اللاجئون: من هم وأين هم؟

لا يوجد في التاريخ الحديث مثل يوازي جريمة التنظيف العرقي للفلسطينيين من ديارهم عام 1948. لقد هاجمت أقلية أجنبية الأكثرية الوطنية وطردتها من ديارها ومحت آثارها العمرانية، وذلك بتخطيط مسبق ودعم سياسي وعسكري ومالي من الغرب والصهيونية العالمية. هذه هي نكبة فلسطين عام 1948.

الجدول 1 يبين مواطن الفلسطينيين التي عاشوا فيها عدة قرون إلى أن اقتلعهم الغاصب منها. والجدول 2 يبين أين هم اليوم، موزعين في الشتات. ورغم عدة حروب وغارات برية وجوية، ورغم الاحتلال والتشريد، فإن 88% من الفلسطينيين لازالوا يعيشون في أرض فلسطين التاريخية وشريط حولها في الأردن ولبنان وسوريا. من هؤلاء 46% لا يزالون على أرض فلسطين التاريخية و42% في الدول العربية المجاورة. أما الباقون (12%) – أي حوالي مليون شخص – فنصفهم مقيمون في بلاد عربية أخري والنصف الآخر في بلاد أجنبية (أوربا وأمريكا). وهؤلاء جميعاً ذوي خبرة مميزة وتعليم عال مما مكنهم في العمل في هذه البلاد.

لقد طرد الصهاينة بقوة السلاح أهالي 530 مدينة وقرية وقبيلة عام 1948، واستولوا على أراضيهم التي تبلغ مساحتها حوالي 18,600,000 دنم أو يساوي 92% من مساحة إسرائيل (انظر جدول3). وقد اقترف الصهاينة ما يزيد على 35 مجزرة لكي يتحقق لهم الاستيلاء على فلسطين. لقد بينت الملفات الإسرائيلية التي فتحت أخيراً أن 89% من القرى قد هُجرت بسبب عمل عسكري صهيوني، و10% بسبب الحرب النفسية (نظرية التخويف وإثارة الرعب) و1% فقط بسبب قرار القرية. (أنظر جدول 4)

من هم اللاجئون؟

اللاجيء هو كل فلسطيني (غير يهودي) طرد من محل إقامته الطبيعية في فلسطين عام 1948 أو بعدها أو خرج منها لأي سبب كان، ولم تسمح له إسرائيل بالعودة إلى موطنه السابق. ويبقي اللاجيء محتفظاً بهذه الصفة إلى أن يعود هو أو نسله إلى نفس موطنه الأصلي.

وهذا معناه أن العودة إلى أرض فلسطين حتى لو كانت تلك الأرض دولة فلسطينية لا تسقط عنه صفة اللاجيء قانوناً ووجداناً وفعلاً، ما دام اللاجيء لم يعد إلى موطنه الأصلي، وبالطبع فإن التوطين في أي بلد عربي، بما في ذلك دولة فلسطين لو قامت، لا يلغي صفة اللاجيء.

وحتى لو كان الشخص مقيماً في فلسطين 1948 (إسرائيل) وأصبح مواطناً إسرائيلياً، ولكنه مُنع من العودة إلى قريته الأصلية فهو لاجيء. الآن يوجد في إسرائيل 250,000 لاجيء داخلي (أي حوالي ربع الفلسطينيين في إسرائيل)، كلهم منعوا من العودة إلى قراهم الأصلية. ومثال قريتي إقرت وبرعم معروف للجميع. فأهل هاتين القريتين طردوا من موطنهم في نوفمبر 1948 ووعدوا بالعودة خلال اسبوعين، ولم يعودوا حتى الآن بعد 52 سنة رغم صدور حكم لصالحهم من المحكمة العليا الإسرائيلية.

هذا التعريف للاجيء يطابق القانون الدولي الذي على أساسه صدر قرار الأمم المتحدة رقم 194 الشهير القاضي بحق اللاجئين في العودة. إذ جاء في المذكرة التفسيرية للقرار أن العودة تكون للموطن: البيت أو المنـزل أو الحقل نفسه الذي خرج أو أخرج منه، وليس إلى الوطن بمعناه العام.

وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة (الاونروا) استعملت تعريفاً آخر، إذ أضافت إلى التعريف السابق "والذي فقد مصدر رزقه أو يحتاج إلى معونة". وذلك لأن الغرض من الوكالة كان غوث اللاجئين بإطعامهم وتعليمهم ورعايتهم الصحية. ونلاحظ أن عدد اللاجئين المسجلين لدي الوكالة هو 3.8 مليون فقط من أصل 5.25 مليون لاجيء، مما يعني أن هناك 5ر1 مليون لاجيء غير مسجل.

تحاول إسرائيل أن تتلاعب بالتعريفات هذه لكي تقلل عدد اللاجئين. مثلاً تدعي أحيانا أن اللاجئين هم فقط سكان المخيمات، أي حوالي 1 مليون. وهذا خطل واضح. أو تدعي أن اللاجئين هم فقط الذين ولدوا قبل 1948 وتقدر عددهم ب50,000 شخص فقط، بينما العدد الحقيقي حوالي 500,000. وليست هناك قيمة قانونية لهذه الادعاءات كلها، لأن تعريف الأمم المتحدة في قرار 194 واضح تماماً. وإذا طبق هذا القرار، فليس لإسرائيل أن تختار وتنتقي من هم أهل اللد أو الفالوجة أو صفورية مثلاً، فهم معروفون لأنفسهم ولغيرهم من الفلسطينيين ومعظمهم في سجلات الاونروا، أو سجلات الأمم المتحدة للأملاك الفلسطينية وغير ذلك من السجلات.

