كيف تري إسرائيل كبلد نفسها في عام 2020؟ هذا سؤال شرعي يواجهه كل بلد، لان إجابته تتطلب تخطيطاً لزيادة السكان والموارد الاقتصادية ورفاهية أهل البلد. ولكن ماذا عن إسرائيل؟ كيف تخطط لأرض لا تملك 92% من مساحتها بل هي أرض فلسطينية؟ كيف تخطط وهي تحتل الضفة الغربية وقطاع غزة، ولا تعرف على وجه اليقين، هل ستبقي في حوزتها أم ستصبح دولة فلسطينية؟ كيف تخطط وهي لاتزال تحتل الجولان وتناوش على الجنوب اللبناني وعلاقاتها مع سوريا ولبنان بين حرب وسلام؟ كيف تخطط لبلد، أكثر من نصف اليهود فيه مهاجرين، والنصف الآخر جيل جديد ولد لتوه في البلاد؟ كيف تخطط لبلد يعتمد اقتصاده أساساً على التقنية العالية التي تستوردها إسرائيل من مصدر واحد هو امريكا، ثم تعيد تصديرها إليها بعد التعديل؟

هذه المواضيع والمشاكل كانت موضوع دراسة شاملة موسعة لعدد كبير من الخبراء بدأت في عام 1994 لتستشرف صورة إسرائيل بعد ربع قرن أي في عام 2020. اشترك في هذه الدراسة أكثر من 250 خبيراً فنياً من كبار المهنيين من المكاتب والشركات الهندسية والمتخصصة والأكاديميين من كل الجامعات في إسرائيل وممثلين لعشر وزارات، وممثلين عن الوكالة اليهودية وسلطة المياه ودائرة أراضي إسرائيل.

واشترك في العمل خبراء أجانب للإفادة من خبراتهم في مواضيع مماثلة أو مطلوب دراستها جاءوا من ايرلنده والدنمارك وهاواى وبريطانيا والسويد واليابان وهولندا والمانيا، وبالطبع الولايات المتحدة. تم العمل تحت إشراف معهد صمويل نيمان (Neaman ) في معهد التخنيون (Technion) في حيفا، وقام بتولي عمليات التنسيق والإدارة البروفيسور آدم مازور. وصدر العمل كاملاً عام 1997 في 18 مجلداً في كل الاختصاصات مدعماً بالجداول والخرائط والرسوم.

وبمبادرة لافتة من الدكتور خير الدين حسيب، قام مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، في سعيه الدائب لتنمية الوعي حول القضايا العربية، بترجمة معظم هذه المجلدات إلى العربية، وستنشر قريباً، بعد حصول كاتب هذه السطور على حق نشر الترجمة العربية. وفائدة نشر هذه المجلدات لا تخفي على أحد، لما تحتويه من معلومات غاية في الغزارة، تهم جميع الأطراف المعنية بإسرائيل.

تحت عنوان "لنحول الحلم إلى حقيقة"، يسعى مخطط إسرائيل لعام 2020 إلى تحقيق أهداف عديدة بعضها متناقض. أولها يهدف المخطط إلى تخطيط بعيد المدى خلال 25 سنة في ظروف الشرق الأوسط التى لا يستطيع أحد التنبأ بها، وكذلك يتعرض المخطط لضائقة محدودية الأرض التى تسيطر عليها إسرائيل ولا تكفيها للتوسع. ويسعى المخطط إلى إجراء التوازن بين المناطق العمرانية كثيفة السكان والمساحات الواسعة التى لاتزال خالية، وكذلك إلى كيفية الموافقة على المقترحات والقبول بها من كافة القطاعات الرسمية والشعبية. ويناقش المخطط احتمالات السلام وكيف يواجهها. كما يضع المخطط اقتراحات لآلية التنفيذ، لتحويل هذه الأفكار إلى واقع.

هذه الدراسات كلها تلخصت في ثلاثة بدائل (سيناريوات) رئيسة هي: اولاً: ما هي الصورة المستقبلية لإسرائيل كدولة في مصاف الدول الصناعية الأولي. وثانياً: ما هي علاقة إسرائيل بما يسمي "بالشعب اليهودي" في العالم، هل هي علاقة شراكة أم تبعية أم تعاون.

وثالثاً: ما هي طبيعة إسرائيل في أجواء "السلام".

وفي ضوء كل من هذه البدائل الثلاث، يقدم المخطط تقديرات مدروسة للقدرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والجغرافية والسياسية والأمنية (العسكرية). ولكل من هذه البدائل 4 درجات من التوقعات: أولها، استمرار الوضع الحالي كما هو عليه، والثلاثة الباقية: تقدير متفائل وآخر متشائم (أو أدني) والثالث الأكثر احتمالاً.

في هذا كله تتضح صورة "المستقبل"، وهي حصيلة كل هذه البدائل، ولكنها ليست صورة فوتوغرافية واحدة، بل هي صورة سينمائية متغيرة حيّة، ولكن في حدود البدائل والتوقعات والاحتمالات التي سبق تحديدها.

على أن جميع البدائل تخضع لقاعدة أساس يتم العمل بموجبها وعليها وهي الأرض والناس. الأرض هنا هي الأرض الفلسطينية التى احتلتها إسرائيل عام 1948 والأرض السورية التي احتلت في الجولان وكلاهما يدخل في الحسابات الإسرائيلية، بينما لا تدخل الضفة وغزة في هذه الحسابات. تبلغ مساحة إسرائيل التى بنيت عليها الدراسات 21,501 كيلو متر مربع. وهذه أكبر من مساحة إسرائيل عام 1948، وهي 20,255 كم2، منها 1,682 كم2 أرضاً تعتبر يهودية أثناء الانتداب البريطاني ومنها أيضا المناطق المنـزوعة السلاح التي ضمتها إسرائيل بصورة غير شرعية في العوجة جنوبا وعلى الحدود السورية شمالاً، ومنها أيضا ضم القدس الغربية خلافاً للقانون الدولي. والفرق بين مساحتي إسرائيل وهو 1,246 كم2 هو عبارة عن مساحة الجولان البالغة 1,154 كم2، والأراضي التي قضمتها إسرائيل من جراء التعدي على خط الهدنة في الضفة وغزة وإضافة المناطق الحرام إلى إسرائيل بصورة غير شرعية مضافا إليها تعديلات على الحدود الأردنية بعد معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية وكلها تساوي 92كم2 على الأقل. ولم يرد ذكر هذا التعدي ولا مقداره في أي مطبوعة عربية.

كيف تستعمل الأراضي في إسرائيل؟ لقد كتبنا كثيرا في دحض الادعاءات الإسرائيلية حول عدم إمكانية تحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ووجدنا أن حوالي 80% من اليهود في إسرائيل يعيشون في 15% من مساحة إسرائيل وأن 18% من اليهود الباقين يعيشون في مدن فلسطينية أصلاً، وتبقي حفنة ضئيلة من اليهود في الكيبوتز يعيشون في مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية بعد أن أصبح أهلها لاجئون. الآن يأتي مخطط إسرائيل ليؤكد هذه الأرقام ويستعملها كقاعدة للتخطيط بحيث يبقي 80% من اليهود يعيشون على 20% من إسرائيل.

