السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

الاخوة الكرام على أرض الوطن

تحية طيبة لكم من العقل والوجدان وأنتم على ثرى الوطن الغالي في غزة الصامدة.

غزة هى فلسطين في المعنى والمبنى. غزة هى المكان الوحيد على أرض فلسطين الذى لم يرفع طوعاً إلا علم فلسطين.

غزة التى بدأ فيها العمل الفدائي لمحاربة العدو الصهيونى بعد النكبة، والتى تكوّن فيها أول تجمع سياسى للاجئين تحت اسم "اللجنة التنفيذية لمؤتمر اللاجئين".

غزة التى اندلعت فيها أول انتفاضة ضد المشروع الدولى المصرى لتوطين اللاجئين في غرب سيناء عام 1954-1955، واعُتقل فيها العشرات ونُفى بعضهم، لانهم يرفضون التوطين ويصرون على العودة إلى الوطن. وهذا درس للمرجفين في بعض وسائل الاعلام.

غزة التى استقبلت دعاة التحرر من الاستعمار وقادة المقاومة مثل جواهر لال نهرو وشي جيفارا في اواخر الخمسينات.

غزة التى وُقّع فيها ميثاق حكومة عموم فلسطين، والتى انتخب فيها أول مجلس تشريعى في تاريخها الحديث، والتى أرسلت أول وفد فلسطينى إلى الأمم المتحدة عام 1961 يتكلم باسم فلسطين مباشرة.

غزة التى دفعت ثمن النكبة وهزيمة الجيوش العربية، إذ أصبحت الملاذ الوحيد لـ 247 قرية في جنوب فلسطين هُجّر أهلها اثناء الغزو الصهيونى عام 1948 ودفعت من دم شبابها الابرياء ثمن العدوان الثلاثي عام 1956 ولا تزال تدفع ثمن هزيمة العرب عام 1967 إلى يومنا هذا.

لهذه الاسباب يحاصرون غزة ويدمرون غزة ويحاربون غزة، كلهم، إن كانوا اعداء أم أصدقاء.

لان غزة هى فلسطين، هى الهوية، هى الوطن، هى المقاومة. هى رفض الذل والاستسلام، هى الاصرار على الثوابت البديهية، وهى: فلسطين بلادنا من راس الناقورة إلى أم رشرش، ونحن فلسطينيون أهل هذه الأرض، كنا وسنكون. نحن أهل 1,100 مدينة وقرية، نحن الذين صنعنا 12,000 مقام وأثر تاريخي في فلسطين، نحن الذين صنعنا 30,000 إسم مكان في فلسطين. هذا وطننا وهذه هويتنا.

من أجل مقاومة هذه البديهية، نشأت عقيدة الصهيونية التى أسسها جابوتنسكى عام 1923 ومشى على خطاه بن جوريون، وديان وشارون ونتانياهو.

هذه العقيدة تقول " إنه لن يَقْبل شعب في أرضه بمحتل أجنبى لبلاده. وذلك لابد من ضرب أهل البلاد بلا هوادة حتى ييأسوا من قدرتهم على مقاومتنا، ثم نقيم حولنا جداراً حديدياً، وسيأتون بعدنا للمفاوضة معنا".

ومن هنا خلقت أوسلو سيئة الذكر. أوسلو أبشع جريمة في تاريخ فلسطين، أبشع من وعد بلفور، لانه وعد بلفور اتفاق سرى بين طرفين استعماريين في غياب صاحب الحق. أما أوسلو فقد اعترف فيها صاحب الحق ولو ضمناً بأن المحتل هو أيضاً صاحب الحق. لقد كانت صنواً لاتفاقيات حكومة فيشى الفرنسية مع الاحتلال النازي. بل ان بروتوكول باريس الاقتصادى الذى وقعه أحمد قريع هو نسخة من اتفاق بنفس الاسم: بروتوكول باريس عام 1941 بين حكومة فيشى المتعاونة والنازيون المحتلون.

لقد نجحت الصهيونية في احتلال الأرض، وتحاول الآن احتلال العقول. ولكنها لن تنجح. وهذا دورنا وواجبنا.

وأول المهمات الملقاه على عاتقنا هو تجميع قوى الشعب الفلسطينى الذى تفرق جغرافياً وسياسياً، وهذا لا يكون إلا بانتخاب مجلس وطنى جديد يمثل 12 مليون فلسطينى في العالم. لقد حاولنا منذ عام 2000 الدعوة إلى انتخاب هذا المجلس. ولا يزال هذا هو المطلب الأول. الاعذار التى تقال لنا واهية، وغرضها سلب إرادة الشعب الفلسطينى عن طريق ممثلين غير معترف بهم. وحجة المصالحة واهية أيضاً. لان كل اعضاء التنظيمات لا يتجاوز عددهم 2% من الشعب الفلسطينى والباقون لا صوت لهم. والمصالحة في وضعها الحالى لن تنجح لان برنامج الطرفين مختلف جداً لا يمكن التوافق عليه. احدهما يريد تحرير فلسطين والآخر يريد التعايش مع الاحتلال. والحكم الوحيد في هذا الأمر هو الشعب الفلسطينى الذى سيقرر لاشك أن فلسطين هى وطنه وأن تحريرها وعودة أهلها إلى الوطن هى الثوابت التى لن يتنازل عنها وان مرجعه هو الميثاق الوطنى الفلسطينى لعام 1969. أما هؤلاء الذين يرون في أرض فلسطين خمُسها وفي شعب فلسطين خمس شعبها، فإن الشعب لن يقبلهم.