وهناك تعبير آخر كثير الاستعمال، وهو "النازح"، أي الشخص الذي كان مقيماً حتى 1967 في غزة أو الضفة (سواء كان مواطناً أم لاجئاً) وخرج منهما إلى الأردن غالباً بسبب حرب 1967. وهذا التعبير ليست له قيمة قانونية، وهو اختراع إسرائيلي، والسبب رغبة إسرائيل في ادعاء سيادتها علي الضفة وغزة. وهذا ما يرفضه كل المجتمع الدولي بما فيهم أمريكا. ولذلك فهي تدعي الحق في السماح بعودة من تشاء من "النازحين". وإذا ما أزيل الاحتلال عن الضفة وغزة، يبقي اللاجيء لاجئاً والمواطن مواطناً ولهما الحق في التنقل والعيش كأي شخص آخر. ولذلك فإن المفاوضة حول "النازح" إنما هي اعتراف ضمني بالاحتلال أو بسيادة إسرائيل على تلك المناطق، بحيث يكون لها الحق في منع أو تحديد عدد "النازحين" المسموح لهم بالعودة، كلُ إلى بيته أو مخيمه.

وقد أكد المجتمع الدولي على حق اللاجئين في العودة بموجب القرار 194 أكثر من مائة مرة خلال 52 سنة في ظاهرة ليس لها مثيل في تاريخ الأمم المتحدة. وهذا القرار يتعدى قرار 242 المقصود به إزالة آثار عدوان 1967، كما أنه لا يتعارض مع قرار التقسيم (181) الذي يقضي بحق كل مواطن في بيته وأرضه بغض النظر عن سيادة الدولة التي يعيش فيها.

كما أن حق العودة مكفول بالمادة 13 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان. بل إن حق العودة نابع من حرمة الملكية الخاصة التي لا تسقط بالاحتلال أو السيادة أو مرور الزمن.

إن حق العودة حق فردي بموجب هذه التشريعات كلها ولذلك لا تجوز فيه الإنابة أو التمثيل، ولا يمكن إسقاطه في اي اتفاق أو معاهدة.

كما أن حق العودة حق جماعي بموجب حق تقرير المصير الذي أكدت عليه الأمم المتحدة عام 1974 في أقوي بيان جامع للحقوق الفلسطينية وأسمتها "الحقوق غير القابلة للتصرف".

ولذلك فهي لا تسقط في حالة إبرام معاهدة سلام، وبالطبع فإن إتفاق المبادي في أوسلو ليس له أي قيمة قانونية لإسقاط الحقوق "غير القابلة للتصرف".

هل العودة ممكنة؟ تلجأ الدعاية الإسرائيلية والموالون لها من الباحثين في الغرب إلى الزعم بأن عودة اللاجئين إلى أراضيهم، وإن اعترف البعض بانها سليمة قانوناً، إلا أنها مستحيلة عملياً، لأن الحدود ضاعت وامتلأت البلاد بالمهاجرين الجدد. وليس هناك دليل مقنع على صحة ذلك، وقد قمنا بدراسة ديموغرافية للسكان من يهود في الريف والحضر وفلسطينيين في 46 اقليماً طبيعياً تمثل التقسيمات الادارية لإسرائيل، وأضفنا إلى كل اقليم حصته من العائدين الفلسطينيين حسب مواطنهم الأصلية. فلم نجد ما يثبت هذا الزعم. ولتبسيط الموضوع، يمكن تقسيم إسرائيل إلى 3 مناطق: منطقة (1) وتشمل 8 أقاليم في المنطقة الوسطي للبلاد وحول حيفا ومساحتها 1,683 كم2 ويعيش فيها 68 في المئة من اليهود. وهذه المنطقة تطابق تقريباً في مساحتها ومكانها الأراضي اليهودية عام 1948، ما يؤكد أن العادات اليهودية في التجمع لم تتغير كثيراً خلال 50 سنة. ومنطقة (2) وتشمل 5 اقاليم ملاصقة لمنطقة (1) ومساحتها 1,318 كم2 ويعيش فيها 10 في المئة من اليهود. وهذه المنطقة تساوي تقريباً مساحة أراضي الفلسطينيين الذين بقوا في إسرائيل ولو أنها ليست بالضرورة في المكان نفسه. هذا معناه أن منطقتي (1)و (2) اللتين تبلغ مساحتهما 14 في المئة من إسرائيل هي مسكن 78 في المئة من اليهود. والباقي؟ الباقي هو منطقة (3) ومساحتها 17,325 كم2 وتساوي في مساحتها وموضعها موطن اللاجئين الفلسطينيين ويسكن فيها الآن 22 في المئة من اليهود فقط. لكن 19 في المئة منهم يعيشون في بضع مدن، والباقي 3 في المئة فقط في الريف. هذا يعني أن 160,000 يهودي يسرحون ويمرحون على أرض هي ملك 5,250 لاجيء (أرقام 2000)، وهؤلاء لا يزالون مكدسين في المخيمات على بعد بضعة كيلو مترات.