ولا يري المخططون أن هذا الوضع سيتغير في المستقبل إلا قليلاً. والسبب، كما يرون، أنه من الأفضل تحسين البنية التحتية وتقويتها في منطقة محدودة، بدلاً من انتشار البنية التحتية على رقعة كبيرة وضعفها. كما أن هناك حاجة كبيرة للحفاظ على البيئة – بما فيها الأماكن المفتوحة والغابات – بالإضافة إلى الهدف الأكبر وغير المعلن وهو المحافظة على رصيد استراتيجي من الأرض لإيواء المهاجرين الجدد (وبالتالي منع اللاجئين من العودة) وللأغراض العسكرية.

وبالتدقيق في مساحة إسرائيل والجولان المشار إليها (21,501 كم2) واستعمالات الأراضي فيها، نجد أرقاماً في غاية الغرابة. تستهلك المساحات العمرانية 5% فقط من مساحة إسرائيل بما في ذلك الأماكن الفضاء والشوارع بينها (الصافي 2% فقط). وتستهلك الأراضي الزراعية 4,400 كم2 أو 20% من مساحة إسرائيل. أما الباقي وهو 75% فهو خاضع لسيطرة الجيش، بالاستعمال العسكري للمعسكرات والمطارات وتدريب المدفعية والمناورات والمصانع العسكرية، وهذا يستهلك 33%، والباقي احتياطي يستعمل حالياً كمناطق مفتوحة، أو خالية، أو مناجم أو غير ذلك. أي أن ثلاثة أرباع مساحة إسرائيل تستعمل لأغراض عسكرية أمنية، وأن الربع فقط هو المستعمل للاستعمالات الزراعية، وأن ربع هذا الربع يستعمل للسكن !

وهذا الوضع لن يتغير كثيراُ في عام 2020، حسب المخطط، إذ ستزيد مساحة المناطق العمرانية بمقدار 651كم2 فقط من 1148كم2 إلى 1799كم2.

ويناقش المخطط عدد السكان بكثير من الحذر، لأنه يتعلق جذرياً بقدرة إسرائيل على جذب اليهود في العالم للهجرة إلى إسرائيل. ولذلك فإن تقديرات عدد السكان لعام 2020 المذكورة في المخطط لا تشمل الهجرة اليهودية إلا في أضيق نطاق. يتوقع المخطط أن يكون عدد السكان في إسرائيل كلها عام 2020، حوالي 8,100,000، من هؤلاء 5,832,000 يهودي بزيادة سنوية 1% فقط و2,268,000 فلسطيني بزيادة سنوية 3%. وهذا يعني أن نسبة الفلسطينيين (بما فيهم سكان القدس) إلى اليهود ستزيد من 23% عام 1994 إلى حوالي 40% عام 2020. هذه الأرقام تصيب الإسرائيليين بالذعر الشديد،لأنهم واقعون تحت الوهم بأنهم سيبقون أغلبية على مدي السنين.

إن ما يسمي لديهم بالقنبلة الديموغرافية إنما هو تعبير عن عنصرية الصهيونية التي تسعي إلى إبقاء إسرائيل "نقية" من العرب. لا مناص لإسرائيل إلا أن تقبل بالواقع وهو أن تعيش في مجتمع مختلط تسوده الديموقراطية، وأنه لا يمكن أن تبقي إسرائيل يهودية خالصة، إلا إذا تقلصت المساحة التي يتركز فيها اليهود كلما قلت نسبتهم. وهذا يحوّلهم مع الزمن إلى غيتو يهودي خالص، وهو الثمن الذي يدفعونه لرفض التعايش مع محيطهم.

وإسرائيل لا تقبل الآن بهذا الواقع، فهي تحاول إيجاد وسائل أخرى لمطاردة وهم دوام الأكثرية اليهودية. وبدراسة متأنية لتوزيع الفلسطينيين واليهود في إسرائيل عامي 1994و 2020 حسب المخطط الإسرائيلي، نجد أن إسرائيل تنوي القيام بعملية تنظيف عرقي جديدة لتحقيق ذلك. ودون أن يذكر المخطط هذا صراحة، إلا أن مقارنة الأرقام وتوزيع السكان بين عامي 1994و2020، يؤدي إلى استنتاج أن المخطط يهدف إلى الآتي: ينقل الفلسطينيون من مراكز تجمعهم الحالية في الجليل والمثلث إلى وسط البلاد حيث الكثافة اليهودية، وحيث يفقدون قاعدتهم الزراعية والاقتصادية ويصبحون أجراء لدي اليهود. وبالمقابل يُشَجّع اليهود على الانتقال من الوسط إلى الجليل والمثلث والنقب، باغراءات الإعفاء من الضرائب وبالدعم الاقتصادي، لكي يقطعوا أوصال التواصل العربي السكاني الممتد من الشمال إلى الجنوب محاذياً لخط الهدنة. ويلاحظ أيضا أن إعادة التوزيع هذه تمنع الفلسطينيين من تكوين غالبية سكانية في أي مما يسمي "بالمناطق الطبيعية" – وهي أصغر تقسيم إداري للبلاد. وللسبب نفسه، وقبل إصدار المخطط، قامت إسرائيل بإنشاء طريق سريع واسع (رقم 6) من الشمال إلى الجنوب يخترق المناطق الفلسطينية في إسرائيل ويستولي على بعضها ويقسمها إلى مناطق منعزلة دون أن يفيدها اقتصادياً أو يصلها بهذا الطريق.

وكأنما كانت هذه الخطط للتنظيف العرقي غير كافية، فلا يزال الذعر مسيطراً في إسرائيل على إمكانية بعث الحياة في الوجود الفلسطيني من جديد داخل وطنه الأصلي. والدليل على ذلك أنه في يناير عام 2001، أجتمع حوالي 300 خبير من وزارة الدفاع والجامعات في هرزليا شمال تل أبيب في مؤتمر عنوانه "توازن القوة الوطنية والأمن". ترك هؤلاء أسلحتهم النووية والجرثومية وصواريخهم وطائراتهم لمناقشة الخطر الداهم على إسرائيل وهو الأم الفلسطينية. إذ هي تلد 4.6 طفلاً في المتوسط مقابل 2.6 طفلاً للمرأة اليهودية. وهذا يعني أن لدي الفلسطينيين سلاح لا يقاوم هو القنبلة الديموغرافية ولو كان النازيون لايزالون يحكمون المانيا لما خرجوا بتوصيات أفضل من هذه. قدم المؤتمر توصياته إلى رئيس الدولة وهي كالآتي: قطع المعونات الاجتماعية عن الأسر الفلسطينية، ترانسفير (ترحيل) العرب من الجليل والمثلث والنقب إلى أماكن أخري، واستبدالهم باليهود، ضم المناطق العربية في إسرائيل إلى الكيان الفلسطيني مقابل ضم المستوطنات في الضفة إلى إسرائيل، منح الفلسطينيين في إسرائيل إقامات دائمة بدلاً من الجنسية الإسرائيلية ومنعهم من التصويت، زيادة الأصوات اليهودية في الانتخابات بالسماح للإسرائيليين في الخارج بالتصويت. وهناك أيضا اقتراح بمنح كل يهودي في العالم جنسية إسرائيلية حتى لو لم يطلبها ولو بقي في بلاده. هذا الذعر الهائل يشي بضعف المشروع الصهيوني، والإدراك بأنه لا محالة فاشل مهما طال الزمن، وأن الأرض المغتصبة لابد وأن تعود لاصحابها.

