركب الإنسان سيارته ويتجه من جنوب فلسطين إلى شمالها وفي خلال ساعة يزور أهله في الجليل ( في لوبيه – قدس – الناصرة … وأماكن أخري كثيرة )، والآن تضطرنا الظروف أن نتقابل بعد خمسين عاماً أو أكثر من الشتات، ونصل إليكم هنا بعد جولة طويلة تذهب بنا إلى القاهرة ولندن وواشنطن والخليج، ثم نعود لنصل الصلة بأهلنا بعد هذا المسار الطويل. هذا من حيث الجغرافيا، ولكن من حيث القلب ووحدة الحال فقد كانت هذه هي الرابطة التي لم تنفصم عراها على الإطلاق.

وقد سنت الشرائع الالهية والقانون الدولي وحتى طبيعة الاشياء أن الدفاع عن الوطن مشروع بجميع الوسائل، وتاريخنا الطويل مثل على ذلك. هذا لا خلاف عليه لكنني أريد أن أحدثكم اليوم عن إحدى هذه الوسائل، عن المعركة الحقوقية، عن معركة التنوير، عن معركة تعبئة الرأي العام، وأوله رأيكم، ويمتد هذا ليشمل الناس في سائر انحاء العالم، الذي أصبح اليوم قرية صغيرة.

منذ عام 1948 مرت خمسة حروب دامية وعدد لا يحصى من الغارات والاغارات، وسقطت أنظمة وأغتيل زعماء في المنطقة المحيطة بفلسطين بعد النكبة. لم يسلم منها أحد على الإطلاق لهولها وكبرها. وتمثلت هذه النكبة بطرد غالبية الشعب الفلسطيني من أرضه واحتلال تلك الأرض وتدمير قراه، وإزالة معالمه الثقافية والتراثية والجسمانية. إذن فرقوا بيننا وبين تاريخنا. التاريخ والجغرافيا أصبحا قطعتين منفصلتين. أريد أن أقول لكم أن القرن الماضي شهد أحداثاً كبيرة ومهمة، فقد شهد العالم انتهاء الاستعمار الأوربي بآسيا وأوربا، كما شهد القضاء على الفاشية والنازية ونهاية الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، هذه الشرور مجتمعة انتهت من معظم العالم إلا في فلسطين، حيث اجتمعت فيها هذه الشرور من حيث أنها احتلال واستعمار وفصل عنصري. ومن الغريب أن العالم عندما تخلص من هذه الشرور وأوشكت شمسها أن تغيب، يحصل في فلسطين عكس هذا تماماً، وما يحصل هو بدعم متواصل من الغرب. لو كانت هذه المذابح التي اقترفتها إسرائيل في فلسطين حادثة من حوادث الحرب، لكان هذا مكرراً في كثير من أنحاء العالم. ولو كان الطرد حادثة من حوادث الحرب لقلنا أيضاً أنها مكررة كذلك. ولكننا نعاني نحن من عملية مستمرة مخطط لها ودعمها يستمر كل يوم. والواقع حتى لو نظرنا بمنطق عقلاني لن نجد مثيلاً لهذه النكبة التي حلت بنا، فلم يحدث أن جاءت أقلية أجنبية إلى أرض وطن (معظمهم جاؤوا يسبحون في منتصف الليالي على شواطئنا) ثم تنشئ هذه القلة جيشاً وتطرد الأغلبية الوطنية من بلادها، وتطلب منا اليوم أن نقبل ذلك. إن حجم النكبة تعرفوه وقد عشتموه. لكنه بالمقاييس التي يمكن أن تقاس هو حجم كبير جداً: /532/ قرية ومدينة وعشيرة طرد أهلها، أرضهم تساوي 92% من مساحة (إسرائيل) اليوم، تبلغ مساحة هذه الأرض (18.5) مليون دونم والذين تم طردهم من شعبنا هم 85% من أهل هذه الأرض المحتلة، في حين بقي 15% في فلسطين المحتلة التي يسمونها (إسرائيل) اليوم وأصبح عددهم اليوم مليون نسمة.

هل تتصورون ذلك؟ هل تتصورون أن 70% من الشعب الفلسطيني لاجئون؟ لا تعتقدوا أنكم أنتم فقط اللاجئين، يوجد 300 ألف لاجئ فلسطيني في (إسرائيل)، عددهم سنة 1948 كان 58ألف وكانوا يأخذون معونة من الأنروا مثل معظمكم. ولكن إسرائيل تريد أن تمسح هذه الظاهرة فأخذتهم على عاتقها وقالت للأونروا أنا أتكفل بهم وضاعوا في زحام ما تبقى من الشعب الفلسطيني. اليوم /300ألف/، فلسطيني يعني ثلث الموجودين هناك هم لاجئون وعندهم وجمعيات ويطالبون بحق العودة. يرابطون على بعد كم أو اثنين ويرون الغرباء يسكنون دورهم وهم ممنوعون عنها.