إذن لو عاد اللاجئون كلهم إلى ديارهم، لأمكن استيعاب غالبيتهم في المنطقة (3). وعندئذ تزيد كثافة السكان فيها من 82 إلى 246 شخصاً في الكيلو متر المربع وهو رقم معقول. أما زيادة الكثافة في إسرائيل ككل فتزيد من 261 إلى 482 شخصاً/كم2، ولا تتأثر المناطق اليهودية بذلك إلا أقل تأثير.

ويكون الأمر أبسط من ذلك لو وضعنا برنامجاً مرحلياً لعودة اللاجئين استوعبت إسرائيل مليون روسي من دون أن يزدحم مطار بن غوريون بهم في يوم من الأيام. لو فرضنا أننا استوعبنا مليون لاجيء من المناطق التي تؤذن بالانفجار فيأي لحظة، بعودة 329,000 لاجيء مسجل في وكالة الغوث من لبنان إلى الجليل، و679,000 لاجيء مسجل من غزة إلى جنوب فلسطين/إسرائيل، لوجدنا الآتي: في حال عودة لاجئي لبنان لن تتأثر المنطقة اليهودية في (1) على الإطلاق، ولزادت كثافة المنطقة (2) بمقدار 6 في المئة فقط وأمكن استيعاب معظم اللاجئين في الجليل في قراهم الأصلية في المنطقة (3) التي ستزيد حينئذ كثافتها من 82 إلى 96 شخصاً/كم2 فقط ولبقي اليهود غالبية السكان بنسبة 76 في المئة في البلاد، وهذا ما يحرصون عليه أشد الحرص.

وفي حال عودة اللاجئين من غزة إلى جنوب فلسطين / إسرائيل ( قضاء غزة وبئر السبع )، لن تتأثر المنطقة اليهودية (1) أيضاً، ولزادت كثافة المنطقة (2) بمقدار 4.5 في المئة فقط وأمكن استيعاب جميع اللاجئين من غزة في المنطقة (3) في الجنوب وحينئذ تزيد كثافتها من 82 إلى 108 أشخاص /كم2. ويبقي اليهود غالبية في البلاد بنسبة 72 في المئة.

بل أن عودة اللاجئين إلى مزارعهم – وهم الذين جبلوا على الزراعة لعدة قرون – ستعطي ناتجاً زراعياً أعلي بكثير من الناتج الزراعي الإسرائيلي المنخفض نتيجة الكيبوتس الذي لا يتجاوز إنتاجه الزراعي 4 في المئة من قيمة الصادرات، أو 1.8% من الناتج المحلي لإسرائيلي.

وهكذا فإن خرافة ازدحام البلاد في كل أطرافها ليس لها أساس من الصحة، والغرض من أشاعتها هو الحفاظ على الأراضي فارغة، لإسكان مهاجرين جدداً.

والخرافة الأخرى التي تدعيها إسرائيل أن الحدود والأملاك ضاعت ويصعب تحديدها. وهذا هراء. إذ لا توجد بلاد في الشرق العربي أكثر دراسة وتخطيطاً من فلسطين. فالخرائط البريطانية أيام الانتداب شملت كل المدن والقرى بتفصيل دقيق. والسجلات البريطانية ساعدت جارفس خبير الأمم المتحدة على تسجيل ملكية نصف مليون مالك. والخرائط البريطانية نفسها أصبحت أساساً لخرائط إسرائيل ورصدت عليها إسرائيل كل تغيير حدث لفلسطين منذ عام 1948.وتحتفظ " إدارة أراضي إسرائيل " بسجلات الأملاك القديمة وتسجل ما حدث لها من تأجير واستغلال. وبموجب هذا تؤجر الأراضي للكيبوتس والموشاف.

القضاء عدد القرى المهجرة عدد اللاجئين عام 1948 عدد اللاجئين عام 2000
عكا 30 47,038 306,753
الرملة 64 97,405 635,215
بيسان 31 19,602 127,832
بئر السبع 88 90,507 590,231
غزة 46 79,947 521,365
حيفا 59 121,196 790,365
الخليل 16 22,991 149,933
يافا 25 123,227 803,610
القدس 39 97,950 638,769
جنين 6 4,005 26,118
الناصرة 5 8,746 57,036
صفد 78 52,248 340,729
طبرية 26 28,872 188,285
طولكرم 18 11,032 71,944
المجموع 531 804,766 5,248,185

أي أن 85% من أهالي الأرض التي اقيمت عليها إسرائيل أصبحوا لاجئين 000

جدول رقم 1

أين ينتظر اللاجئون الفلسطينيون العودة إلى الوطن؟

مكان اللجوء الفلسطينيون كافة اللاجئون منهم
فلسطين 1948 (إسرائيل) 1,012,547 (250,000) لاجيء داخلي
قطاع غزة 1,066,707 813,570
الضفة الغربية 1,695,429 693,268
الأردن 2,472,501 1,849,666
لبنان 456,824 433,276
سوريا 494,501 472,475
مصر 51,805 42,974
السعودية 291,778 291,778
الكويت 40,031 36,499
باقي الخليج 112,116 112,116
العراق وليبيا 78,884 78,884
الدول العربية الأخرى 5,887 5,887
امريكا الشمالية والجنوبية 216,196 183,767
باقي العالم 275,303 234,008
المجموع 8,270,509 5,248,186