وفي مجال استعمال الأراضي، انتقد كثير من مخططي المدن هذا المخطط الإسرائيلي لعام 2020، خصوصاً في إصراره على بقاء الكتلة السكانية مركزة في مكان صغير، عالي الكفاءة في الخدمات. ومن سخرية القدر أن المبدأ الصهيوني في "عودة اليهودي إلى أرضه" خلال نظام الكيبوتز قد فشل من حيث المبدأ ومن حيث الجدوى الاقتصادية. وتوشك الحكومة على إعلان وفاته. وهذه الأرض التي يستغلها الكيبوتز هي الأرض التي طرد منها أهلها وأصبحوا لاجئين. وأصبح الآن 8,600 شخص فقط من مزارعي الكيبوتز هم الذين يعيشون على الزراعة، مقابل 5,250,000 لاجيء أصحاب هذه الأرض محرومون من العودة إليها. ولذلك عمدت إسرائيل إلى "بيع" أراضي اللاجئين لمقاولي العقارات وبناء شقق عليها وتوزيع الربح بين الحكومة وبين المزارعين المستأجرين لهذه الأرض. وهذا بالطبع خرق واضح للقانون الدولي. ولست أعلم أن أحداً من الدول العربية قد أحتج على ذلك، رغم أن معظمهم تسلّم مذكرة تفصيلية عن هذا الوضع.

إسرائيل في مصاف الدول الصناعية الأولي

يهدف مخطط إسرائيل 2020 إلى وضع إسرائيل في مصاف الدول الثمانية الأولي في العالم حسب معايير اعتمدها المخطط. وهذا يعني أنها أرقي من هذه الرتبة في بعض النشاطات وأدني منها في نشاطات أخري. ويحاول المخطط ردم بعض الهوات التي تعيق وصول إسرائيل إلى هذه الرتبة، وهي رقعة إسرائيل الصغيرة والكثافة السكانية المحصورة جغرافيا، وما يتبع ذلك من مشاكل التلوث والازدحام وملوحة المياه. وبالمقابل يثمّن المخطط إنجازات إسرائيل ومنها كمية التطوير الهائلة في إسرائيل التي أدت إلى تقوية الاقتصاد ورفع مستوي جودة الحياة. وقد شكل التحديث التكنولوجي على الأخص قوة دافعة في الصناعة العسكرية والصناعات الأخرى.

ففي مجال الاقتصاد والخدمات، تتوقع إسرائيل أن يصل ناتجها القومي العام إلى 220 مليار دولار عام 2020 (حوالي 27,000 دولار للفرد في السنة أو 37,000 دولار للفرد اليهودي في السنة)، أي بزيادة أكثر من ضعف الناتج القومي الحالي. والناتج الحالي هو أكبر من نظيره في مصر رغم أن عدد السكان 10 أضعاف عدد سكان إسرائيل. ويري المخطط أن إسرائيل تقع في مصاف الدول الصناعية بالقياس إلى نسبة الحضر العالية وقلة عدد سكان الريف، وعدد العاملين في الخدمات (الدرجة السابعة بين 24 دولة)، وحصة الخدمات في الناتج المحلي الخام (الدرجة الثامنة) والعدد المنخفض للعاملين في الزراعة (الدرجة السادسة) ونسبة الرأسمال البشري الذي يتمتع بدرجة عالية من التعليم العالي.

وحسب مخطط 2020، سيتوزع العاملون في القطاعات الاقتصادية الرئيسة في البديل الخاص بالتركيز على الصناعة كالأتي:

صناعة 28%، خدمات عامة 22%، تجارة وفنادق 16%، شئون مالية 13%، بنية تحتية 10%، خدمات شخصية 9%، زراعة (أقلها) 2%. ويبدو التركيز واضحاً على الصناعة والخدمات مع إهمال الزراعة. وهذا يحتاج إلى قوة عاملة عددها 3,200,000 عامل. ونسبة مشاركة القوة العاملة بالنسبة لعدد السكان نسبة هائلة تصل إلى 40%. بينما تبلغ هذه النسبة في مناطق السلطة الفلسطينية 20% وهي تشمل العاطلين عن العمل أيضاً. أي أن مشاركة القوة العاملة في المجتمع تبلغ في إسرائيل ضعف مثيلتها في بعض البلاد العربية وأكثر.

أما في المجالات الديموغرافية والطبيعية والبيئية، تتأخر إسرائيل عن مثيلاتها في الدول الصناعية، خصوصا في مشكلة الكثافة السكانية وفي مستوي ملكية السيارات الخاصة ومستوي استهلاك الطاقة للفرد.

وللتغلب على هذه العقبات، يلجأ المخطط إلى ردم الهوة بالقياس إلى أربعة مسارات: مسار الدول الموجودة على هامش العالم الصناعي، مسار أوربا الغربية، مسار امريكا الشمالية، مسار اليابان.

يجد المخطط أن تقدم إسرائيل أكثر مقاربة لمسار أوربا الغربية ويقتدي بهذا النموذج، وإن كان متأخراً عنه بعقد من السنين، ويتوقع اللحاق به خلال العشر سنوات القادمة. ويعترف المخطط بأن تخلف إسرائيل عن أوربا ليست مرده خلل في التطور الصناعي، بل زيادة في السكان بسبب الهجرة ومعدلات في التنمية تفوق مثيلتها في أوربا وتؤدي إلى زيادة في النفقات، فبينما يبلغ معدل السكان السنوي في أوربا الغربية 0.4%، يصل هذا المعدل إلى 2.2% (مع الهجرة) في إسرائيل. ( لكن هذه الزيادة في السكان وإن أنقصت من حالة الرفاه الاجتماعي مؤقتا، فإنها في المدى البعيد سترفع الناتج القومي بسبب المساعدات المالية التي تتدفق على المهاجرين وبسبب القدرة على استيعابهم في الصناعة بعد ذلك ). ويقارن المخطط بين هذا الوضع وقدرة ألمانيا واليابان على إعادة توظيف طاقاتها بعد دمار الحرب العالمية الثانية. ويتوقع المخطط أن تحقق إسرائيل مكانة عالية في مصاف الدول الصناعية بسبب " أحجام التنمية الضخمة المتوقعة في إسرائيل، والطاقات البشرية الرائعة الموجودة تحت تصرفها ومستقبلاً بفضل نظام التعليم المتطور وهجرة اليهود من الخارج إلى إسرائيل"، كما جاء في النص.

إسرائيل واليهود في العالم

يشغل هذا الموضوع المخططين كثيراً، وهم يتحدثون عن اليهود كشعب يهودي متجانس واحد ولكنه موزع جغرافياً. ويتساءلون أيهما أفضل لإسرائيل: أن يأتي كل اليهود إلي إسرائيل بحيث تصبح "بيت اليهود ومركز حضارتهم ومستودع ذاكرتهم الجماعية"، أو أن تبقي الجاليات اليهودية مسيطرة على زمام المال والسياسة في الغرب. ويبقي الموضوع سجالاً، إلا أن الاتجاه السائد هو زيادة الهجرة إلى إسرائيل من الجاليات التي لا تنفع إسرائيل كثيراً، والمحافظة على وجود اليهود في البلاد الهامة.

ولابد أن هذا كان دائماً ديدن اليهود، لأن 98% من اليهود يعيشون في البلاد الغنية والصناعية، ولا يعيش في الأقطار الأسيوية والإفريقية إلا 2%. ويطمح المخطط إلى أن تزيد نسبة اليهود في إسرائيل من 34% من يهود العالم اليوم إلى 52% في عام 2020.

لقد صرح شارون بأن يريد استجلاب يهود العالم إلى إسرائيل، لكن المخطط الإسرائيلي الذي يبين عدد اليهود وأوضاعهم في بلاد العالم وحاجة إسرائيل إليهم يبيّن أن هذا الهدف غير قابل للتحقيق بأكمله.