الفلسطينيون اليوم أين هم وما عددهم:

مجموع الفلسطينيون اليوم يتجاوز (8.250مليون) نسمة منهم (5مليون) لاجيء، تسمعون من الأونروا أن عددهم (3.8مليون) إذا أين الباقي (1.2مليون)؟ الباقي لاجئون غير مسجلين. وهذا يمكن إثباته بمنتهى السهولة بالرجوع إلى الإحصاءات البريطانية وتطويرها إلى السنة الحالية، وقد عملنا ذلك في كتاب "سجل النكبة" ووجدنا أن هناك مليون وربع فلسطيني هم لاجئون غير مسجلين ولا يذكرون في أي مكان.

من هذا المجموع العام للفلسطينيين هناك 46% منهم يعيشون على أرض فلسطين (الضفة ـ غزة ـ أراضي 1948)، ويعيش 42% في دول الطوق، أي أن 88% من الفلسطينين جميعاً يعيشون على أرض فلسطين التاريخية أو في طوق حولها لا يزيد عرضه عن 100كم. ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني أن الشعب الفلسطيني وبعد 52 سنة من التشريد لا يزال ملتصقاً بالأرض، لا يزال قريباً منها، لا يزال جغرافياً يطل عليها من وراء الحدود.

أما ما بقي من هذا المجموع 12: % موجود نصفهم في البلاد العربية الأخرى (معظمهم في الخليج) والباقي في أوربا وأمريكا وأماكن أخرى. ويبلغ عدد هؤلاء الـ 12% حوالي المليون نسمة، وهؤلاء لا يمكن أن يعيشوا في تلك البلاد لمجرد العطف على الفلسطينيين ولكن لأنهم يقومون بأعمال هامة. وهؤلاء المليون شخص بالمناسبة يستطيعون لو تمكنوا ليس فقط إعادة إعمار فلسطين كلها بل يستطيعون اعمار اليمن وليبيا والسودان مجتمعة ـ طبعاً لا أقصد هنا أنه فيمن تبقى من شعبنا الفلسطيني لا توجد كفاءات، وإنما المقصود أن هذه كفاءات مصدرة إلى الخارج، وممكن استعادتها وحتى الاستفادة منها في أماكنها. إذن حجم الجريمة التي وقعت على شعبنا 5 مليون لاجئ، 70% من شعبنا الفلسطيني لاجئ أرض مسلوبة تقدر مساحتها بـ 18.5 مليون دونم.

لا أريد الإطالة في موضوع كيف حدث هذا، لأنه موضوع أصبح عالمياً، ونسمع الآن عن المؤرخين الجدد وما يطرحون وكأنه كشف جديد، بينما هو في الواقع اعتراف بعد خمسين عاماً بما كنا نقوله لهم على مدار هذه السنين. كنا نتحدث عن المذابح، عن الطرد، عن جرائم الحرب، الآن صاروا يقولون أن بعض هذا صحيح أو صحيح قليلاً أو كثيراً، وهذا طبعاً يدل على شيء. وهو أن إسرائيل بلغت في اعتزازها بقوتها أنها تستطيع أن تصرح بجرائمها ولا تخشى العقاب، كما أنها ليست بحاجة اليوم لاختراع أكاذيب وأساطير كما كانت تحتاجها في السابق لتقول لأوربا أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض. الآن تعترف كما نعرف طبعاً أن هذه كذبة ولا يهمها الآن أن يقال أنها كذبة لأنها قبضت ثمنه. كانت تقول أن الفلسطينيين خرجوا بأوامر من البلاد العربية وهذا طبعاً كذب خالص ولم يثبت أي دليل عليه. الآن الدراسات التي عملناها تبين أن /442/ قرية يعني 89% من القرى المهجرة ـ خرجت بأعمال عسكرية مباشرة وأن /50/ قرية ـ 10% خرجت بما نسميه الحرب النفسية (إرهاب الناس وبث الذعر في نفوسهم من مذابح قادمة بحقهم) أي 99% من مجموع القرى خرجت بحرب أما فعلية أو نفسية.

حق العودة مقدس وقانوني وممكن:

أ ـ حق العودة مقدس:

هو مقدس لأنه موجود في وجدان كل فلسطيني، وأورد هذه القصة وفيها بعض الدلالة. لي صديق غربي ذهب للعمل في استراليا، وهذا الصديق كان يعرف بعض اللغة العربية، وفي يوم من الأيام سمع كلاماً باللغة العربية عند جيرانه، فقابل طفلة صغيرة عمرها ست سنوات، فسألها: أنتم عرب؟ قالت: نعم. قال لها: من أين أنت؟ أجابت الطفلة: أنا من اللد، (وهي حفيدة لاجئ خرج من اللد). فشعب مثل هذا لا يمكن أن يموت. يقول كاتب إسرائيلي اسمه داني روبنشتاين وله كتاب بعنوان (الناس الذين ليس لهم مكان): أعجب لهؤلاء الفلسطينيين، فشعوب العالم كله تعيش في مكان، أما هم، الفلسطينيون، فإن المكان يعيش فيهم.