أي أن الفلسطينيين لاجئون، محرومون من العودة إلى ديارهم لأنهم ليسوا يهودا، بينما يتدفق آلاف المهاجرين من روسيا والحبشة وغيرها ليعيشوا في بيوتهم وعلى أرضهم 000

جدول رقم 2

كم هي أرضهم؟

كم هي أرضهم دنم
الأرض اليهودية عام 1948 1,682,000
أرض الفلسطينيين الذين بقوا 1,465,000 (نصفها صادرته إسرائيل)
أرض الفلسطينيين الذين طردوا 17,178,000
مجموع إسرائيل 20,325,000

هذا يعني أن 92% من الأرض التي أقيمت عليها إسرائيل هي أرض فلسطينية 000

جدول رقم 3

لماذا نزحوا؟

حسب الملفات الإسرائيلية: عدد القرى
الطرد على يد القوات اليهودية 122
الهجوم العسكري اليهودي المباشر 270
الخوف من هجوم يهودي متجه نحو القرى 38
تأثير سقوط مدينة قريبة 49
الحرب النفسية 12
الخروج الاختياري 6
غير معروف 34
المجموع 531

أي أن 90% من القرى نزحت بسبب هجوم عسكري يهودي 000

جدول رقم 4

أوضاع اللاجئين في أماكن الشتات:

عندما فجع العالم العربي بنكبة فلسطين عام 1948، استقبل العرب أفواج اللاجئين في ما تبقي من فلسطين وفي البلاد العربية المجاورة بالترحاب والمشاركة المعنوية والمادية. سكن اللاجئون أولاً لدي أقاربهم ومعارفهم وفي المبان الخالية وفي المعسكرات والمساجد. وبعد إنشاء وكالة الغوث عام 1950، أقيمت لهم خيام، ثم مساكن مبنية في أراض خصصتها الحكومات العربية. وبينما كان عدد اللاجئين عام 1948 حوالي مليون، أصبح عددهم اليوم 5.25 مليون موزعين في أنحاء العالم على النحو الآتي (أرقام 1988 أي بعد مرور نصف قرن على النكبة ).

المسجلون منهم اللاجئون المكان
فلسطين 1948 (إسرائيل) 250,000 -
قطاع غزة 766,000 766,000
الضفة الغربية 652,000 587,000
الأردن 1,172,000 1,472,000
لبنان 408,000 393,000
سوريا 445,000 383,000
باقي البلاد العربية 534,006 -
البلاد الأجنبية 393,003 -
المجموع 5,191,000 3,602,000

تعيش أكبر مجموعة من اللاجئين في الأردن بنسبة 34% من مجموع اللاجئين أو 41% من المسجلين لدي وكالة الغوث. وقد أصبح غالبهم مواطنين أردنيين عندما ضم الملك عبدالله، عاهل الأردن آنذاك، الضفة الغربية بناء على قرارات المؤتمر الشعبي الذي عقد في عام 1950، وقد احتجت بعض الدول العربية على هذا الضم خشية ضياع الحقوق الوطنية الفلسطينية وإلغاء الكيان الفلسطيني. ولذلك صدرت إشارة في قرار الضم أنه بناء على رغبة الفلسطينيين وأنه لا ينقص من الحقوق الفلسطينية في أي شيء.

وفي عام 1955 أصدرت الجامعة العربية قراراً يمنع الدول العربية من السماح بالجمع بين جنسيتين عربيتين وأنه لا تمنح الجنسية العربية للاجيء الفلسطيني حفاظاً على هويته.

ويعامل القانون الأردني الفلسطينيين في الأردن المواطنين فيها مثل معاملة الأردنيين من أصل شرق أردني. أما من ناحية التطبيق العملي فالأمر مختلف تماماً، إذ يصعب على الفلسطينيين الحصول على وظائف حكومية بنسبة تقارب عددهم، كما يقل عددهم في البرلمان ويكاد ينعدم في الوظائف الحساسة. وهذا ما سبب ويسبب كثيراً من الاحتكاكات.

وفي لبنان، يقاسي اللاجئون كثيراً لاسباب اقتصادية وسياسية. ونظراً لتركيبة لبنان الطائفية والحرب بين الطوائف وبعضها وبينها وبين الفلسطينيين وخروج منظمة التحرير من لبنان، وانحسار نفوذ ياسر عرفات خصوصا بعد اتفاق أوسلو، وصل الوضع السياسي للاجئين في لبنان إلى الحضيض. فقد أقفلت عليهم المخيمات، وقيدت تحركاتهم، ولم تعد لهم مرجعية سياسية واحدة، بل إنفردت كل فئة بالسيطرة على اعضائها دون تنسيق مع الآخرين.

أما من الناحية الاقتصادية فقد وصلت إلى الحضيض أيضا، بسبب خروج المنظمة التي كانت تنفق الأموال على الخدمات الاجتماعية، وبسبب منع الحكومة اللبنانية الفلسطينيين من مزاولة 73 مهنة، وبسب تخفيض خدمات وكالة الغوث التي أحجم المانحون الأوربيون والأمريكيون عن تقديم الدعم الكافي لها، خدمة لأهداف أوسلو وللضغط على الفلسطينيين لقبول التنازل عن معظم حقوقهم.