يقدر عدد اليهود في العالم عام 2020 بحوالي 12,850,000 كحد أدني و13,820,000 كحد أقصي، سيكون منهم في إسرائيل 5,634,000 (42%) كحد أدني و6,863,000 (52%) كحد أقصي. لكن عدد اليهود في العالم يتناقص بنسبة – 5ر0% في السنة بسبب التـزاوج والتخلي عن الالتـزام الديني في البلاد الغنية. ونسبة اليافعين من سن صفر إلى 14 سنة في إسرائيل تبلغ (23-25%) وهي أعلي بكثير من نسبتهم بين اليهود في العالم ( 9-14%). وهذا معناه أن إسرائيل تستطيع صهر مجتمع جديد في قولبها، وحسب نظام تعليمها المتطور، رغم أن هذا يعني تكاليف أعلي من استحضار مهاجر كامل التعليم مثل حالة الروس.

ويؤكد المخطط على ضرورة بقاء الجالية اليهودية في أمريكا قوية متماسكة مع توثيق التعاون معها بواسطة برامج عديدة. بينما يري المخطط في إنجلترا طائفة فاشلة عديمة القيمة (!). وباستثناء روسيا التي يري المخطط ضرورة بقاء طائفة هامة فيها، وفرنسا لاسباب تاريخية، يتوقع نـزوح باقي الجاليات إلى إسرائيل. وهذا ما عناه شارون عندما دعا إلى هجرة كل اليهود إلى إسرائيل.

ويقدر عدد اليهود عام 1993 في أهم بلاد العالم كالآتي بالترتيب: الولايات المتحدة 5,650,000، إسرائيل 4,335,200، فرنسا 530,000، روسيا 410,000، كندا 358,000، بريطانيا 296,000، أوكرانيا 245,000، الأرجنتين 210,000، البرازيل وجنوب أفريقيا 100,000 لكل منهما، والباقي أقل من ذلك.

وبتفحص هذه الأرقام وتقدير عدد المستهدفين من الهجرة، نجد أن أعلي تقدير لهجرة اليهود لن يتجاوز 1,600,000 وأدني تقدير 800,000، في حال بقيت الظروف في إسرائيل مواتية ومشجعة للجذب، أو كانت الظروف في الخارج مساعدة على طرد اليهود منها، (بسبب الأحوال الاقتصادية كما حدث في روسيا أوائل التسعينات، وهو الوضع الذي تغير الآن).

هذا يعني أن لهجرة اليهود سقفاً أعلي مهما اختلف مكانه، وأنه سيأتي اليوم الذي يتجاوز فيه الفلسطينيون في إسرائيل عدد اليهود فيها بغض النظر عن الهجرة. وهذا ما نقدره في عام 2070 كحد أقصي. لكن نسبة الفلسطينيين الآن في فلسطين التاريخية، التي تشمل إسرائيل والضفة وغزة، تساوي 47% من مجموع السكان، ونسبة اليهود 53%. ولو أخذنا في الاعتبار أن نسبة كبيرة من الروس هم من غير اليهود، لانعكست هذه النسبة لصالح الفلسطينيين. ولذلك فإن الغالبية العربية ستتحقق لاشك، وخطط إسرائيل في المحافظة على الأغلبية ما هي إلا وهم وسراب.

ويناقش المخطط المشاكل الرئيسة بين إسرائيل ويهود العالم وهي تتمثل في الآتي: (1) إن إسرائيل لا تحترم "يهود الشتات" الذين يدفعون لها لإرضاء ضمائرهم (كان بن جوريون أول من أثار هذا الشعور، لأنه يريد اليهود جنوداً في جيش إسرائيل) (2) تشعر إسرائيل أن لها الحق التدخل في شئون "يهود الشتات"، ولتنفيذ هذا يجب أن تكون لديها قوة عسكرية ضاربة تستطيع إنقاذ اليهود في أي مكان (وهذا مبدأ في غاية الخطورة دولياً)، (3) ترغب إسرائيل في المحافظة على يهود أمريكا لسببين مهمين: اللوبي السياسي وجباية الأموال (4) يجب على إسرائيل معالجة مشكلة الولاء المزدوج لليهود في العالم، بحيث تقنع الدول أن مواطنيها اليهود مواطنون مخلصون، ولذلك لا ضير في تقلدهم مناصب هامة، وفي نفس الوقت، يكون ولاء هؤلاء الأول لإسرائيل، التي تستطيع بالمقابل حمايتهم في بلادهم وتوفير مكان آمن لهم في إسرائيل.

وترغب إسرائيل في أن تكون "مركز الذاكرة اليهودية والثقافية والملجأ" لكل اليهود، وعليها أن تطور قدراتها لكي تستطيع التدخل لإنقاذ اليهود في أي مكان في العالم سياسياً وإعلامياً وعسكرياً أيضا. وبالمقابل فإن على "يهود الشتات" تعزيز جهودهم لتكريس تفوق إسرائيل في الاقتصاد والأمن. ولكي يتم هذا، فإنه يجب منع الذوبان اليهودي في مجتمعات الدول الأخرى، وذلك بالتأكيد على تفوق المبدأ الصهيوني وتعليمه للصغار وعلى مستويات مختلفة في المجتمعات. (على هذا الأساس، موّل بعض الصهاينة الأغنياء برنامج "حق مسقط الرأس"، لإحضار اليافعين من اليهود لزيارة إسرائيل وتشرب المبادئ الصهيونية في إجازة مجانية. آخر فوج أحضر 500 روسي من الصبيان للتعرف على إسرائيل والإقامة في الكيبوتز).

ويأخذ المخطط في الاعتبار أن اليهود ليسوا نسيجاً متجانساً، وإنما هم عينات من شعوب العالم، كل يمثل حضارة بلده. ولكنه يحاول إيجاد خيط مشترك بينهم حول الدين اليهودي والعقيدة الصهيونية معاً. ويذكر أن هناك مشاكل اجتماعية بين اليهود أنفسهم في إسرائيل وهم يمثلون العالم كله، ثم هناك مشاكل بين يهود إسرائيل "ويهود الشتات"، وأيضا مشاكل بين يهود وغير يهود (يقصد الفلسطينيين) في إسرائيل نفسها.

ورغم أن المخطط يقدر كثيراً الإنجازات في إسرائيل خصوصا على الصعيد العسكري والاقتصادي، إلا أن الطموحات أكثر بكثير من الإمكانيات. ويبّين أن تركيز القوة اليهودية في مكان صغير واحد له مساوئ، فوجودها مهدد، (مشيراً إلى أنه لا توجد لها ولا لأعمالها شرعية دولية)، ولذلك فإن الأمن الاستراتيجي هي أول وأهم الأولويات، بغرض الاحتفاظ بالمكاسب التي حصلت عليها من أرض اغتصبت ومياه سرقت ومهاجرين يهود يلزم إيواؤهم. وهذا الاكتظاظ أدي إلى مشاكل في البيئة. كما أن المجالات الصناعية التي يمكن تطويرها محدودة بسبب عدم وجود الحيز الجغرافي الكافي.