ب ـ حق العودة قانوني:

كيف هو قانوني؟ لا وعد بلفور ولا التوصية بتقسيم فلسطين عام 1947 ولا اتفاقية الهدنة عام 1949، ولا أي اتفاقيات سابقة تلزم الفلسطينيين بأي شيء، فهم ليسوا طرفاً فيها. والتعاقد القانوني يلزم أن يوجد طرفان راضيان متعاقدان. والاتفاق يكون بالتراضي، وهذا حتى الآن ليس موجوداً. ولا يكون التراضي إلا باسترجاع الحقوق، واعتماد القانون الدولي لا قانون الغاب. حق العودة مكفول بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان المادة /13/ منه التي تقول: كل إنسان له الحق أن يعود إلى بيته ووطنه. أيضاً حق العودة مرتبط بحق الملكية، وحق الملكية لا يسقط بالتقادم ولا بالسيادة (سيادة دولة جديدة على المكان) ولا بالاحتلال، وليست له مدة زمنية، فهو حق مطلق. فحتى لو قبل المهزوم باتفاقية فإن ذلك لا يسقط حق الملكية، فأجدادنا عاشوا على أرضهم وإن كان تحت حكم السلطان عبد الحميد، والكبار بالسن منا عاشوا على أرض فلسطين تحت ظل الانتداب البريطاني ولكن في أرضنا، ولو افترضنا أننا بقينا في أرضنا تحت حكم عربي أو (إسرائيلي) أو تحت حكم من أي نوع فنحن على أرضنا، إذاً الاحتلال وإعلان السيادة لا يلغي حق العودة إلى الملكية الخاصة.

كذلك إن حق العودة مكفول جماعياً بحق تقرير المصير، وهذا الحق اعترفت به الأمم المتحدة عام 1946، واعتبرت فيه أن حق تقرير المصير هو مبدأ قانوني، وكلمة مبدأ معناها أنه غير قابل للتصرف وليس موضع مفاوضة أو انتقاص منه بأي شيء، وأيضاً هو ليس قراراً سياسياً أو حتى اتفاقاً بالتراضي. وحق تقرير المصير هو حق مطلق للشعوب. وفي حالة فلسطين اعتبرت الأمم المتحدة أن هذا الحق هو حق معلق في رقبة الفلسطينيين إلى أن يستطيعوا تنفيذه. وهناك أمثلة قانونية على ذلك. في ناميبيا مثلاً قررت محكمة العدل الدولية أن أهل ناميبيا لهم حق تقرير المصير حتى لو لم يكن ممكناً تطبيقه. إذن نستطيع القول بأن حق العودة مكفول للفلسطينين حسب القانون الدولي: أفراداً (حسب الميثاق الدولي لحقوق الإنسان والتي أصبحت قوانين وضعية في معظم بلدان أوربا وغيرها)، وأيضاً جماعة (عن طريق حق تقرير المصير).