وفي سوريا، يتمتع اللاجئون بكافة الحقوق المدنية التي يتمتع بها المواطن السوري. لكن نشاطهم السياسي محكوم بالسياسة السورية ومراقب بشدة. فلا يسمح بالتجمعات أو تكوين جمعيات أو التعبير الحر إلا في أضيق الحدود.

وفي الضفة وغزة، كان اللاجئون والمواطنون تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، وعندما أنشئت السلطة الفلسطينية عام 1994، حصل انتعاش سياسي واقتصادي، لكنه ما لبث أن انتكس نتيجة للقمع السياسي لكل من يعارض اتفاقية أوسلو، ونتيجة للفساد الذي يمارسه بعض أصحاب النفوذ في السلطة الجديدة. على أن أكبر عامل هدم الاقتصاد وسلب الحريات كان اجراءات الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة في إقفال الطرق وتطويق المدن، وهدم المنازل، والقبض العشوائي على المواطنين، وقنص واغتيال قادتهم، وبناء المستوطنات وإطلاق حرية قطعان المستوطنين للعبث فساداً وتطبيق كل عناصر العنصرية الإسرائيلية الفاشية.

ورغم أن الاونروا كانت الثابت الوحيد في حياة اللاجئين منذ إنشائها عام 1950، إلا أن خدماتها بدأت في التدهور من عدة نواح منها العجز في ميزانيتها بسبب تلكؤ المانحين في الدفع حسب المعدلات السنوية، وزيادة عدد السكان التي تستوجب زيادة المنح، لا خفضها. ومن الجدير بالذكر أن امريكا وألمانيا هما أكثر دولتين إخلالاً بواجبهم. وامريكا أكبر مانح، حفاظاً على أمن إسرائيل وحماية لمصالحها الاستراتيجية، فهي تدفع 74 مليون دولار سنوياً للاجئين الذين يبلغ عددهم 3.6 مليون شخص، أي 20 دولار في السنة لكل لاجيء. لكنها بالمقابل تدفع 80 مليون دولار سنوياً للمهاجرين الروس القادمين لكي يعيشوا في بيوت اللاجئين الفلسطينيين، أي بمعدل 1230 دولار في السنة للروسي، وهو ما يساوي 60 ضعفاً لما تدفعه للفلسطيني.

أما المانيا فقد خفضت مساهمتها السنوية من 8 مليون دولار سنويا إلى 5 فقط، بينما دفعت تعويضات لإسرائيل بما قيمته 102 مارك الماني حسب اتفاقية لكسمبورج عام 1951، وتدفع 10 مليار مارك تعويض عما يسمي " بعمال السخرة " (عدا عن مساهمتها في التعويضات السويسرية البالغة 1.25 مليار دولار). هذا بالإضافة إلى أن المانيا قدمت إلى إسرائيل هدية عبارة عن 3 غواصات مجهزة بأحدث التقنيات.

أما أكثر الدول سخاء فهي الدول الاسكندنافية التي تدفع أعلي نسبة بين دول العالم من دخلها القومي مساعدات للاونروا.

وتبقي الاونروا هي المؤسسة الدولية التي تمثل حقوق اللاجئين قانوناً وتاريخاً ومعنوياً. ويعمل بها حوالي 22,000 موظف كلهم، ما عدا مائة وبضعة، فلسطينيون.

أما الفلسطينيون في البلاد العربية الأخري وخصوصاً الخليج فهم يعملون هناك بسبب كفاءتهم العالية وإخلاصهم في العمل، وليس بموجب تسهيلات سياسية. بل على العكس، كانت الاوضاع السياسية، ولازالت، أكبر عائق لوجودهم أو بقائهم أو شعورهم بالأمن والاستقرار. ففي حرب الخليج الثانية (غزو الكويت) طردت أعداد كبيرة من دول الخليج، ومنعت عودة 350,000 فلسطيني كانوا في الكويت وخرجوا أثناء احتلالها. ولايزال دخولهم إلى دول الخليج مقيداً ومحدداً جداً.

أما الفلسطينيون في أوربا وأمريكا فقد زاد عددهم كثيراً بعد غزو الكويت، ومصدر الزيادة ليست دول الخليج فحسب ولكن من لبنان أيضا. وتوجد الآن جاليات كبيرة في معظم الدول الأوربية تتراوح بين 5000 في فرنسا إلى 15,000 في اسكندنافيا إلى 30,000 في المانيا. وتوجد جالية عربية في انجلترا لا تقل عن 250,000 نسمه، نسبة كبيرة منها فلسطينيون. وفي أمريكا الشمالية توجد جالية فلسطينية تتجاوز 150,000 وفي أمريكا الجنوبية أكثر من ذلك، خصوصاً تشيلي التي تعيش فيها أكبر جالية فلسطينية في العالم عدا دول الطوق، ولكن ليست كلها من اللاجئين بل معظمهم مهاجرين قدامي.