ويري المخطط أن علاج هذه المشكلة يجب أن يتم على النحو الآتي: ضرورة الوصول إلى نظرية حرب مستحدثة غير مشروطة بالمكان ولا بمحدودية الجغرافيا، وذلك باستعمال RMA أي "الثورة في الفنون العسكرية" وهذا ما فعلته إسرائيل بتطوير سلاحها الجوي والصواريخ والأقمار الصناعية ومعالجة المعلومات إلكترونيا في تعاون لصيق مع الولايات المتحدة. وقد جاء في المجلة الأمريكية Middle East Insight عدد يونيه – يوليه 2001 نقلاً عن خبراء عسكريين أن أمريكا لم تستعمل في حرب الخليج عام 1990 كافة إمكانياتها الحديثة المتوفرة في تلك الحرب. ويقول الخبراء العسكريون أن الجيوش العربية ليست مؤهلة لما يمكن تسميته بالحرب الجوية الإلكترونية، وتركيا وإيران لاتزالان بعيدتان عن ذلك، وكان الخوف من العراق أن يطورّ هذا المفهوم قبل القضاء على قوته العسكرية، وأن إسرائيل أقرب تلك الدول إلى المستوي الأمريكي من حيث الفنون العسكرية. وإسرائيل بهذا الأسلوب تتغلب على حجمها الصغير، أرضاً وسكاناً، كما يقول المخطط.

والصعوبة الأخرى التي تواجهها إسرائيل أنها لا تستطيع أن تصبح دولة صناعية أولى دون أن يتسع حجمها الحالي. وتدلل على ذلك بأن سبب تفوق أمريكا هو الرقعة الجغرافية الكبيرة، وأن هذا سبب تجمع الدول الأوربية في كيان واحد ولو لم يتم تجانسه بعد. أما الأمثلة الناجحة لدولة صغيرة ذات اقتصاد قوي، مثل سويسرا وسنغافورة، فيقول المخطط أن هذا استثناء له ظروفه الخاصة.

إسرائيل في أجواء السلام

لعل هذا السيناريو هو أهم وأخطر البدائل الممكنة، سواء بالنسبة لإسرائيل أو للعرب، ولذلك فإن المخطط يعترف بداية بالحدود الضيقة لهذا البديل، ويؤكد أنه لا مناص من التمسك بمبدأين: الأول "تعزيز الأمن القومي"، وبعبارة أخري استمرار التفوق العسكري الإسرائيلي على العرب وتطويره، والثاني "ضمان الملكية القومية على الأرض"، وبمعني آخر استمرار احتلال الأرض العربية واستغلالها للاستعمالات اليهودية.

إذن فأجواء السلام بالنسبة لهذا المخطط لا تعني إزالة النـزعة العسكرية العدوانية في إسرائيل التي أدت إلى كل الحروب السابقة، ولا تعني الانصياع إلى القانون الدولي الذي يؤكد عدم جواز احتلال الأرض العربية أو مصادرتها عند بسط السيادة عليها. وعليه يتوقع المخطط زيادة المساحات المخصصة "للاحتياجات" الأمنية، وتحديد مناطق حدود جديدة، ويتنبأ بزيادة التوتر بين سكان إسرائيل اليهود والعرب.

بهذه المقدمة التي لا تبشر بخير، يفترض المخطط في سيناريو السلام بتفاؤل لا مبرر له أن الوضع الجغرافي (أي الأرض والحدود) والسياسي (أي المعاهدات التي تعطي شرعية لها) سوف يستقر، وأن النـزاع العربي الإسرائيلي سوف ينتهي في كل القطاعات وأن إسرائيل ستقيم علاقات دبلوماسية مع كل الدول العربية والإسلامية. ويتوقع المخطط أنه خلال 30 عاماً، سيكون في فلسطين، بين البحر والنهر، دولة إسرائيل وكيان فلسطيني في الضفة وغزة، له إدارة ذاتية، مع تقييد بارز في مجال الجيش والأمن. مع احتمال أن يشترك الاثنان في تركيبة فدرالية أو كنفدرالية مع الأردن. وهذا معناه الرفض لدولة فلسطينية عاصمتها القدس وعدم عودة اللاجئين.

وتبلغ الجرأة بالمخططين أن يتصوروا أن هذا ممكن مع قيام علاقات عادية مع الدول العربية والإسلامية. بل أن الاستسلام العربي الذي يتخيلونه سيقابله على الجانب الإسرائيلي تقييد للحدود مع الكيان الفلسطيني والعرب بحيث تكون الحركة مفتوحة للأشخاص والبضائع اليهودية إلى خارج إسرائيل وتكون مغلقة أمام الأشخاص والبضائع العربية إلى داخل إسرائيل (!)، وتُمنع "الهجرة" العربية إلى إسرائيل، أي عودة اللاجئين.

ويتوقع المخطط أن عملية السلام ستتراجع عن اتفاقية أوسلو وتعود الأوضاع إلى حالة العداء السابقة، وقد تُلغي معاهدات السلام مع مصر والأردن. وستزداد الضغوط الدولية، ويتـزايد الوعي في المجتمع الإسرائيلي والعربي بمزايا السلام، مما يبرر "الثمن" المطلوب دفعه أي القبول بالواقع. وفي النهاية سيتحقق سيناريو السلام حسب الفرضيات الإسرائيلية الأولي.

وتري إسرائيل أن هذا "السلام" سيعود عليها بفوائد خارجية كثيرة منها زيادة الاستثمارات وجذب المهاجرين اليهود. ويتبع ذلك تغييرات هيكلية بحيث يتخصص الاقتصاد الإسرائيلي في مشاريع تعتمد على العلم والتكنولوجيا، بينما يقوم الأرقاء العرب، بتوفير اليد العاملة الرخيصة. ويتوقع المخطط تقلصاً في قطاع الزراعة أمام الإنتاج الفلسطيني (وهو الآن ينتج 2% من الناتج القومي ويستغل جميع الأراضي الفلسطينية المصادرة وأكثر من ثلثي كمية المياه من أجل 8,600 شخص من سكان الكيبوتز يعملون بالزراعة).

أما التعاون الإقليمي الاقتصادي الذي يروّج له شمعون بيريز، فلا يري المخططون جدوى كبيرة من جهة إسرائيل للتعاون الإقليمي العربي الإسرائيلي، لأنهم لا يعتقدون أن السوق العربي مؤهل لاستقبال المنتجات الإسرائيلية المتطورة (أو بكلمات أبسط: العرب يشترون الكاميرات والتلفزيونات، ولكن لا يشترون أجهزة نقل المعلومات إلكترونيا). ومن منظور واقعي، لا يري المخططون أن أصحاب رءوس الأموال العربية سيندفعون للاستثمار في إسرائيل، وهذا النفور سيقف حائلاً أمام الأنشطة الأخرى التي تصل بين المورد والمستهلك، وبكلمات أخرى، يدرك المخططون أن الشعب العربي لن يقبل إسرائيل، ولو قبلت حكوماته بها. وأنها ستبقي جسماً غريباً شاذاً عدوانياً، قابلاً للتوسع باستمرار.

وأكثر من ذلك: تري إسرائيل أن هذا التعاون قد يعود عليها بالمشاكل.أولا إن انعدام المساواة بين الاقتصاد الإسرائيلي والعربي سيؤدي إلى توترات سياسية ومخاوف عربية من "الامبرالية الاقتصادية" لإسرائيل. كما أن دخول قوة عاملة رخيصة قد تسبب مشاكل اجتماعية بالمنافسة مع الطبقات الفقيرة في إسرائيل وقد تحدث تحولات سكانية "غير مرغوبة"، نتيجة لاستقرار عمال عرب في إسرائيل. ولذلك من المتوقع أن تركز إسرائيل على النشاطات التي تهمها وهي مجالات البنية التحتية والمواصلات والسياحة، والمياه.