ولو لم يتم انتخاب مجلس وطنى جديد بالسرعة اللازمة، فلابد كمرحلة أولى من إعادة بناء مكونات الشعب الفلسطينى بواسطة النقابات والجمعيات والتجمعات السياسية والجغرافية والثقافية، وأولها "انشاء المجلس الشعبي للاجئين الفلسطينيين لسبعة ملايين لاجئ" الذى سيكون من أولى مهماته الدفاع عن حق العودة من كل تفريط وعن حقوق اللاجئين في كل المنابر الدولية والمحلية. وهذا ليس انتقاصاً من دور المجلس الوطنى الجديد ولا من مهمات المنظمة عندما يعاد بناؤها، بل هو حجر بناء كبير في هذا الصرح.

إن الواجبات الملقاة على عاتق المجلس الوطنى الجديد كبيرة كبيرة، بحجم قضيتنا المقدسة، ولازالة ركام الدمار والفساد الذى خلفه ربع قرن من الخروج عن الخط الوطنى.

ومن هذه الواجبات تربية النشئ تربية وطنية سليمة، وتنظيمه ليكون قوة ضاربة في الحرب والسلم وإعادة الاحترام والصدارة إلى قضيتنا الفلسطينية رسمياً وشعبياً، والتواصل مع برلمانات العالم والجهات الشعبية المساندة، ومطاردة مجرمي الحرب الإسرائيليين وتقوية مقاطعة الكيان BDS وتقوية الإعلام الفلسطيني المحترف، وانشاء مراكز البحث والجامعات والمراكز الإلكترونية العابرة للحدود والصناعات المرتبطة بها، وغير ذلك كثير مدروس ومعلوم.

أيها الاخوة

إن صراعنا مع الصهيونية خلال سبعة عقود يعلمنا عدة اشياء:

أولها: إن حق العودة مقدس في وجدان كل فلسطينى، وقانوني بموجب الشرائع السماوية والدولية والوطنية، وممكن، كما أثبتت خططنا المفصلة نحو ذلك. وأن هدف الصهيونية الأول هو القضاء على حق العودة.

وثانيها: إن التخطيط الصهيوني لكل عمل عدواني أو حرب كان وما يزال يتكون من فرق ثلاثة تعمل متآزرة في آن واحد: الفريق العسكرى لاعمال الحرب والفريق القانوني الدبلوماسي لاقناع الأمم المتحدة والدول الأجنبية والفريق الإعلامي لكسب الرأى العام.

هذا يعلمنا أن المقاومة يجب أن تكون شاملة في ميادينها الثلاثة في آن واحد، لا ينتقص من أيها شىء.

وثالثها: أنه لم يدخل جيش عربي واحد معركة لإنقاذ فلسطين بعد هزيمة 1948. وأن العبء كله وقع على الشعوب وأولها الشعب الفلسطينى وليس الحكومات. ولذلك فإن إعادة تعبئة الشعب الفلسطينى لمعركته المستمرة واجب أساسى. ونحن بالطبع نثمن مواقف الشعوب العربية والإسلامية وشرفاء العالم معنا، ولكننا يجب أن نكون دائما في الصف الأول.

ورابعها: أن معركة احتلال الأرض وإن حسمت مؤقتاً لصالح العدو، فأن معركة احتلال العقول لا تزال مستمرة. وقد كسبنا فيها في ميادين عدة. رغم أن الصهاينة ينفقون 300 مليون دولار لمكافحة الاعلام عن الحق الفلسطينى في الجامعات الامريكية وحدها.

أيها الاخوة

لقد أحزننى أنى رأيت في جدول أعمال احدى الندوات عن الشأن الفلسطينى بنداً يقول بحسن نية: مطلوب تحديد الهوية والهدف الوطنى؟ هذه كبوة لا تغتفر.

نحن فلسطينيون وأرضنا فلسطين. وكل خرافات الاساطير، وكل قوات المستعمرين، وكل أكاذيب الاعلام، لن تغير هذه الحقيقة الثابتة.

إذن لابد أن ندافع عن هذا الوطن. ومن لا يدافع عن وطنه لا يستحقه، وما ضاع حق وراءه مطالب.

والسلام عليكم ورحمة الله***