وقد امتازت هذه الجاليات في أوربا وأمريكا بالنشاط الاجتماعي والسياسي، بسبب ممارسة الديموقراطية. وقد تطور هذا بسبب سهولة الاتصال وحشد الجهود بواسطة الانترنت. كما لعبت الفضائيات العربية دوراً كبيراً في نقل الأخبار والأفكار. وخلال النصف الأول من عام 2000 شهدت معظم عواصم العالم تظاهرات مؤيدة لحق العودة، وزيادة في نشاط اللوبي لدي الاحزاب والبرلمانات في تلك البلاد. وقد تضاعف هذا كثيراً بعد انتفاضة الأقصى ( انتفاضة 2000)، وظهرت أول آثارة في الجهد الموحد للعرب والمسلمين في الانتخابات الامريكية (7 نوفمبر 2000).

ولاشك أن السنوات القادمة ستشهد تطوراً كبيراً في هذا الميدان ستكون له آثار هامة، خصوصاً عندما تتآزر هذه مع المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي.وتبقي نشاطات الجاليات الفلسطينية في الدول العربية، رغم زيادتها، من أقل النشاطات بسبب اجراءات الأنظمة العربية.

المواقف العربية من قضية اللاجئين

كان الموقف العربي ثابتاً حول ضرورة عودة اللاجئين إلى ديارهم. هذا الثبات على الموقف أقدم مما يبدو لأول وهلة.

أولاً، إن سبب دخول القوات العربية إلى فلسطين عام 1948 هو إنقاذ الفلسطينيين من مجازر إسرائيل وإعادتهم إلى ديارهم. في مارس 1948 قبل انتهاء الانتداب، كان كثير من الدول العربية غير راغب في دخول فلسطين، وبالقطع غير مستعد لذلك. ولكن بسبب المظاهرات التي عمت العواصم العربية (مثلما تكرر في انتفاضة الأقصى) أُجبرت بعض الدول العربية مثل مصر والعراق ولبنان على الدخول إلى فلسطين. (سوريا كانت ستدخل لاسباب عربية وقومية والأردن لتنفيذ خطة الملك عبدالله في ضم جزء من فلسطين ).

وفي مفاوضات لوزان (1949 – 1951) بعد الهزيمة، أبدي العرب استعدادهم لعقد معاهدة سلام مع إسرائيل بشرط عودة اللاجئين، ولكن بن جوريون رفض عرض السلام لانه معناه عودة اللاجئين.

وعندما عرضت مشاريع التوطين في البلاد العربية رفضتها الحكومات العربية مع بعض الفروقات. أبدي الأردن استعداده لتوطين عدد من اللاجئين في الضفة الغربية بقدر ما تتراجع إسرائيل عن خط الهدنة، لإيجاد مكان لسكني هؤلاء تحت سيادة الأردن. بمعني أنه مثلاً لو تراجعت إسرائيل عن احتلال 78% من فلسطين إلى 54% وهي النسبة المخصصة للدولة اليهودية في مشروع التقسيم، لأمكن للأردن استيعاب على الأقل 300,000 لاجيء هم سكان المنطقة المتراجع عنها.

وقد وافق حسني الزعيم عام 1949 على مشروع خطة للاعتراف بإسرائيل وتوطين اللاجئين لديه بشرط دعم مادي وسياسي لحكمه من الولايات المتحدة، ولكنه لم يعش لينفذ هذه الخطة، بالإضافة إلى أن بن جوريون لم يقبل عرضه.

باستثناء هذه الحوادث الهامشية، فإن الدول العربية أصرت دائماً على حق اللاجئين في العودة في الأمم المتحدة، ولذلك صدرت قرارات كثيرة تؤيد هذا الحق.

المواقف الدولية والإسرائيلية من قضية اللاجئين:

الموقف الدولي العام تمثل فيما صدر من قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد الحقوق الفلسطينية، ولذلك لا يوجد موقف دولي عام مخالف للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

أما موقف الدول الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وهولندا فهو منحاز لإسرائيل. وكانت اقتراحاتها لحل مشكلة اللاجئين مستوحاة من المصالح الإسرائيلية. أما الآن فإن الحلول التي تطرح هي حلول إسرائيلية تتبناها بالكامل الولايات المتحدة، ولا تعارضها الدول الأوربية، وكلهم يختبيء وراء شعار "حسب ما يتفق عليه الطرفان: الفلسطيني والإسرائيلي". وهذا معناه إسقاط مرجع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، والقبول بالحل الذي يفرضه الإسرائيليون على الفلسطينيين بموجب الفارق الهائل في ميزان القوة العسكرية. أو بكلمات أكثر بساطة: تقول الدول الغربية، ليس لدينا مانع لو طرحت إسرائيل الفلسطينيين أرضاً وأجبرتهم على توقيع وثيقة استسلام.

الحل الذي تعرضه إسرائيل في أكثر من أربعين صيغة منذ عام 1949 يتلخص في الآتي: عدم عودة اللاجئين إلى ديارهم خلا أعداد ضئيلة لأسباب دعائية، توطين اللاجئين أو ترحيلهم إلى أماكن أخري، تعويض اللاجئين بمبالغ تافهة ثمناً للوطن، وتدفع الدول الغربية هذا الثمن، ويبقي الوطن بما فيه وما به وما عليه ملكاً شرعياً لإسرائيل.

تفترض مشاريع التوطين أن الفلسطينيين ليسوا شعباً، فهم حفنة من العرب يمكن أن يعيشوا في أي مكان ؛ لا توجد فلسطين، إنما هذه أرض إسرائيل ؛ اليهود يستحقون هذه الأرض لأنه حاربوا عنها كما أنهم طوروا الأرض وبنوا عليها.