أما البنية التحتية فغرضها ربط إسرائيل بالبلاد العربية في الاتجاهات التي تهم إسرائيل، دون تأثير سلبي عليها لو انقطع هذا الربط. ومن حيث المواصلات، فإن المخطط يقدم خرائط تفصيلية للطرق السريعة المزمع إنشاؤها مع بيروت ودمشق وعمان والعقبة والقاهرة عن طريق العريش والسويس. ويلاحظ أن تخطيط إسرائيل للطرق يمتد دائماً بشكل مواز للحدود وليس عمودياً عليها، بحيث تسهل الحركة داخل إسرائيل، وتصعب على العدو الخارجي الاستفادة منها إلا اذا اخترق الحدود. وهنا وضع المخططون نقاط حدود مركزة محدودة العدد، تعمل مثل صمامات الأمان، تسمح بالخروج من إسرائيل ولكن ليس بالدخول إليها. وقد تم اختيار 13 نقطة محصنة مجهزة بكل الاحتياطيات الأمنية. وبوابات إسرائيل الرئيسة ستكون في المستقبل: 3 على حدود قطاع غزة، 1 في طابا أو العقبة، 2 شمال وجنوب القدس، 2 على نهر الأردن، 4 على حدود الضفة، 1 في رأس الناقورة في شمال فلسطين.

وعندئذ سيكون الطريق السريع، عابر إسرائيل، قد تم بناؤه بحيث يمتد من الشمال إلى الجنوب قريباً من خط الهدنة، مقطعاً بذلك أوصال القرى الفلسطينية في إسرائيل، ويتفرع الطريق في الشمال إلى فرع يتجه إلى دمشق والآخر إلى بيروت. اما في الجنوب فيتجه إلى بئر السبع. ويدور حولها لكي يحتضن منطقة تطوير جديدة تصل إلى أكثر من عشرة أضعاف المساحة الحالية، بما في ذلك إقامة خدمات صناعية واسعة ومطار كبير. وكذلك سيتم تطوير منطقة كبيرة في الجليل شرق عكا وحيفا. والغرض من مشروعي التطوير هذين هو إقامة مناطق صناعية جديدة مع تفتيت الكثافة العربية في الجليل والنقب، بحيث يصبح الوجود العربي في مناطق متفرقة معزولة وضعيفة.

ويهدف مخطط إسرائيل في "أجواء السلام" إلى تطوير المنطقة الساحلية الممتدة من قطاع غزة إلى العريش، والمنطقة الساحلية من حيفا إلى بيروت، ومنطقة العقبة وإيلات وطابا، ومنطقة طبرية والجولان، كما يقترح المخطط منافذ متعددة من النقب إلى سيناء والأردن. ويلاحظ أن جميع هذه المناطق توسع مساحة إسرائيل في أراض عربية، تحت إسم التعاون الإقليمي، كما أنها مخارج لإسرائيل وليست مداخل لها.

أما تأثيرات "السلام "في المجال الاجتماعي، فسيؤدي إلى تغيرات ديموغرافية، إذ سيبلغ سكان فلسطين من النهر إلى البحر التي ستبقي سيادة إسرائيل عليها أحد عشر مليون نسمة بدون مسيرة السلام، وثلاثة عشر مليوناً إذا حل السلام. وهذه الزيادة تعود إلى تشجيع اليهود على الهجرة إلى إسرائيل عند حلول السلام، وعودة بعض اللاجئين إلى الكيان الفلسطيني بعد إسقاط الحقوق القانونية لجميع اللاجئين.

وفي ظل السلام ستزداد روابط إسرائيل بالمجتمع الغربي. وفي نفس الوقت سيتهدد إسرائيل خطر ذوبان الهوية الإسرائيلية في الثقافة العالمية، والخطر الناجم عن غياب التهديد الدائم لوجود إسرائيل، الذي يفتت الهوية الإسرائيلية (!). كذلك سيؤدي النمو الاقتصادي إلى توسيع الفجوات بين طبقات المجتمع وتتهمش المجموعات الضعيفة وتتـركز في أطراف البلاد، بعيداً عن مراكز الطاقة في الوسط ويهدد هذه وجود قوة عمل فلسطينية رخيصة. وهذا ينسحب على الفلسطينيين في إسرائيل، فسيزداد اغترابهم عن المجتمع الإسرائيلي ثقافة واقتصاداً، ويؤدي إلى المطالبة بالحريات وربما الانفصال. ولذلك فان المخطط يسعى إلى ردم هذه الفجوات الاجتماعية والاقتصادية ولكن بالقدر الذي يمنع تحولها إلى أخطار تهدد الدولة.

ماذا يمكن أن نستخلص من هذا؟

أولاً لا فائدة من جلد الذات والشعور بالإحباط، لان هذه الخطط وأمثالها هي مجهود طبيعي يقوم به المخططون في أوربا وأمريكا بشكل روتيني. واستزراع بعض هؤلاء الخبراء في إسرائيل لا يعني أن هذا الجهد وليد إسرائيل، بل يعني أن الصهيونية العالمية تستقطب إمكانياتها في مقر عمل واحد وهذا ما يسمح باستقدام هؤلاء الخبراء من كل مكان. وهذا ما حدث في الخليج، خصوصاً في الكويت، إذ تم وضع خطة هيكلية شاملة لمستقبل الكويت باشتراك خبراء وأجانب منذ منتصف الستينات. ولاتزال الخطة سارية مع التعديلات اللازمة لمواجهة الظروف المتغيرة.

ثانياً، أن الخطط العربية للتطوير يجب إلا تقتصر على مشاكلها العادية من زيادة في السكان وقلة في الموارد وهبوط القيمة الإنتاجية للقوة العاملة، واعتماد الاقتصاد في بعض البلاد على سلعة واحدة مثل البترول. بل يجب أن تتعدى ذلك إلى مواجهة التحديات التي يمثلها وجود إسرائيل في المنطقة. أي أن الدفاع الساكن لا يكفي. يجب تفعيل المواجهة الدنياميكية لكل التحديات التي تمثلها إسرائيل. وأضعف الأيمان أن تكون هناك خطط مضادة، خصوصاً وأن مبادئ الصهيونية ثابتة، وأساليبها وخططها ووسائلها معروفة ومنشورة لمن يريد دراستها.

ثالثاً، أن خطط إسرائيل للمستقبل لم تتخل عن أي من ثوابتها القديمة. فالعقيدة الصهيونية لاتزال هي الوقود الذي يحرك إسرائيل، مع أنها قد تغيرت وتبدلت لتناسب الظروف المحيطة. ولا تزال إسرائيل إلى اليوم تستولي على الأرض العربية وتتوسع في الاستيلاء كلما تمكنت من ذلك. ولاتزال إسرائيل تمنع عودة اللاجئين إلى ديارهم وتمنع قيام دولة فلسطينية، متحدية بذلك المجتمع الدولي كله. وهي كدولة فريدة في العالم، تتمكن من إدامة هذا التحدي بقوة الولايات المتحدة. ولاتزال إسرائيل تزيد من تفوقها العسكري على العرب، وتلجأ إلى وسائل جديدة لم تطورها إلا امريكا وهي بالتبعية، تلك هي فنون الحرب الجوية والإلكترونية. وهذا ما يساعدها على تحقيق هدفين هامين: الأول بسط نفوذها على مساحات أكبر وأبعد من الدول العربية المجاورة، والثاني تقليل عدد الإصابات في الحرب، الأمر الذي لا تستطيع قبوله، خصوصا بالمقارنة بما يقبله خصومها.