ماذا عن القرار 194؟، أنتم تسمعون عن هذا القرار كثيراً وهو في الواقع قرار واحد لكنه مكون من ثلاث شعب، أولها حق العودة: حق عودة كل شخص إلى بيته (دياره) وليس حق العودة إلى الضفة أو إلى جانب نهر الأردن، بمعنى أنه تطبيق لحق الملكية الخاصة وهو حق مرتبط بالمكان الذي خرج اللاجيء منه أو الذي طرد منه. والمذكرة التفسيرية لقرار 194 واضحة كل الوضوح، إذ تقول ان المقصود هو عودة كل لاجىء إلى نفس البيت ونفس الارض التي طرد منها. الشعبة الثانية لهذا القرار تقول بأنه إلى أن يتم ذلك فإن على الأمم المتحدة أن تتكفل بمعيشة اللاجئين ولهذا أنشئت الأونروا لكي تطعمهم وتعلمهم وتطببهم إلى أن يعودوا. أما الشعبة الثالثة للقرار فهي إنشاء هيئة التوفيق الدولية لتطبيق هذا القرار ووضع الآلية الكاملة لهذه العودة. ولا أريد الإطالة بتفاصيل هذا الموضوع لكنه يجب الإشارة إلى نقطة هامة في القرار تقول: يجب أن يسمح لهم بذلك في أول فرصة عملية ممكنة. ما معنى ذلك؟ معناه أن هذه الفرصة تحققت في آخر موعد وهو 20/7/1949 وهو تاريخ توقيع آخر اتفاقية مع سوريا وأولها مع مصر في 24/2/1949. إذن بعد هذا التاريخ لا يوجد مبرر لمنع عودتهم أي أنه بعد 20/7 فإن (إسرائيل) متهمة بمخالفة القانون الدولي، وبالتالي يقع عليها حق التعويض عن كل ما جرى للفلسطينيين من ذلك التاريخ وحتى اليوم. وهذه نقطة مهمة جداً، لأننا نسمع اليوم عن العودة أو التعويض وهذا كلام خاطئ والصحيح هو العودة والتعويض. لنتكلم قليلاً عن التعويض لأنه موضوع يدور في أذهان بعض الناس أو بعض الحكومات التي تقول أن العودة صعبة جداً، فلنكتف بطلب التعويض. فما معنى التعويض؟! التعويض معناه إرجاع الشيء إلى أصله، يعني كل ما خرب أو أصيب من أضرار وخسائر يعود إلى أصله، وهو شقين: الأول خسارة مادية (الحرمان من حق العيش في الوطن واستغلال الأرض والمزارع والحرمان وفرص العمل … الخ). وبالمناسبة أذكركم أنه قبل عدة شهور في تشرين الثاني العام الماضي أصدرت هيئة الأمم المتحدة قراراً جديداً يؤكد ما سبق من قرارات، ويقول فيه بالنص: أن اللاجئين لهم الحق في استعادة دخلهم عن أملاكهم طوال مدة الخمسين عاماً. وهذا مذكور وكرر حتى ما بعد أوسلو، وفرض القرار على كل الدول التي لديها معلومات ووثائق أن تظهرها لكي تثبت وتبين هذا الدخل وكيفية حسابه، هذا في الشق الأول، أما الثاني فهو المعاناة النفسية (التشريد، تشتت الأسرة، فقدان الهوية، الآلام النفسية التي تعرض لها اللاجئون نتيجة التشتت في أنحاء الأرض… الخ) كل هذه الأشياء المرتبطة بالمعاناة النفسية لها نصوص وقوانين ومعروف كيف يمكن تقديرها، وهي أيضاً حق لازم بالتعويض، إذاً التعويض ليس بديلاً عن أرضنا ولن نبيع أرضنا ووطننا، إنما بعد أن نعود إلى الوطن لنا الحق بالتعويض عن الخسائر والاضرار والمعاناة.

هناك بند آخر في التعويض، وهو التعويض عن جرائم الحرب، وجرائم الحرب ثلاثة:

  • جرائم الحرب المباشرة (القتل، التدمير، النهب، التطهير العرقي…).
  • الجرائم ضد السلام (وهي تدبير العدوان وتنفيذه).
  • جرائم ضد الإنسانية (مثل الاعتقال والطرد وأعمال السخرة).

ومعلوم أن الكثير من أهل الشمال وخاصة الطيرة وما حولها تم أخذهم إلى قرية إجليل لكي يقضوا عدة شهور وربما سنوات، وهم عمال سخرة (الآن اليهود يطالبون ألمانيا بعشرة بلايين مارك ألماني كتعويض لعمال السخرة اليهود فترة الحرب) فإذن يجب معرفة ما هو المقصود بالتعويض فأنت لا تبيع وطنك، إنما هو أمر يغطي ما خسرته وهو ما يمكن أن يقاس بالمادة.

وحق التعويض فردي أيضا لا يجوز لأي هيئة أو سّلطة أن تستلمه بالنيابة عن المتضرر. ولا يسقط الحق في المطالبة به بتقادم الزمن.

وقد أجاز القانون الدولي للدول المتضررة أيضاً من تحملها اعباء اللاجئين أن تطالب إسرائيل بالتعويض نتيجة طردها آلاف اللاجئين متعدية بذلك على سيادة تلك الدولة.

لكن تعويض الدول ليس له علاقة بتعويض اللاجئين أنفسهم، ولا ينتقص منه بأي شكل.

ومن يعتقد أن التعويض سيحل المشكلة فهو واهم. فاسرائيل ستطلب من دول أخرى دفع مبلغ تافه بالنيابة عنها، سيعدون به ولكن لن يدفعوه ولو دفعوا شيئاً فلن يعود على اللاجئين أنفسهم. وإسرائيل ستطلب شروطاً تعجيزية من كل لاجيء يطالب بالتعويض. وإسرائيل لن تدفع مقابل الخسائر والاضرار إنما مقابل التنازل عن الوطن، عن الأرض والدار. إذن إسرائيل تريد منكم صكاً شرعياً ببيع فلسطين كلها مجاناً أو شبه ذلك، حتى تسقط كل مطالبكم وحقوقكم إلى الأبد.