آخر مشاريع التوطين هو الاقتراح الذي قدمته المحامية اليهودية الروسية الأمريكية دونا آرزت، وتبناه مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، وطاف به على الدول العربية، ولكنهم جميعاً رفضوه، مثل ما فعل اللاجئون في كل المشاريع السابقة.

تقترح آرزت شحن 1.5 مليون لاجيء إلى أماكن عديدة، وتوطين عدة ملايين حيث هم، بحيث لا يعود أحد إلى إسرائيل إلا عدد رمزي، ويرحّل معظم لاجيء لبنان، ويبقي معظم لاجيء سوريا، ويخفف عدد لاجيء غزة بإرسالهم إلي الضفة الغربية، ويضاف إلى الضفة عدد من الأردن حتى تصل طاقة الضفة إلى غايتها، ويرحّل الآخرون إلى الخارج. ولتحلية مرارة المشروع، تقترح آرزت منح كل فلسطيني أينما كان جوازاً فلسطينياً حتى يمكنه زيارة دولة فلسطين العتيدة التي ستقام على أجزاء من الضفة.

إن هذا المشروع وامثاله يقع تحت طائلة جرائم الحرب، ويفترض أن يجلب مروجوه إلى محكمة جرائم الحرب لمعاقبتهم. إن توطين اللاجئين القسرى جريمة من جرائم الحرب. بل إن استيطان المحتلين للمناطق المحتلة مثل الضفة وغزة جريمة من جرائم الحرب. كما أن عمليات التطهير العرقي وطرد الأهالي من ديارهم جريمة من جرائم الحرب، وهذا ما اقترفته إسرائيل عام 1948.

ثم تقترح إسرائيل "تعويض" اللاجئين، من باب الإنسانية وليس من باب المسئولية القانونية. والمطالع لخطة إسرائيل في التعويض يدرك تماماً أن هذه واحدة من الخدع الإسرائيلية التى تلجأ لها إسرائيل كالعادة.

أولاً، تقدّر إسرائيل قيمة الاملاك الفلسطينية بمقدار 2% من قيمتها الحقيقية.

ثم إنها تدعي أنها لا تملك المال اللازم، لذلك فهي تطلب من أوربا وأمريكا وربما بعض الدول العربية إنشاء صندوق دولي للتعويض. ورغم أنها لن تدفع شيئاً يذكر، فإن إسرائيل تصر على أن تكون صاحبة القرار فيمن يستحق التعويض وقيمته. وتؤكد إسرائيل على أهمية المرحلية بمعني أنه عند دفع أول مليون دولار، يجب هدم مخيم للاجئين وشطب قائمة من أسمائهم وإغلاق وحل مكاتب الاونروا في هذا المكان، ولا يتم دفع المليون الثاني قبل عمل ذلك، بحيث لا يبقي للاجئين أي أثر عند دفع آخر مبلغ. وتطلب إسرائيل من السلطة إجبار اللاجئين على قبول هذا الحل، وتكون السلطة مسئولة عن أي مطالب لهم، ثم تحدد فترة معينة للاجئين يسقط بعدها حقهم في أي مطالبة إن تأخروا أو لم يتقدموا بأي مطالبات.

وهذا الطرح مليء بالمغالطات والمخالفات القانونية ( كما سيأتي بيانه )، كما أن الفلسطينيين لم يعرضوا وطنهم للبيع، وإلا لما بقوا في المعاناة والشتات لأكثر من خمسين عاماً. وغرض إسرائيل من هذا الطرح هو الاستحواذ على رقعة فلسطين ملكاً شرعياً لهم بتوقيع صاحب الحق مقابل مبالغ تافهة تدفعها أطراف أخري.

ما هي الحقوق الفلسطينية إذن؟

لقد تحمل الفلسطينيون آلام النكبة وويلات الحروب والتشريد والاحتلال من أجل هدف واحد: هو الإصرار على تحقيق حقوقهم الثابتة غير القابلة للتصرف.

أهم هذه الحقوق هو حق العودة إلى البيت والأرض والموطن الذي طرد منه اللاجيء الأصلي أو غادره لأي سبب. وهذا الحق حق أساس وليس مجرد حق سياسي، لان الحق السياسي يمنح أو يمنع، أما الحق الأساس فهو حق ثابت غير قابل للتصرف.

وحق العودة نابع من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، ومن قرار الأمم المتحدة رقم 194 الشهير الذي لايزال يؤكده المجتمع الدولي كل عام. وكذلك فإنه نابع من حق الملكية الخاصة وحرمتها التي لا تنقضي بمرور الزمن أو الاحتلال أو السيادة أو أي إتفاق سياسي.

وحتى قرار 181 القاضي بتقسيم فلسطين، والسابق لقرار 194، لا يتعارض مع القرارات اللاحقة، لان قرار 181 يقضي بحق المواطن العربي في دولة يهودية والعكس، في أن يأمن على نفسه وملكيته وحقوقه المدنية والسياسية دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو أي سبب آخر.

كما يحق للاجئين التعويض عن كل الأضرار المادية والنفسية التى تعرضوا لها على يد إسرائيل خلال خمسين عاماً. وعكس ما تقصد إسرائيل، فإن التعويض ليس مطلوباً من قيمة الأرض والممتلكات، فالوطن لا يباع.