رابعاً: أن إسرائيل تريد أن تحقق نفس الأهداف القديمة في التوسع والسيطرة، ولكن بطرق أخري، غير عسكرية مباشرة. التعاون الإقليمي ما هو إلا شعار تحته يتم تحقيق هذه الأهداف. وذلك عن طريق الترغيب والترهيب، الترغيب بمزايا اقتصاد قوي، والترهيب بقوة عسكرية كامنة خلف الأفق. وهذا هو نفس الأسلوب الأمريكي الذي ينفذ أهدافه تحت مظلة دولية إن أمكن، عن طريق مجلس الأمن، أو عن طريق التحالف، أو عن طريق مؤتمر إقليمي، أو عن طريق تركيب تحالفات إقليمية تخدم الهدف، أو عن طريق تفكيك تحالفات إقليمية تراها معادية لها. هذا كله دون أن يقتل جندي واحد. ولكن الوعد بالدولار والتهديد بالقوة خياران معروضان باستمرار.

خامساً، أن إسرائيل تحتاج أكثر من العرب إلى نوع "السلام" الذي تعرّفه تعريفاً خاصاً بها. فالواضح من مخطط إسرائيل لعام 2020 أن إسرائيل على وشك الانفجار إلى الخارج، لأنه لا الرقعة الجغرافية، ولا عدد السكان المنتظر، ولا الأهداف الاقتصادية، ولا الموارد الطبيعية مثل المياه والبترول، تكفيها أن تنكفأ على نفسها وتتقوقع. إسرائيل تري أنها لابد أن تتوسع فعلاً ومجازاً، معني ومبني. تستبعد إسرائيل أن يتم انتشارها هذا باحتلال جديد، أو بحرب جديدة، ولو أن هذا وارد، ولم ينقص، بل زاد، من استعدادها العسكري. ولكنها تريد أن يتم هذا الانتشار بطرق "سلمية"، لان هذا له مزايا عديدة. أولها أن يتم الاعتراف بشرعية وجود إسرائيل خصوصاً بتوقيع الضحية والمتضرر الأول: الفلسطينيين. إذ رغم ضعفهم العسكري، يبقي خضوعهم واستسلامهم وتنازلهم عن حقوقهم غير القابلة للتصرف هو أهم هدف إسرائيلي. وحينئذ تسقط كل القرارات الدولية. وثانيها أن سائر دول العالم، خصوصاً أوربا والدول العربية الراغبة، ستهرع إلى التعاون مع إسرائيل بعد أن تم تطهيرها وإعلان براءتها، وثالثها أن توسع إسرائيل في ظروف السلام سيكون مطلقاً ليس له حدود، بعكس التوسع العسكري الذي ستحده إمكانياتها العسكرية ومواصلاتها، وسيحده أيضا موقف المجتمع الدولي.

إذن فمخطط السلام هذا يعطي نتائج أكبر بثمن أقل. وهذا ما تسعي إليه إسرائيل الآن بكل قواها.

إلا أن خطط إسرائيل في أن تنفذ أهدافها كلها ستبقي مجرد حلم. قطعاً ستنجح في تحقيق كثير من أهدافها، ولكن هناك علل في تكوينها وقوة في خصمها. نقاط الضعف في إسرائيل أن قوتها الاقتصادية ليست مرتبطة بالأرض ولا علاقة للأرض بها. إن صناعة التقنية العالية يمكن إنتاجها في مناطق حرة في أي مكان من العالم أو على ظهر حاملة طائرات، فمساحتها محدودة، وعدد العاملين فيها لا يتجاوز 50,000، وهي جزء من العولمة التي تحكمها قوي السوق، وليس قرارات حكومة إسرائيل.

صحيح أن جيش إسرائيل مصدر قوة لإسرائيل، ليس لاسباب عسكرية فقط، بل لأنه وسيلة لصهر الشباب من 102 دولة في بوتقة صهيونية واحدة، وتعليمهم التحدث بلغة واحدة هي العبرية. ورغم أن التقنية العالية في الجيش ستغني عن الحاجة إلى قوات مشاة تقليدية بالملايين، كما هو الحال في الجيوش العربية، إلا أن الجندي يبقي مهماً في النهاية لأنه يلزم للسيطرة على الأرض. وهنا تكون الإصابات في الجيش، خصوصاً اذا استمرت لفترة طويلة ولو على مستوي منخفض، مصدر قلق شديد للمؤسسة العسكرية والمجتمع الإسرائيلي.

ونقطة ضعف أخري في إسرائيل، أنه كلما زاد تطورها الاقتصادي، كلما اقتصرت فوائد ذلك على شريحة صغيرة هي الاشكناز. وسيخلق ذلك، كما هو حاصل الآن، توترات شديدة مع الحاريديم، الذين يتكاثرون بسرعة، والمزراحيم (الشرقيون) الذين لا يزالون في أسفل السلم الاجتماعي اليهودي. هذا الوضع سيؤدي إلى قلاقل سياسية داخلية، خصوصاً إذا بطل مفعول الدعاية الصهيونية التي تضخم التهديد العربي لوجود إسرائيل. وهذه القلاقل ستؤدي إلى المطالبة بالمساواة وتحقيق العدالة، وربما تؤدي إلى حرب أهلية محدودة.

على أن شرارة هذه القلاقل قد تبدأ بمطالبة الفلسطينيين في إسرائيل بحقوقهم الكاملة، ولا يمكن تجاهل ذلك إذ ستصل نسبة الفلسطينيين إلى اليهود في فلسطين إلى 40% عام 2020. وقد تؤدي سياسة إسرائيل في استمرار احتلال الضفة وغزة إلى نتيجة عكسية، ذلك أنه يصبح كل اليهود في إسرائيل وحوالي نصف الفلسطينيين في العالم مشتبكين ومختلطين في فلسطين التاريخية. أي أنه قد تتم إعادة تركيب فلسطين الممزقة إلى حدودها الجغرافية السابقة ولكن بزيادة عدد اليهود ونقص عدد الفلسطينيين عما كانوا عام 1948. ورغم زيادة هؤلاء بالهجرة ونقص أولئك بالتنظيف العرقي فإنهم متساوون في العدد الآن. ومهما استمرت الهجرة اليهودية فإن لها حداً أقصي سيصلونه خلال سنوات قليلة، ويبقي تكاثر الفلسطينيين قائماً ومستمراً. وبالطبع ستستمر إسرائيل في سياساتها العنصرية وتطبيق نظام الفصل العنصري (الابرتهايد)، ولكنها لن تنجح، لأن الفلسطينيين ليسوا نظيراً للأفريقيين ولان القرن الواحد والعشرين ليس مماثلا للقرن التاسع عشر.

هذا كله يتعلق بما يجري في إسرائيل وحولها. لكن الحقيقة الساطعة هي أن العرب لن يحققوا شيئاً من آمالهم، بل سيخسرون ما لديهم، إذا استمروا في انتظار أن يسقط عدوهم من التعب أو التخمة. لابد أن يكون للعرب دور فاعل في تقرير مصيرهم وتطوير قدراتهم في كل المجالات. وهذا لا يكون إلا بقيام كل فرد من الملايين الثلاثمائة بدوره كاملاً. هذا هو التحدي الحقيقي للمستقبل.