ج ـ حق العودة ممكن:

وأعتقد أن الكثير لم يسمع عن هذا الموضوع لعدة أسباب. أول سبب أن هذا الكلام يثار في أوربا ويثيره اليهود وحتى الأوروبيون الذين يتعاطفون معنا، يقولون نعم عندكم حق قانوني.. الخ، ولكن إلى أين ترجعون، فقد توزعت البلاد ويسكنها الآن ملايين الناس، وكيف ستعرف مكانك إن ذهبت، وأين يذهب اليهود، هل نريد أن نخلق حالة لاجئين جديدة.. الخ، من الأسئلة. أنا أريد أن أجيب عن هذا السؤال بعقلانية ( ولا أقصد القول طبعاً أنه لو كان المكان مزدحم فلا نريد العودة أو أن هذا مبرر لعدم العودة)، ولكن نقول أن هذا الادعاء الأوروبي غير سليم، فلقد درسنا واقع 46 إقليم (فإسرائيل) مقسمة إلى 46 إقليم ودرسنا كل منطقة، كم يهودي يعيش فيها، وكم فلسطيني ممن يعيشون هناك موجود فيها، ولو عاد اللاجئون إلى أماكنهم، كم يكون عددهم، ووجدنا الآتي:

ـ 80% من اليهود يعيشون في 15% فقط من مساحة (إسرائيل) وهي مساحة لا تتجاوز مليون وستمائة ألف دونم، والتي هي نفس المساحة التي كانت تعتبر أرضاً يهودية عام 1948، أي هم بقوا في نفس الأماكن التي عاشوا فيها، وهذا المكان حول تل أبيب، طبعاً توسعت كل هذه المنطقة وامتدت في شريط يمتد شرقاً إلى القدس وشريط آخر يمتد شمالاً إلى حيفا،و هناك بعض النقاط حول طبريا.

ـ إذن أين باقي اليهود الـ 20%. وجدنا أن 18 منهم يعيشون في عدة مدن لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ومعظمها مدن فلسطينية (أسدود، عسقلان، المجدل، بئر السبع، والناصرة) بينما الـ 2% هم سكان الكيبوتز الذين يسيطرون ويحتلون ويفلحون أرضكم، إنهم يحتلون مساحة مقدارها (17.5مليون) دونم بما فيها اراضي معسكرات الجيش وعددهم لا يتجاوز الـ (200ألف) شخص، وهؤلاء يمنعون خمسة ملايين من العودة إلى ديارهم. طبعاً هم يريدون الحفاظ على هذه الرقعة لكي يأتوا بالمزيد من اليهود، أي أن أرضكم بمثابة أرض احتياط. من الكيبوتز خرج الكثير من قادة الجيش الإسرائيلي، ولكن الكيبوتز اليوم يموت، يموت في اتجاهين: أيديولوجي واقتصادي: فأيديولوجياً: كل اليهود الموجودين اليوم لا يريدون العيش في المزارع، يريدون العيش في المدينة والأماكن المرفهة بعيداً عن التعاطي بالزراعة، فهناك هجرة من الأماكن الريفية إلى المدينة فمثلاً خلال عشر سنوات (من 1970 ـ 1980) كان معدل الذين دخلوا اللواء الجنوبي (20ألف) مهاجر سنوياً بينما معدل الذين خرجوا منه (21ألف) مهاجر سنوياً، إذاً هي في حالة تراجع، أما إقتصادياً: فالإنتاج الزراعي بمجمله الذي تنتجه الكيبوتز والموشاف لا يتعدى 8ر1% من الناتج القومي الإسرائيلي، وهذا أدى إلى أن الكثير من الكيبوتزات أفلست إقتصادياً، رغم أنها استحوذت على أجود الاراضي وتستهلك 70% من المياه في إسرائيل التي سرق معظمها من العرب وتُعطي لهم بسعر أقل من تكلفة النقل. هذه كارثة حقيقية لهم. وبالطبع أصبحت مثقلة بالديون، آخر إحصاء 5 بليون، طبعاً الحكومة تدعمها بالأموال، لكن الأوضاع الآن أصبحت غير قابلة للاستمرارية إذا كان هناك 26% من المستعمرات منتجين والباقين غير منتجين، فما الذي حصل؟! قرر عتاة الحكومة الصهيونية من أمثال شارون وايتان، بيع أملاككم أنتم اللاجئين إلى يهود في الخارج، فهم يأتون لكيبوتز أرضه مساحة مثلاً (000ر20دونم) ويأخذوا منه مساحة لا تزيد على 25% ويعطوها لمقاول بناء كي يبني عليها عمارة بشقق كبيرة ويبيعوا هذه الشقق ليهود من الخارج (استراليا، أمريكا مثلاً) وليس بالضرورة أن يكونوا إسرائيليين. هذا جعل هذه الأراضي غالية جداً، فالأراضي التي في الوسط يبلغ سعر الدونم فيها مليون دولار وأحياناً يصل إلى مليوني دولار (طبعاً الأراضي الزراعية أقل سعراً)، فيعطون لسكان الكيبوتز تعويض (انظروا لكلمة تعويض)، ويقولون لهم أنه من مقدار البيع نعطيكم 25%، فتصوروا عندما يُعطي المستأجر (كل سكان الكيبوتز مستأجرين بعقد لمدة 49 سنة) نسبة 25%، من قيمة الأرض. وهذا أحدث اضطراباً في "إسرائيل"، لأنه فجأة أصبح بعض سكان الكيبوتز مليونيرية، بينما الموظفين الذين يعيشون في تل أبيب يقولون نحن بالكاد ندفع الضرائب، فكيف يصبح هؤلاء بهذا الغنى، وصارت هناك محاولات لتقليص هذا الموضوع وتدارك آثاره.