ومبدأ التعويض هو إعادة الشيء إلى أصله أو التعويض عن قيمته إذا استحالت إعادة الشيء إلى أصله. ويستحق اللاجئون عدة أنواع من التعويض: التعويض عن الخسائر المادية الفردية، وهي الدمار الذي لحق بالأملاك والدخل المستحق من استغلالها لمدة خمسين سنة، والخسائر المعنوية الفردية مثل التشريد والتشتيت والمعاناة النفسية، والخسائر المادية الجماعية مثل الطرق والمواني والمطارات والمياه والثروة المعدنية، والخسائر المادية المعنوية مثل فقدان الهوية وفقدان السجلات والحرمان من الأماكن المقدسة والحضارية.

وعلى سبيل المثال تبلغ قيمة الأملاك الفلسطينية الشخصية في الوقت الحالي ما لا يقل عن 560 مليار دولار. ومن هذا يمكن حساب الدخل المستحق للاجئين.

ويضاف إلى التعويض المبالغ المستحقة عن جرائم الحرب مثل القتل والتعذيب وتدمير القرى والمدن، والجرائم ضد الإنسانية مثل ترحيل الأهالي أو معاملتهم معاملة عنصرية أو قيامهم بأعمال السخرة، والجرائم ضد السلام مثل التخطيط للعدوان والتحريض عليه والمبادرة به.

وقد اقترفت إسرائيل كل هذه الجرائم. وقد أصبح ممكناً محاكمة المسئولين عن هذه الجرائم بعد إعلان ميثاق روما عام 1998 الذي أنشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية.

ويجب الا يخلط أحد بين العودة والتعويض فليس أحدهما بديلاً عن الآخر. واللاجئون يستحقون حق العودة والتعويض أيضاً. ومنعاً لهذا الالتباس، فإن حق العودة واجب النفاذ أولاً، وبعده يتم التعويض. وعكس ما تطرحه إسرائيل، فإن واجب دفع قيمة التعويض يقع على إسرائيل نفسها وليس على صندوق دولي، مما أكده نفس القرار 194، ثم إن قيمة التعويض ليس ما تفرضه إسرائيل، بل يتم حسابه بموجب الاعراف الدولية والمحاسبية. ثم إنه لا يجوز تسليم التعويض إلى حكومة أو سلطة، بل هو حق فردي لكل شخص متضرر، ولا تجوز فيه النيابة. ثم إنه عكس ما تدعي إسرائيل، لا يسقط بمرور الوقت، ولذلك لا يجوز تحديد مدة معينة للمطالبة به.

ويبقي على اللاجئين أن يستمروا في المطالبة بحقوقهم الشرعية التي يؤيدها القانون الدولي، ولا يخضعوا لمقدرات فترة من الزمن، لابد أنها عابرة، لتفوق القوة العسكرية الإسرائيلية التي تريد أن تطأ على كل المقدسات والشرعية الدولية.

ويجب أن ينظم اللاجئون أنفسهم ويحشدوا كافة طاقاتهم المادية والمعنوية، فهي كثيرة وهامة، وتقلق بال اعداءهم. وعليهم الا يستهينوا بهذه القوة، وقد أصبح الآن من الممكن تنظيمها في جمعيات أهلية تحرك الرأي العام المحلي والعالمي مستفيدة بذلك من شبكة الانترنت والفضائيات، وازدياد القوة الشعبية لحقوق الإنسان في كثير من البلاد، التي أصبحت تعمل بمثابة برلمانات موازية.

وقد شهد عام 2000، أكثر مما سبقه، أمثلة كثيرة على أهمية حشد الطاقات الشعبية المحلية والعربية والإسلامية والعالمية، سواء من حيث المسيرات والمظاهرات، أو المرافعات في المحافل الدولية، أو المقاومة المدنية.

وفي المجتمعات غير الديموقراطية، ينجح هذا النشاط في تغيير مسار الانظمة، خوفاً من غضبة الشعب. وفي المجتمعات الديموقراطية الغربية، يؤدي هذا النشاط إلى تصحيح صور الإعلام المغلوطة ويفضح التحيز وأنصار العنصرية، كما أنه يؤثر على القرارات البرلمانية.

ومن بين التجمعات الفلسطينية التي تمت الدعوة إليها منذ عام 1995 وتم تسجيلها في لندن، "هيئة أرض فلسطين" التي تختص بتوثيق الحقوق الفلسطينية من أرض أو ممتلكات أو حقوق معنوية، ووضع الخطط القانونية للمطالبة بها، وتمثيل أصحاب هذه الحقوق بممثلين عن كل قرية ومدينة. وهذه الهيئة غير سياسية لانها تحافظ على الحقوق الأساس، وتتعاون مع جميع الحكومات المحلية والأجنبية ومنظمات الأمم المتحدة. وقد وجدت هذه الهيئة صدي كبيراً عند إشهارها.

كل هذه النشاطات الشعبية ضرورية وهامة، ولكنها واحدة من الوسائل الكثيرة المتاحة للمطالبة بالحق، بل انـتزاعها، ولايزال في مقدمة هذه الوسائل المقاومة الفلسطينية الفعالة ذات الكفاءة والتنظيم، لا غني عن ذلك.