خطة إسرائيل لعام 2020

مقدمة: في عام 1994، قامت إسرائيل بدراسة شاملة لوضع تصورات عن حال إسرائيل بعد ربع قرن أي حتى عام 2020، واشترك في الدراسة 250 خبيراً فنياً من كبار المهنيين من الشركات الهندسية والمتخصصة والأكاديميين من كل الجامعات وممثلين لعشر وزارات أساسية والجيش والمخابرات والوكالة اليهودية وسلطة المياة ودائرة أراضي إسرائيل. واشترك في العمل خبراء من دول أجنبية للإفادة من تجاربها في التطوير والنمو، ومن هذه الدول ايرلندة والدنمرك وبريطانيا والسويد واليابان وهولندا وألمانيا، وبالطبع الولايات المتحدة.

أصدر الدراسة معهد صمويل نيمان التابع لمعهد التخنيون في حيفا، وقام بالتنسيق وإدارة العمل البروفسور آدم مازور. وصدر العمل كاملاً بالعبرية بعد 3 سنوات في عام 1997 في 18 مجلداً في كل الاختصاصات مدعمة بالجداول والخرائط والرسوم. وقد ترجم مركز الدراسات العربية في بيروت نصف هذه المجلدات تمهيداً لنشرها قريباً.

المسارات الرئيسة

تعالج الدراسة 3 مسارات رئيسة هي:

  1. ما هي طبيعة إسرائيل عام 2020 في حال استتباب السلام؟
  2. ما هي الظروف والإمكانيات التي تجعل إسرائيل عام 2020 في صفوف أكثر الدول الصناعية تقدماً؟
  3. ما هي العلاقة المثلي بين إسرائيل "والشعب اليهودي" (كذا) في العالم، هل هي علاقة شراكة أم تعاون أم تبعية؟

في كل مسار، تناقش الدراسة كل الظروف والعوامل الحالية أو المساعدة على الوصول إلى الهدف، وترتبها في 4 درجات من التوقعات: الوضع الحالي كما هو، تقدير متشائم، تقدير متفائل، أكثر التقديرات احتمالاً.

القاعدة المشتركة القاعدة المشتركة في كل الدراسات هي: الأرض، ما هي مساحتها، وأين هي؟ ومن يستغلها؟ وكيف توزع بين النشاطات المختلفة؟ الناس، ما عددهم؟ من أين؟ ما هي أعمالهم؟ وأين يسكنون؟ الهجرة (هذا يعالج بتفصيل في المسار الثالث).

بالنسبة للأرض، تعتمد الدراسة على بقاء الجولان تحت الاحتلال، والضفة وغزة تحت نوع من الحكم الذاتي، والحدود مفتوحة مع الدول العربية. (تفصيل وخرائط).

بالنسبة للناس، تهتم الدراسة بموضوعين: تكاثر الفلسطينيين في إسرائيل (اكتشفنا دليلاً على خطة لتسفير داخلي، وتقطيع تواصل القرى العربية )، والهجرة اليهودية لمجابهة هذا التكاثر.

المسار الأول: التقدم العمراني في إسرائيل عام 2020

التوسع الجغرافي والاقتصادي "السلمي" في البلاد العربية. توزيع السكان والتعمير المقترح خلال ربع قرن. حرية حركة اليهود إلى البلاد العربية ومنع حركة العرب إلى إسرائيل. المشاريع الحدودية مع مصر والأردن وسوريا ولبنان. خرائط وجداول وتفسيرها.

المسار الثاني: التقدم الصناعي

استغلال أقصي الطاقات الموجودة والمستجدة. تطوير الصناعة التقنية العالية والصناعات العسكرية. زيادة الناتج القومي إلى 220 مليار دولار (37000 دولار للشخص اليهودي في السنة ) الوصول إلى مصاف الدول الصناعية (أي الدرجة السادسة إلى الثامنة بين 24 دولة أول ). ارتفاع نسبة الطاقة العاملة إلى مجموع السكان (40% ). التغلب على المشاكل والعقبات وهي: صغر المساحة، والكثافة السكانية، والتلوث، وازدياد الفوارق الطبقية بين الاشكناز والسفارديم. اختيار النموذج المطلوب إتباعه: أوربا الغربية، أمريكا الشمالية، اليابان.

المسار الثالث: اليهود في العالم

تتحدث الدراسة عن "شعب يهودي واحد" ولكنه موزع جغرافياً. تفصيل لعدد وخصائص كل جالية يهودية في العالم. 98% من اليهود يعيشون في دول غنية. عدد اليهود في العالم (حوالي 13 مليون ) يتناقص بالزواج المختلط والتخلي عن الديانة في البلاد الحرة. الهدف نقل أكثر من نصف اليهود (52%) في العالم إلى إسرائيل. الرغبة في إبقاء جالية يهودية قوية في أمريكا وفرنسا وروسيا، وتسفير الباقي إلى إسرائيل.

الخلاصة

  1. هدف إسرائيل التوسع الجغرافي والاقتصادي عن طريق معاهدات "سلمية" (إن أمكن)، تسمح لها بالتوغل في البلاد العربية وليس العكس.
  2. تبين الدراسة أن إسرائيل على وشك الانفجار إلى الخارج، ولذلك تحتاج إلى مساحة جغرافية، وسكان (يهود)، وموارد طبيعية (مياه وبترول).
  3. السلام بالنسبة لإسرائيل هو اعتراف العرب بإسرائيل وإبقاء الوضع الحالي كما هو وتهدئة الوضع في فلسطين (ضروري جداً) – عن طريق حكم ذاتي أو دويلة. ليست هناك أي نية في إعادة الحقوق الثابتة إلى أصحابها.
  4. آمال وطموحات إسرائيل تتعدى العرب كثيراً (لم يعودوا يمثلون لها أكثر من إزعاج) وتصل إلى العالم كدولة صناعية كبري ذات تخصص.
  5. تريد الخطة ربط اليهود في العالم كامتداد لإسرائيل في العالم واعتبار إسرائيل مركز قوتهم العسكري والحضاري (بما في ذلك إمكان تدخل إسرائيل العسكري لحماية اليهود، في الارجنتين مثلاً) وتدعيم التعليم الصهيوني لليهود الشباب في الخارج كمادة إجبارية.

هذه الدراسة ليست نظرية أخذاً في الاعتبار خلفية ومسئوليات كل من شارك فيها (مجلدات الدفاع والأمن لم توزع)، ولكنها بالطبع تخضع لتغيرات وتحولات مع الزمن حسب الظروف كما هو الحال في جميع الخطط الهيكلية.

ولذلك، في يناير 2001، أجتمع خبراء مجلس الأمن والتوازن الإسرائيلي (غير الرسمي) في هرتزليا ووضعوا مخططات لمجابهة "الخطر الديموغرافي" الفلسطيني. وفي يناير 2002 اجتمع عدد من المختصين وأصدروا ميثاق طبرية لتعريف الصهيونية الجديدة التي نزعت جلد صهيونية بن جوريون الاشتراكية وأصبحت الآن رأسمالية. وبين شخصيات الدراسة واجتماعي هرتزليا وطبريا شخصيات مشتركة كثيرة.

العرب

ماذا يعني هذا كله للعرب؟ وماذا يمكن أن يعملوا؟ وهل تسعي خططهم (إن وجدت) إلى تطوير قدراتهم الذاتية لتحسين أوضاعهم الداخلية في حد ذاتها، أم لمجابهة خطط إسرائيل؟ وما هو المعيار للتركيز على هذا أو ذاك؟ وهل هناك منفعة لإحدى الدول العربية أن تتهاون وتتعاون مع إسرائيل من أجل مصلحتها الذاتية؟ وهل يجدي أن ننتظر أن تسقط إسرائيل (عسكرياً، صناعياً، سكانياً؟ ) بتأثير عوامل الضعف والوهن من داخلها؟

هذه أسئلة تنتظر الجواب.