ورداً على هذا الموضوع قمت بالكتابة أنا وغيري للجامعة العربية والأمم المتحدة عن هذه المخالفات القانونية، لأنه، نظرياً، أراضينا في (إسرائيل) لا زالت تحت حراسة القيم على أملاك الغائبين ولا يجوز التصرف بها، وفعلاً في 16 أيلول 1998 أصدرت الجامعة العربية قرارها بالطلب من الأمم المتحدة إرسال بعثة تقصي عن الحقائق ومنع التصرف بهذه الأراضي.

كما أرسلت مذكرة أخري في 26 حزيران 2000 بسبب قراءة الكنيست لمشروع قرار ببيع أراضي اللاجئين.

طبعاً تعرفون أن المياه مصدر حروب مع الدول العربية، فكيف يتم هدر 70% من المياه لصالح (200ألف) يهودي، على أرض يملكها خمسة ملايين لاجئ ممنوعون من العودة إليها، علماً بأن عدد هؤلاء الذين يستغلون أرضكم يساوي عدد المستوطنين في الضفة الغربية لا أكثر.

وقد عملنا دراسة أخرى تقول: لنتصور أنه تم إعادة جميع اللاجئين على مراحل. أولاً لاجئي لبنان وسوريا يعودون إلى الجليل، ثم أهل اللواء الجنوبي من الرملة إلى العقبة يعودون إلى نفس المكان، فماذا وجدنا؟! لقد وجدنا أن عودة لاجئي سوريا ولبنان إلى الجليل لا تؤثر على كثافة السكان في المناطق اليهودية بالوسط سوى بـ 1% فقط، وعودة جميع أهالي اللواء الجنوبي إليه يؤثر بـ 6% فقط، بل وأكثر من ذلك وجدنا أن عدد لاجئي لبنان وغزة مثلاً تساوي بالضبط عدد اللاجئين الروس الذين جاءوا في تسعينات هذا القرن. هذه كلها أمثلة على كذب الادعاءات الإسرائيلية.

لا تصدقوا إطلاقاً إن العودة غير ممكنة عملياً، ولا تصدقوا مطلقاً أن أرضكم صعب العثور عليها أو معرفتها. لدينا سجلات عن أملاك الفلسطينيين كما لدينا الخرائط، ومن الممكن إعادة واستشراف أي قطعة أرض فلسطين، ماذا حصل فيها، وأين هي موجودة، توجد خرائط مفصلة لكل فلسطين فيها وصف لأدق التفاصيل في القرى وممكن مطابقتها على الأوضاع الحالية ومعرفة كل قطعة أرض.

ويقولون أيضا أن عودة اللاجئين ستغيرّ الطابع اليهودي لإسرائيل. وهذا كلام ساقط من ناحية قانونية وديموغرافية واجتماعية. وليس لدينا وقت للإطالة فيه.

والآن ماذا بعد؟ أين نحن الآن من هذا الموضوع!؟

أول شيء: الوجدان، يجب أن يستمر مملوءاً ومعبئاً بفلسطين بالوطن، وثانياً يجب أن نستغل كل قوة قانونية أو إعلامية أو تنويرية لكي ندافع عن حقنا في العودة، لماذا نقول ذلك؟

نحن لدينا طاقات كبيرة لم تستغل، فكما ذكرت سابقاً لدينا مليون فلسطيني يملكلون كنزاً من الخبرات، فالذين تركوا الكويت مثلاً عندهم خبرة تساوي 2.5مليون سنة خبرة، عندنا أيضاً في لبنان قوة قادرة على الحركة وهي قوة غاضبة، وعندنا في سوريا أكثر من ثلث مليون، وعندنا في الأردن مليونان أو أكثر. عندنا في مؤسسة الأونروا 20ألف وأربعمائة موظف (99%) منهم فلسطينيين، عندنا شعب فتي، 55% من شعبنا عمرهم أقل من 25 عاماً، هؤلاء الذين قيل أنهم سينسون فلسطين هم من أشعلوا نار الانتفاضة.

نسبة الفلسطينيين الذين ولدوا في فلسطين قبل عام 1948 حوالي 12%، أي عندنا حوالي 88% لم يولدوا في فلسطين، ولكن حماسهم واهتمامهم لم يفتر في السنوات الأربع الأخيرة وهذا دوركم لإبقاء الشعلة مضيئة.

عندنا شعب معطاء. صحيح أن 18% الآن مستفاد منهم فقط في القوة العاملة ولكن هذه الطاقة لا تزال موجودة ويمكن أن تصل إلى 39% أي الضعف.

عندنا طاقات في المجال الإعلامي والاقتصادي، وسأحدثكم الآن عن المجال الإعلامي لأنه سلاح القرن الواحد والعشرين. هنالك عنصران هامان صار الآن لهم دور في توجيه الشعوب في العالم. أول عنصر هو إنشاء ما يسمى بالـ N.G.O وهي الجمعيات غير الحكومية، توجد الآن في العالم مئات الجمعيات التي تمثل الضمير العالمي (مثل: أطباء بلا حدود ـ المدافعون عن حقوق الإنسان ـ جميعات الحفاظ على البيئة ـ وغيرهم الكثير) هؤلاء أسميهم برلمانات موازية، الشعوب عادة تشكل لنفسها مؤسسات شعبية تمثل ضمير الشعب، ولكن هذه الجماعات الشعبية لكي تكون قوة مؤثرة يجب أن تجتمع وتتكاتف مع بعضها، لماذا تجتمع؟! لو كنا نحن مئة شخص كل منا يعمل لوحده معناه أننا شخص واحد يقوم بعمل مكرر مئة مرة، ولكن لو كنا المائة نعمل معاً لصارت قوتنا قوة مئة، فكيف يتم ذلك؟ الآن هناك معجزة عالمية في الاتصالات هي الانترنت، وهو جهاز رهيب لا يستطع أحد، لا دولة ولا نظام، أن يتغلب عليه.

سآتي لكم بأمثلة قام بها إخوتكم الفلسطينيين:

  1. جاءت مؤسسة الطعام السريع التي تسمى (بير غركنغ) لإنشاء فرع لها في الضفة الغربية، فثاروا عليها لأن هذه أرض محتلة ولا يجوز أن يحدث ذلك بناءً على القانون الدولي، فقاموا بالاتصالات بالإنترنت وعبأوا جهودهم في عدة بلاد وأمطروا هذه الشركة وكلينتون وباراك وكل من له صلة بعشرات من الرسائل فأوقفوا هذا العمل.
  2. شركة بينتون التي كانت تريد إقامة مصنع نسيج تستخدم فيه العمال الفلسطينيين بسعر رخيص وتعود على (إسرائيل) بالمداخيل العالية (وهذا المصنع كذلك كان مزمع إنشاؤه في الضفة الغربية) هو أيضاً أمطروه بالرسائل فأوقفوا ذلك.
  3. أيضاً والت ديزني التي كانت ستكتب (القدس عاصمة إسرائيل الأبدية) قام أخوتكم في أمريكا بجهد ممتاز ولكن للأسف أجهض بسبب تدخل بعض الجهات العربية.
  4. كذلك مثلاً في 24 تشرين الثاني الماضي قام أخوتكم بحشد جهودهم للتأثير على مجلس العموم البريطاني وصار كل واحد يعيش هناك (ليس بالضرورة أن تكون جنسيته بريطانية) يتصل بنائب في البرلمان ويسأله ماذا عملت للاجئين الفلسطينيين؟ وجمعوا عدة مؤسسات خلفيتها مختلفة ولكنها مؤيدة لفلسطين (بعضها فلسطيني، وآخر عربي أو إسلامي أو بريطاني مؤيد). المهم أنه صار هناك توحيد الهدف المشترك وهو حق اللاجئيين الفلسطينيين في العودة فاتفقوا على ذلك وتم تحديد يوم كامل في مجلس العموم البريطاني وكان هناك خطاب رئيسي ألقاه فلسطيني عن حق العودة، وتم توزيع الخطاب على جميع أعضاء البرلمان، وأصبح وثيقة، وبعده بيومين تم عمل مناظرة في البرلمان وقام (133) نائب في البرلمان بالتوقيع على حق اللاجئين في العودة، هذا طبعاً ثلث البرلمان، ولكن نحن قبلاً كان عندنا صفر.
  5. في شهر شباط الماضي عقدت الجمعيات الأوربية والجمعيات الفلسطينية في السويد وبرلين وباريس مؤتمراً في بروكسل وجمعوا له خبراء القانون الدولي كي يحددوا كيفية الصياغة القانونية للدفاع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وهو مشروع طويل جداً لا زالوا مستمرين فيه.
  6. في آخر آذار الحالي قامت المرأة الفلسطينية بعقد مؤتمر كبير في القاهرة لتثبيت حق العودة ودعوا له الكثير من الشخصيات وسيكون له تأثير كبير ذلك.
  7. في الناصرة قام اللاجئون (كما يسمونهم المهجرين) في 11 آذار بمسيرة كبيرة بدأت في الناصرة وكافة المناطق المحيطة كي يطالبوا بحق العودة (يعني هؤلاء في إسرائيل يطالبون بحق العودة).
  8. في بوسطن بأمريكا سيعقد مؤتمر كبير في 8/ نيسان الماضي وسيحضره فلسطينيون كثيرون وعدد من الفعاليات والشخصيات المعروفة مثل إداور سعيد، روبرت فيسك، نعوم تشومسكي، ألين غريش، ونورمن فرنكشتاين الذي يدحض كل مقولات المؤرخين الجدد. وسيحضره أكثر من 1000 شاب وشابة أصولهم عربية فلسطينية.
  9. هناك مؤسسة أنشأها بعض الشبان والشابات في أمريكا وأسمها المجلس الفلسطيني لاستعادة حق العودة واستعادة الممتلكات وعينوا البرفسور روبرت بويل كخبير قانوني لها في القانون الدولي.
  10. ـ مجموعة أخرى قامت بإجراء تحقيق في مجزرة قانا وتتبعوا قضية شخصين أو ثلاثة من الضحايا اللبنانية وقاموا بتوكيل محامي عنهم لكي يرفعوا قضيتهم لمحكمة جرائم الحرب الدولية وستعرض عليها قريباً، قاموا بعمل جبار للحقيقة، وفي مثل هذه القضايا يكفيك أن تثبت حالة واحدة موثقة تماماً.
  11. في جامعة بيرزيت أنشئت لجنة لتسجيل جرائم الحرب. وقبل فترة قصيرة حصلنا من الأمم المتحدة على التقارير الداخلية لمراقبي الهدنة لعامي 1948و 1949، والتي كانوا يرسلونها لرؤساهم، وهو ملف ضخم فيه الكثير من المعلومات عن مجازر وجرائم الحرب لدرجة أن هنالك تقريراً مثلاً من ضابط أمريكي (الكابتن هندرسون) يكتب للجنرال رايلي الذي كان رئيس مراقبة الهدنة، يقول له فيه: المذابح والجرائم كثيرة ونحن غير قادرين على التحقيق والمتابعة فيها، فهذا الموضوع مهم جداً لأنه يكفي إثبات حادثة أو اثنتين حتى يسقط الإدعاء الإسرائيلي بأنهم أناس يعيشون في وطنهم وجاءهم أغراب من الخارج وهم العرب لمحاربتهم، يعني قلبوا الحقيقة. فالرأي العام العالمي مهم جداً.

خلاصة الموضوع:

يجب ألا نهمل واجب التعبئة الشعبية، يجب أن يكون لدينا جماعات تدعو إلى حق العودة، فهذا حق أساس ونحن هنا لا نتكلم سياسة، نحن بكل بساطة نريد العودة إلى بيتنا وهذا حق أساسي. وهو أعلى من أي حق سياسي. وعند طرحه على العالم لا أحد يستطيع أن يعارضنا أو يجادلنا فيه. لا يستطيع أحد أن يجادل في حق شخص يريد العودة إلى بيته. يجب عمل تجمعات لحق العودة في كل تجمع فلسطيني يتواصلون معاً ويتبادلون أخبارهم وعملهم. وهناك فكرة بدأت قبل 4 سنوات ودخلت الآن حيز التنفيذ هي إنشاء هيئة أرض فلسطين بحيث تتكون هناك جمعية عامة تضم بحدود (1500عضو) أي حوالي (3أعضاء) عن كل قرية ومدينة من فلسطين لكي يمثلوا هذا الحق أمام المجتمعات الدولية. وهذه الهيئة ليست سياسية، وإنما تمثل أصحاب الحقوق أنفسهم. ومثلها جمعيات يهودية تطالب بحقوقهم في أوربا وفي البلاد العربية. وحتى ضحايا طائرة لوكربى عملوا لهم جمعية. نحن أولي من هؤلاء جميعاً.

الآن أريد أن أختم حديثي بالآتي:

ـ لا تجلسوا في انتظار الفرج لأنه كفانا نصف قرن من الانتظار. ـ لا تتطلعوا إلى معجزة إلهية تهبط عليكم بحق العودة وانتم جالسون. ـ لا تنتظروا من دول العالم وخاصة العالم الغربي أن ينقذكم لأنه طوال الوقت كان يعمل ضدكم، ولا تتطلعوا إلى دولة عظيمة لتكتشف فجأة أن لها مصلحة عندكم فتهب للدفاع عنكم كما دافعت عن صربيا والبوسنة وعن تيمور الشرقية وحتى الكويت… الخ. ـ انظروا إلى أنفسكم أولاً قبل الآخرين، وانظروا إلى أفئدتكم لتعقد العزم على إرجاع الحق، وانظروا إلى عقولكم لكي تضع لكم الخطط التي تساعدكم على تقدير العقبات، ليس لليأس منها ولكن لتحدد كيفية التغلب عليها. لا تيأسوا لان الشعوب تبقي وقادتها الصالحون والطالحون زائلون. وأقول لكم في الختام إننا نعود إلى الوطن فقط عندما نستحقه.